للمرة الأولى.. "ديدان الأرض" تهاجر إلى القطب الشمالي هربا من الحرارة


إسراء محمد
الاحد 13 اغسطس 2023 | 07:16 مساءً
ديدان الأرض
ديدان الأرض

بهجرة غير متوقعة، تركت ديدان الأرض ملاذها الآمن هربا من سخونة غير محتملة، وقررت اللجوء إلى القطب الشمالي للمرة الأولى.

ويئن باطن الأرض الآن بشكل واضح، ولو اقتربت قليلاً ربما ستسمع صوت استغاثات الكائنات التي تعيش تحتها، رغم أنها كانت تتمتع بالأمان منذ عقود، بسبب استفحال ظاهرة الاحتباس الحراري.

وكحال البشر باتت تلك الكائنات تبحث عن مأوى جديد؛ لكي تستقر فيه هرباً من ارتفاع درجات الحرارة، ومن بينها ديدان الأرض، والتي تقوم بدور كبير في تعزيز التربة.

وعمر دودة الأرض يعتمد على البيئة التي تعيش فيها، ومن ثم الأنواع التي تتمتع بأسلوب حياة صحي في الأراضي الزراعية يمكن أن تعيش حتى 8 سنوات، ولكن الذين يعيشون في حدائق المدينة تصل دورة حياتهم إلى عامين، وفي بعض الأحيان تموت إثر التغيرات المناخية التي تتعرض لها التربة مثل الفيضانات أو الجفاف، وفق موقع "Australian Broadcasting Corporation".

وفي الشتاء تبقى معظم الديدان في جحورها، ويظل البعض الآخر في حالة سكون داخل التربة، حتى ينتهي فصل الشتاء وتخرج مرة أخرى للحياة

عمياء وصماء

هل فكرت يوماً كيف يمكن لكائن يعيش بلا ذراعين أو ساقين أن ينجو عند التعرض للحرارة أو البرودة؟ تقول الأبحاث أإن ديدان الأرض ليس لها عيون وغير قادرة على السمع أيضا، لكنها تملك مستقبلات للضوء؛ لذا تستطيع تحديد الظلام أو الضوء، ويمكن لأجسامها أن تستشعر اهتزازات الحيوانات التي تتحرك بالقرب منها.

وبالنسبة للتنفس، فلا يوجد رئتين داخل جسم الدودة، ولكنها تتنفس من خلال الجلد؛ إذ يذوب الهواء على مخاط الجلد ويصل إليها الأكسيجين، ولذلك يجب أن يظلوا في حالة من الرطوبة؛ لأن الجفاف يمكن أن يؤدي إلى اختناقها في الحال.

وفي الشتاء تبقى معظم الديدان في جحورها، ويظل البعض الآخر في حالة سكون داخل التربة، حتى ينتهي فصل الشتاء وتخرج مرة أخرى للحياة، بحسب موقع "Journeynorth".

وتملك الديدان قدرة على التعايش في جميع الأوضاع الصعبة، حيث عادة ما تتحمل الظروف البيئية القاسية، غير أن ارتفاع حرارة باطن الأرض وبعض العوامل الأخرى فاقت التوقعات، ومن ثم فقدت السيطرة على الوضع وأصبحت تبحث عن بيئة جديدة للنجاة من التغيرات المناخية التي تفرض عليها ظواهر جديدة لم تتعرض لها من قبل.

تغير ديدان الأرض من بنية التربة ودورات المغذيات تغييراً كبيراً؛ ما قد يعطل التوازن الهش للنباتات والحيوانات الأصلية في البيئة، ويزعزع استقرار الشبكة الغذائية المعقدة في المنطقة،

هجرة مفاجئة

ولأول مرة تقرر ديدان الأرض ترك ملاذها الآمن، والاقتراب من القطب الشمالي، ويقول العلماء أن هجرتهم غير متوقعة، كما أن الأمر يثير مخاوف بشأن تأثير التغيرات المحتملة على النظام البيئي، إذ تعد هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها الديدان بهذه المنطقة منذ العصر الجليدي الأخير (قبل من 19 إلى 26 ألف عام).

ويشير "جوناتان كلاميندر" أستاذ علم البيئة في جامعة أوميا في السويد، إلى أهمية دراسة آثار وجود ديدان الأرض، فمن المعروف أنها تطلق غازات الدفيئة المخزنة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان والنيتروجين من التربة أثناء حفرها وهضمها للمواد العضوية.

وبالنسبة للقطب الشمالي حيث يجري احتجاز كميات هائلة من الكربون في التربة الصقيعية، يمكن أن يؤدي وجود الديدان إلى تسريع إطلاق هذه الغازات السامة، ما يفاقم من ظاهرة الاحتباس الحراري.

علاوة على ذلك، تغير ديدان الأرض من بنية التربة ودورات المغذيات تغييراً كبيراً؛ ما قد يعطل التوازن الهش للنباتات والحيوانات الأصلية في البيئة، ويزعزع استقرار الشبكة الغذائية المعقدة في المنطقة، كما تغير النظم البيئية في أقصى الشمال بطرق لا يمكن التنبؤ بها.

وفي الوقت الذي يبدو الوافدون الجدد في حالة استمتاع بموطنهم الجديد في القطب الشمالي، يقوم العلماء بعمليات بحث مستمرة للسيطرة على الأمر قبل فوات الأوان، بحسب موقع "one greenplanet".

وفقاً لدراسة نشرتها دورية Nature Communications، أدى وجود ديدان الأرض في النظام البيئي بالقطب الشمالي إلى تسريع وتيرة ذوبان الثلوج، إذ يعتمد الغطاء النباتي بالقطب الشمالي كلياً على النيتروجين الذي تطلقه الديدان، وبالتالي زاد وجودها من خصوبة التربة وتعزيز النمو الصحي للنباتات، إذ تمتص هذه النباتات الطويلة والعميقة مزيداً من الحرارة، ومن ثم يذوب الجليد في المنطقة.

بفعل فاعل

ووفق ما رأه "كلاميندر" بأن وجود الديدان قد يؤدي أيضاً إلى نشاط جرثومي يساعد في إطلاق غازات الدفيئة، لا سيما وأن الديدان لم تصل إلى أقصى الشمال بمفردها؛ إذ تُظهر الأبحاث أن البشر كانوا يجلبونها عن قصد ودون قصد إلى أماكن نائية فوق الدائرة القطبية الشمالية، وإلى مناطق القطب الشمالي منذ منتصف القرن التاسع عشر، من خلال استيراد التربة لاستخدامها في الحدائق، والاعتماد عليها كطعم للصيد، بحسب صحيفة "The New York Times".

وأوضحت دراسة أخرى نشرتها Biological Invasions عام 2011 أنه بسبب جمع عينات من أحذية المسافرين إلى منطقة القطب الشمالي، اتضح أن متوسط البذور التي تجد طريقها إلى النظام البيئي للمنطقة عبر الأحذية بلغ 3.9 بذرة، ويقترح الخبراء أن هذه هي الطريقة التي وجدت بها ديدان التربة طريقها شمالاً.

كما ألقت دراسة أجريت في عام 2017 باللوم على الأنشطة البشرية المسؤولة عن انتشار ديدان الأرض، وقال أحد مؤلفي الدراسة أندريان واكيت: "مجموعات ديدان الأرض يمكنها التحرك من خمسة إلى عشرة أمتار سنوياً، وهذا يعني أنها لم تكن أبداً قادرة على الوصول إلى الجبال السويدية بعد العصر الجليدي من تلقاء نفسها"، وفق موقع "Republicworld".