بوصفهن الحلقة الأضعف في سوق العمل الزراعي، تقف النساء الريفيات على حافة النزوح والكوارث المناخية، من جراء تصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم.
وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن تأثيرات تغير المناخ ليست محايدة بين الجنسين؛ نظراً إلى اختلاف قدرات واستراتيجيات التكيُّف مع التغير المناخي، وإمكانيات الوصول إلى الموارد والتحكم فيها بين الرجال والنساء.
وتواجه النساء في العديد من بلدان العالم مشكلة عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الموارد، خاصةً حيازة الأرض الزراعية والحصول على الائتمان والقروض والتدريب والتكنولوجيا؛ ما يحد من قدرتها على التكيف مع تغير المناخ.
وتُعَد ملكية الأراضي، وبالأخص الزراعية، حلماً بعيد المنال بالنسبة إلى الإناث بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ تتسع الفجوة والتمييز بين الجنسين من جراء التقاليد والأعراف الاجتماعية، التي تفرض الوصاية على النساء وتَحُد من إمكانية تملُّكهنَّ للأراضي.
وتسجيل العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليس بالأمر السهل على النساء، وخاصةً اللواتي يُعانِين الفقر والأمية، كما أن محاولة حصولهن على سندات ملكية في ظل الظروف الاجتماعية غير المنصفة غالباً ما تبوء بالفشل.
يواجهن مشكلة عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الموارد خاصةً حيازة الأرض الزراعية والحصول على الائتمان والقروض والتدريب والتكنولوجيا
وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، تشكل النساء في المتوسط 43% من مجموع القوى العاملة الزراعية في البلدان النامية، بنسبة 20% في أمريكا اللاتينية، ونحو 50% في شرق وجنوب شرق آسيا وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وعادةً ما تحصل النساء الريفيات على فرص محدودة في الحصول على التمويل اللازم لتحمل الصدمات المناخية، والاستفادة من ابتكارات الزراعة الذكية مناخياً، إضافةً إلى ندرة حصولهن على خدمات الإرشاد الزراعي والمعلومات المناخية.
وتتحمَّل النساء في إفريقيا وجنوب الصحراء العبء الأكبر من آثار التغيرات المناخية؛ حيث تشارك في الزراعة بنسبة 60%، وتنتج نحو 70% من غذاء القارة السمراء، ومن ثم فإنه عندما يسود الطقس المتطرف يتم تدمير المحاصيل، ويواجهن نقصاً في الغذاء وكسب المال.
نزوح اضطراري
وكشفت مزارعة تعيش بقرية جنوب غرب كينيا تدعى آنا، لموقع (InterAction.org)، تدهور المحاصيل الزراعية بسبب توالي مواسم الجفاف، كما أنها تعيش في منطقة بعيدة عن مورد المياه، وهو ما يحول دون قدرتها على إعالة أسرتها.
فيما أشارت سارة أوديامبي إلى أزمة ندرة المياه؛ حيث إن عليها الحصول على المياه من قرية أخرى تبعد نحو 3 كيلومترات عن موقع إقامتها، ومن ثم فإنها تهدر وقتاً طويلاً في البحث عن المياه التي تحتاجها لري المحاصيل وللشرب.
تُشكِّل النساء نحو 70% من السكان الفقراء في العالم ما يجعلهنَّ أكثر تأثراً بتغير المناخ كما يرتبط الفقر بتدني مستوى التعليم أيضاً
وأجبرت التغيرات المناخية الكثير من الرجال على النزوح بحثاً عن مصدر دخل آخر غير الزراعة؛ ما ضاعف الضغوط على الزوجة، لا سيما من حيث مسؤوليتها عن رعاية الأسرة والأطفال والأرض.
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الزراعة غير المستدامة تساهم في تآكل التربة بمعدل أسرع 100 مرة؛ ما يؤدي إلى تدهور 40% من أراضي الكوكب.
وأوضح غوتيريش أن النساء أكثر عرضةً لانهيار حياتهن نتيجة هذه المشكلة بسبب نقص الغذاء وندرة المياه والهجرة القسرية، خاصةً أنهن لا يتمتعن بقدر كافٍ من السيطرة على الأراضي الزراعية.
الأكثر فقراً
ولمساعدة النساء بجميع أنحاء العالم على إسماع صوتهن على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية، فإن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تدعم مجتمع WeCaN، وهي منصة تربط المنظمات النسائية حتى تتمكن من العمل معاً لإحداث تغيير في الأراضي الجافة بالمناطق.
ومنذ عام 2021، قدمت المنصة تدريباً عبر الإنترنت لمساعدة النساء على بناء مهارات في التفاوض والتركيز على المساواة بين الجنسين، بجانب تطوير مجتمع وثيق يعزز نشر المعرفة بين بلدان جنوب إفريقيا، وتمكين المرأة من العمل معاً من أجل العدالة المناخية، وفقاً لما ذكره موقع (SDG Knowledge Hub).
وتُشكِّل النساء نحو 70% من السكان الفقراء في العالم؛ ما يجعلهن أكثر تأثراً بتغير المناخ، كما يرتبط الفقر بتدني مستوى التعليم؛ ما يعيق قدرة المرأة على الوصول إلى المعلومات والمساعدة فيما يتعلق بتغير المناخ والكوارث مقارنةً بالرجال، فيما يجعلهن أيضاً أقل عرضةً للوصول إلى إعلانات وإرشادات الإنذار المبكر المكتوبة.
وتحثُّ الأمم المتحدة على مضاعفة الالتزام بالمساواة بين الجنسين، وترسيخ الاستجابة لتغير المناخ، والتخفيف من مخاطر الكوارث في مجال حقوق الإنسان.
كما أكدت مراراً أن رفاهية وحقوق النساء والفتيات لا ينبغي أن تكون فكرة متأخرة، ويجب أن توضع في صميم السياسات والاستجابات العالمية لتغير المناخ والتدهور البيئي.