استدامة تضرب عصفورين بحجر.. القنب "الأخضر" بدلاً من البلاستيك


إسراء محمد
الاحد 06 اغسطس 2023 | 10:31 مساءً

ليس جديداً أن تسمع مساعي العلماء في مكافحة ظاهرة التلوث الناتجة عن البلاستيك أحد أسباب الأزمة البيئية العالمية المتفاقمة، لكن الجديد هو مكافحة التغيرات المناخية بأحد أشهر النباتات المخدرة وهو القنب.

يمثل البلاستيك الخطورة القصوى على الكوكب، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج العالمي من البلاستيك الأولي إلى 1100 مليون طن بحلول عام 2050، مع توقعات أيضاً بارتفاع مستوى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بإنتاج واستخدام المواد البلاستيكية إلى 19% من ميزانية الكربون العالمية بحلول عام 2040.

وللتغلب على هذه المشكلة البيئية، توصل العلماء إلى تقنية تغليف المنتجات أو الأطعمة بغلاف حيوي من "نبات القنب" الذي يسهل إعادة تدويره مرة أخرى دون انبعاثات، وفقاً لـ"برنامج الأمم المتحدة للبيئة".

،،، قال العلماء إنهم بحاجة إلى مواد تتميز بخصائص حرارية وميكانيكية جيدة بما يكفي لتتحمل المعالجة الحرارية وإجراء عمليات التصنيع الأخرى المستخدمة لإنتاج الأغلفة البلاستيكية،،

أغلفة البلاستيك كارثة بيئية

من كل 10 قطع بلاستيكية تتخلص منها الأسرة، يكون هناك 7 أغلفة للأغذية؛ لذا فإن 78% من النفايات البلاستيكية المنزلية تأتي من تغليف المواد الغذائية، وعلى وجه التحديد تُشكل المشروبات ومنتجات الألبان 32.5%، والوجبات الخفيفة 12.9%، والأطعمة المجمدة 7.6%، ومن ثم تَدخل العلم لحل هذه المشكلة؛ لأن جميع احتياجات الأسر في العالم يلزم تغليفه، سواء كان ذلك طعاماً أو منتجات، نقلاً عن "Koreatimes".

توصلت دراسة جديدة أجراها باحثون كنديون إلى إمكانية التغيير في نهج التغليف التقليدي، من خلال صناعة غلاف حيوي مستدام من سيقان نبات القنب بدلاً من البلاستيك، وخصوصاً أن هناك أزمة في إعادة تدوير البلاستيك عالمياً؛ إذ يتم بالفعل إعادة تدوير أقل من 10٪ من النفايات البلاستيكية.

استبدل الفريق البحثي في جامعة "ويسترن" مكانَ كريات البولي إيثيلين العالية الكثافة المستخدمة في البلاستيك التقليدي، مسحوقاً مصنوعاً من خلال طحن سيقان القنب، وتم إدخال المادة بشكل مباشر في عملية تصنيع الغلاف دون إضافة تقنية أو مواد غير مستدامة.

وقال العلماء إنهم بحاجة إلى مواد تتميز بخصائص حرارية وميكانيكية جيدة بما يكفي لتتحمل المعالجة الحرارية وإجراء عمليات التصنيع الأخرى المستخدمة لإنتاج الأغلفة البلاستيكية؛ لذا وجدوا أن القنب هو خيار حيوي مثالي للقيام بهذا الأمر؛ إذ اكتشفوا في تكوين القنب "بوليمر حيوياً" سيغير عالم الصناعة البلاستيكية خلال السنوات القادمة، وسيُمكن الباحثين من إيجاد بدائل مستدامة للتغليف أو المنتجات البلاستيكية الأخرى.

،،، اعتماداً على الهيكل يمكن أن يكون للقنب بنية ليفية تعمل بشكل مثالي لتعزيز المواد لذا فإن القنب في الأساس أقوى وأكثر مرونة من العديد من المواد الحيوية الأخرى،،،

خصائص الغلاف الحيوي

وبهدف التوصل إلى منتج مستدام يساعد البشرية، قاموا باختبار مجموعة من البوليمرات المشتركة باستخدام مركب ثنائي اللولب لدمج كميات من مسحوق القنب في كل مادة حيوية، وعند الاختبار وجد الباحثون أن دمج القنب زاد من صلابة المواد الحيوية وقلل من ليونتها مع عدم تأثر خصائصها الحرارية.

وبالرغم من وجود بدائل للبلاستيك مثل الزجاج، فإن البروفيسورة إليزابيث جيلز كبيرة الباحثين في الدراسة كان لها رأي آخر؛ إذ أكدت خلال بيان صحفي أن "إعادة تدوير الزجاج ليس عملاً مربحاً للغاية. وعلى الرغم من إمكانية إعادة تدوير العديد من المواد البلاستيكية، فإنها عملية ليست مضمونة مع كل المنتجات".

وأكملت: "اعتماداً على الهيكل، يمكن أن يكون للقنب بنية ليفية تعمل بشكل مثالي لتعزيز المواد؛ لذا فإن القنب في الأساس أقوى وأكثر مرونة من العديد من المواد الحيوية الأخرى"، كما أن المركبات الحيوية للقنب أكثر قابلية للتحلل؛ إذ يعد البوليمر الحيوي الأساسي المستخدم في هذه الدراسة شائعاً بشكل كبير.

لاختبار قابلية التحلل لمركبات القنب الحيوية الجديدة، قام الباحثون بفحص سلوك أفضل المواد أداءً؛ من خلال وضع كل مادة (PBFSc40 وPBFSe40) في محلول منظم يحتوي على إنزيم الليباز، وبعد 28 يوماً وجد الباحثون أن إدراج القنب في هذه المركبات الحيوية يمكن أن يقوي المواد دون أن يؤثر على الخصائص الحرارية، نقلاً عن "Analyticalcannabis".

هناك توقعات من العلماء باحتمالية استخدام القنب يوماً ما باعتباره بديلاً واعداً للبلاستيك التقليدي غير قابل للتحلل، وخصوصاً أنه بمنزلة محصول زراعي مستدام يتطلب الحد الأدنى من الموارد للنمو، كما تعد سيقان القنب من نفايات صناعة القنب المتنامية باستمرار؛ ما يجعله مورداً مجانياً يسهل الحصول عليه بدلاً من إلقائه في مكب النفايات وحرقه.

وبالإضافة إلى ذلك، يعد القنب من أسرع النباتات نمواً في العالم؛ إذ يمكن أن ينمو بارتفاع 4 أمتار في 100 يوم.

تشير الأبحاث إلى أن فاعلية القنب ضعف فاعلية الأشجار في امتصاص الكربون؛ إذ يَقدر هكتار واحد "2.5 فدان"، من القنب على امتصاص 8 أطنان إلى 22 طناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وفقاً لـ"Theguardian".

تستطيع ألياف القنب تقييد ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم بداخلها، وهي الألياف التي يمكن استخدامها في العديد من السلع بما في ذلك المنسوجات والأدوية وعزل المباني والخرسانة، حتى إن إحدى أشهر شركات صناعة السيارات الألمانية، تستبدل القنب مكان أجزاء السيارات المصنوعة من البلاستيك؛ إذ يعد من النباتات صديقة للبيئة والغنية بالمواد الحيوية التي تتحلل دون انبعاثات تلوث الغلاف الجوي.