الغليان العالمي لمدة 5 ثوانٍ.. ماذا يحدث للبشر والبيئة والكائنات؟


إسراء محمد
الجمعة 28 يوليو 2023 | 06:36 مساءً
عصر الغليان العالمي
عصر الغليان العالمي

الاحتباس الحراري كان أقصى مخاوف البشر خلال السنوات الماضية، واعتقد البعض أن درجات الحرارة المرتفعة ما هي إلا كابوس يُطاردنا في الأحلام فقط، ولكن خلال "يوليو" 2023، داهمت التغيرات المناخية البشر بهجمة حرارية شديدة.

خلال يوليو الساخن، أصبحنا نعيش في واقع ملتهب، لكن هل سيتوقف الأمر عند ارتفاع درجات الحرارة، والعيش في معدلات عالية من الرطوبة؟ أم يوجد وضع أكثر خطورةً في انتظارنا خلال الفترة القادمة؟

"الغليان العالمي".. ربما لم تسمع عن هذا المصطلح من قبل، ولكن اليوم ندخل مرحلة جديدة يصبح فيها الغليان بديلاً للاحتباس، وهي المرحلة التي سنترقَّب نتائجها خلال الفترة القادمة.

أصبحت المخاوف واضحة تماماً، ولم يعد هناك وقت للهروب منها، وهذا ما دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش؛ إذ حذر من صيف 2023، مؤكداً أن "عصر الاحتباس الحراري قد انتهى، والآن سنُواجه حقبة جديدة من (الغليان العالمي)".

ما الغليان العالمي؟

يعكس مفهوم الغليان العالمي الانتقال من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى فترة أكثر كثافةً من موجات الحر، والكوارث المتعلقة بالمناخ وأنماط الطقس المتطرفة.

ووفقاً لمعهد تغير المناخ، ارتفع متوسط ​​درجة حرارة الهواء العالمي من 16.25 درجة مئوية في 25 يوليو 1979 إلى 2000، بينما سجلت 17.14 درجة مئوية في 25 يوليو من هذا العام، نقلاً عن "the Nationalnews".

أكد علماء المناخ أن الأسابيع الثلاثة الماضية في يوليو كانت الأكثر سخونةً منذ بدء التسجيلات، وأن هذا الشهر في طريقه ليكون أكثر الشهور حرارةً على الإطلاق، كما حطمت درجات الحرارة العالمية هذا الشهر الأرقام القياسية

عصر جديد من التغيرات المناخية

"شهر يوليو" يعد مصدر إزعاج للجميع؛ لأنه أكثر شهور الأرض سخونةً على الإطلاق. وخلال حديث الأمين العام، أكد مرة أخرى أن "يوليو الحار" سيستمر معنا، ومضى في تفسيراته: "التغير المناخي أصبح أمراً مرعباً، وما يحدث الآن مجرد بداية فقط، ولا يزال من الممكن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية (أعلى من مستويات ما قبل الصناعة)؛ لتجنب أسوأ تغير مناخي قادم من خلال اتخاذ إجراءات مناخية فورية".

وذكر أن الهواء غير قابل للتنفس بسبب الحرارة المرتفعة، كما أن الأعذار لن تفيد الكوكب. وفي تعليق على ذلك، حذر أيضاً رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن "العمل المناخي ليس ترفاً بل ضرورة، وخصوصاً أننا بدأنا في (عصر الغليان العالمي)"، نقلاً عن "The Guardian".

تعليقات غوتيريش ومخاوفه لم تَأْتِ من فراغ؛ لقد خرج إلى العالم بهذه الكلمات التحذيرية بعدما أكد علماء المناخ أن الأسابيع الثلاثة الماضية كانت الأكثر سخونةً منذ بدء التسجيلات، وأن شهر يوليو في طريقه ليكون أكثر الشهور حرارةً على الإطلاق، كما حطمت درجات الحرارة العالمية هذا الشهر الأرقام القياسية، وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) وبرنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي.

نقطة غليان الماء تصل إلى 100 درجة مئوية، وهذه هي النقطة التي يتحول فيها الماء السائل إلى بخار ماء. ونظراً إلى أن 17% من سطح الأرض مغطى بالماء، فستشعر كأنك عالق داخل غلاية عملاقة خلال 5 ثوانٍ فقط

غليان الأرض لـ5 ثوانٍ

لو وصلت الأرض إلى نقطة الغليان لمدة 5 ثوانٍ، فاستعد للحروق الخطيرة والموت الفوري للكائنات الحية؛ إذ ستؤثر هذه الموجة الحارة المروعة على البيئة، ومن المحتمل أن تنفجر أنت من شدة الحرارة!

على الرغم من أنك تشتكي من الارتفاع غير المسبوق في الحرارة في الأيام الصيفية، فإن متوسط ​​درجة حرارة الأرض يبلغ نحو 13.9 درجة مئوية.

قارن ذلك بأكثر الأماكن سخونةً على هذا الكوكب، مثل جبال الصين المشتعلة، أو الصحراء لوط الإيرانية، التي سجلت درجات حرارة الأرض عند نحو 70 درجة مئوية، ولكن ما زال هذا أقل سخونةً، مثل كوب من الشاي الساخن المغلي.

نقطة غليان الماء تصل إلى 100 درجة مئوية، وهذه هي النقطة التي يتحول فيها الماء السائل إلى بخار ماء. ونظراً إلى أن 17% من سطح الأرض مغطى بالماء، فستشعر كأنك عالق داخل غلاية عملاقة خلال 5 ثوانٍ فقط، نقلاً عن "whatifshow".

وعند النزول 10 أمتار (32 قدماً) تحت سطح الماء، تصبح نقطة الغليان أقرب إلى نحو 120 درجة مئوية؛ لذا لن تتحول كل مياه المحيطات على الأرض إلى بخار، ولكن في المياه الضحلة المشبعة بالبخار، من المرجح أن تقضي معظم الكائنات الحية والنباتات والحيوانات هذه الثواني الخمس في غليان حتى الموت.

ربما الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في درجات حرارة تصل إلى 108 درجات مئوية هي الوحيدة التي ستنجو دون أن تصاب بأذى.

قد يتسبب البخار في حرق بشرتك وإصابة عينيك بجروح خطيرة، وحتى مجرد أخذ نفس خلال هذا الوقت، من المحتمل أن يتسبب في إصابة الأغشية المخاطية في فمك وأنفك وحلقك بحروق شديدة، ويحدث ذلك خلال 5 ثوانٍ فقط، فماذا لو استمر الأمر أكثر من ذلك؟

غليان الأرض لـ10 ثوانٍ

أدى الارتفاع المطرد في متوسط ​​درجات الحرارة العالمية، إلى تفاقم الأحوال الجوية المتطرفة، ولكن هل فكَّرت يوماً ماذا لو وصلت الأرض إلى نقطة غليان لمدة 10 ثوانٍ؟

هناك العديد من العواقب الوخيمة التي ستتأثر بها الأرض إذا وصلت إلى هذه النقطة، ومنها غليان المحيطات؛ إذ سينتج عن الغليان إطلاق كمية كبيرة من البخار في الغلاف الجوي؛ ما يؤثر على المناخ بشكل واضح ويزيد من الموجات التطرفية، ولن يجد العديد من السكان مكاناً للعيش فيه؛ بسبب عدم القدرة على تحمل درجات الحرارة، نقلاً عن "Medium".

ومن ثم ستُحرَق أسطح الأرض؛ ما قد ينتج عنه تدميرللغطاء النباتي وذوبان القمم الجليدية القطبية. وبالنسبة إلى الغلاف الجوي فيمكنك قول إنه سيكون هناك كارثة؛ إذ سيؤدي الإطلاق المفاجئ للبخار في الغلاف الجوي إلى تعطيله على الفور؛ ما يتسبب في حدوث عواصف ورياح وظواهر مناخية أخرى لم نسمع عنها من قبل، كما أن إطلاق البخار سيُساهم أيضاً في تكوين السحب التي تحجب ضوء الشمس وتُبرِّد الكوكب.

نقطة غليان لمدة 10 ثوانٍ، تعني القضاء على معظم أشكال الحياة على هذا الكوكب، وسيكون من الصعب على البشر البقاء على قيد الحياة؛ لذا قبل الوصول إلى هذه المرحلة، لا بد من الاستجابة للدعوات والانتباه إلى ما يقوله علماء المناخ؛ حتى لا يكون عصر الغليان العالمي بمنزلة خطوة أولى تجاه الهلاك.