لا يخفى على أحد هوس شريحة واسعة حول العالم بتغيير سياراتهم إلى ماركات فارهة كل عام، ولكن هل تعلم أن السيارة التي ترغب في شرائها يمكن أن تكون أحد أسباب ارتفاع معدل غازات الدفيئة في الغلاف الجوي؟ هذه حقيقة؛ فالسيارات تطلق انبعاثات خلال فترة تصنيعها، وتستمر في إطلاق الغازات الملوثة الناتجة عن احتراق الوقود أثناء الاستخدام بعد ذلك.
انبعاثات السيارة الواحدة يمكن أن تصل إلى 4.6 طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. ويختلف هذا الرقم وفقاً لوقود المركبة المستهلك وعدد الأميال المقطوعة سنوياً.
بناءً على ذلك، قالت العديد من الدراسات إن السيارات الكهربائية ستمثل المستقبل لعيش حياة خالية من غازات الدفيئة وحماية الكوكب من التغيرات المناخية.
وللتشجيع على شرائها وزيادة معدل تصنيعها حول العالم، توصل باحثون إلى مادة في "معجون الأسنان" يمكن أن تغير عالم صناعة السيارات الكهربائية إلى الأفضل وتدعم البطاريات بالوقت نفسه، وفقاً لـ"EPA".
المركبات المستدامة
السيارات الكهربائية تعد أحد الحلول الصديقة للبيئة، التي تسعى دول العالم أجمع للتوسع في صناعتها، وخصوصاً أن هناك العديد من الأبحاث التي أوضحت أن نسبة غازات دفيئة وملوثات الهواء التي تنبعث عنها تكون أقل من نظيرتها العاملة بالبنزين أو الديزل، كما تحسن من جودة الهواء.
باحثون توصلوا إلى مادة في "معجون الأسنان" يمكن أن تغير عالم صناعة السيارات الكهربائية إلى الأفضل وتدعم البطاريات بالوقت نفسه
ليس هذا فحسب، بل إن السيارات الكهربائية تمنح شوارع بلا عوادم، وفي أكثر من عام يمكن لسيارة كهربائية واحدة فقط توفير 1.5 مليون جرام من ثاني أكسيد الكربون في المتوسط؛ لذا لا بد من تحفيز المواطنين لاستبدال سيارتهم والتعرف على مميزات السيارة الكهربائية.
مؤخراً قرر الباحثون تدعيم الأمر باكتشاف مادة في معجون الأسنان تزيد من كفاءة بطاريات السيارات الكهربائية وتجعلها أسرع مقارنة بأي نوع آخر؛ ما يساهم في رفع معدلات الوعي لتجنب سيارات الوقود.
انبعاثات أقل
لعل أحد المكونات في العديد من معاجين الأسنان هو "فلوريد الصوديوم"، ويضاف إلى معجون الأسنان لحمايتها من التسوس، ولكن المركبات التي تحتوي على الفلوريد لها استخدامات علمية أخرى قد تفاجئك.
اكتشف العلماء في مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية (DOE) إلكتروليت، وهو السائل الذي تنتقل من خلاله أيونات الليثيوم بين الكاثود والأنود عند الشحن والتفريغ، والذي يحتوي على الفلوريد، الذي يمكن أن يحمي بطارية سيارة الجيل القادم تحقيقاً للاستدامة.
يمكن إدخال الإلكتروليت في تركيب بطاريات الليثيوم المعدنية؛ ما يعزز صناعة السيارات الكهربائية؛ لأنه يجعلها تعمل بكفاءة أعلى من تلك المتاحة الآن في الأسواق. ولا يتوقف الأمر على بطاريات الليثيوم فقط، بل يمكن دمجه مع أنظمة بطاريات مختلفة؛ لتمنحك أداء أفضل من ذي قبل.
كل هذا أكده "جون تشانغ" قائد المجموعة في قسم العلوم والهندسة الكيميائية في أرغون، موضحاً أن "هناك جيلاً جديداً مثيراً من أنواع البطاريات للسيارات الكهربائية بجانب الليثيوم"، نقلاً عن"Argonne National Laboratory".
ومثلما يساعد الفلوريد في تكوين طبقة واقية على أسنانك، فإنه يعد العامل الأساسي لتشكيل طبقة واقية على سطح أنود الليثيوم المعدني أثناء دورات الشحن أيضاً.
توفر المواد الكيميائية في البطاريات المصنعة من مواد غير الليثيوم – أي من الفلوريد – ضعف أو أكثر من الطاقة المخزنة ببطاريات الليثيوم. ومثل هذه البطاريات لديها القدرة على تشغيل السيارات لمسافات أطول بكثير، ويمكنها حتى تشغيل الشاحنات والطائرات ذات المسافات الطويلة.
ومن المتوقع أن تساعد هذه البطاريات التي يكون الفلوريد أحد مكوناتها على نطاق واسع في معالجة مشكلة تغير المناخ التي باتت مهددة لحياتنا الآن. وهنا يرى العلماء أن المشكلة الوحيدة التي واجهتهم أن كثافة طاقتها تنخفض بسرعة مع تكرار الشحن والتفريغ، ولكن يسعون إلى حل هذا الأمر من أجل تفعيلها مستقبلاً في جميع السيارات.
تشانغ مضى في شرحه: "الاختلاف الرئيس في إلكتروليتنا الجديد هو استبدال الفلورين بذرات الهيدروجين في الهيكل الشبيه بالحلقة للجزء الموجب للسائل الأيوني. لقد أحدث هذا فارقاً كبيراً في الحفاظ على الأداء العالي أثناء اختبار خلية معدن الليثيوم بالبطارية بعد إضافة المواد الجديدة".
مثلما يساعد الفلوريد في تكوين طبقة واقية على الأسنان فإنه يعد العامل الأساسي لتشكيل طبقة واقية على سطح أنود الليثيوم المعدني أثناء دورات الشحن أيضاً
وكان الفريق قادراً على ضبط نسبة مذيب الفلوريد إلى ملح الليثيوم لإنشاء طبقة ذات خصائص مثالية؛ ما يعزز من سرعة البطاريات والحصول على أفضل أداء، وفقاً لقائد المجموعة.
وبفضل هذه الطبقة، يمكن أن تتدفق أيونات الليثيوم بكفاءة داخل وخارج الأقطاب الكهربائية أثناء شحن وتفريغ البطاريات. وتقدم هذه الأنواع من البطاريات أيضاً مزايا أخرى؛ كونها منخفضة التكلفة وصديقة للبيئة؛ إذ تستخدم مذيبات أقل بكثير مقارنة بالأنواع الأخرى التي تطلق الملوثات بالغلاف الجوي، كما أنها أكثر أماناً؛ لأنها غير قابلة للاشتعال.
واختتم قائد المجموعة في قسم العلوم والهندسة الكيميائية في أرغون حديثه بقوله: "يمكن لبطاريات الليثيوم المعدنية مع إلكتروليتنا الجديد، التعزيز بشكل كبير من صناعة السيارات الكهربائية".