فكرة خرجت إلى النور بمحض الصدفة عندما استمع ريموند وانغ لصوت المطر، ذلك الشاب الكندي الذي عرف الطريق إلى عالم الابتكارات منذ الطفولة.
صوت سقوط الأمطار الذي أحاط بغرفة "وانغ" دفعه للبحث عما إذا كانت هناك طريقة لجمع الطاقة التي تسببها عملية تساقط المطر، لتختمر في رأسه فكرة السطح المولد للطاقة، ويبتكر جهازا أطلق عليه The Weather Harvester أو "حاصد الطقس"، نافس به في معرض جوجل للعلوم عام 2012، وهو في الرابعة عشر من العمر.
رغم ارتباط ظاهرة التغير المناخي بارتفاع درجات الحرارة على الأرض وذوبان الجليد، إلا أن تزايد معدل تساقط الثلوج هو أحد الآثار الناتجة عنها أيضًا، نتيجة تزايد كمية بخار المياه التي تتصاعد من المسطحات المائية بفعل الاحترار.
في محاولة البحث عن طرق جديدة لتوليد الطاقة المتجددة، يسعى العلماء للاستفادة من الثلوج التي تغطي 23% من مساحة الكوكب بين جليد دائم أو مؤقت.
اختبارات "وانغ" أثبتت فعالية الجهاز في توليد الكهرباء خلال تساقط الأمطار والثلوج، بسبب الضغط الميكانيكي الناتج عن عملية الاصطدام، وفقا لـvancouversun.
محاولات توليد الكهرباء من الثلج لم تتوقف عند الشاب الكندي المبتكر، ولكن أُجريت تجارب مختلفة في عدة دول للاستعانة برداء الأرض الأبيض في توليد الكهرباء التي زاد الاعتماد عليها بمعدل ثلاثة أضعاف، خلال العقود الماضية، حتى تجاوز 25 ألف تيرا وات/ ساعة، وفقا لإحصائيات موقع Statista.
المدرسة اليابانية المهجورة
في مدينة آوموري الواقعة شمالي اليابان، بدأ الباحثون مع بداية 2023 تجربة لاستغلال الثلوج التي ترغب المدينة في التخلص منها في توليد الكهرباء، عن طريق فارق درجات الحرارة بين الجليد والهواء المحيط به.
التجربة التي تجري في حوض سباحة بإحدى المدارس المهجورة تعتمد على تبريد سائل بواسطة الثلج، ثم إعادة تبخيره من جديد، لكن المشروع يواجه عددًا من التحديات، مثل إيجاد طرق لتخزين كميات كبيرة من الجليد، وضمان اختلاف درجات الحرارة بين الوسيطين المستخدمين في التجربة خلال الطقس البارد، بحسب وكالة أنباء "كيودو".
‘‘جهاز صغير يعمل كمحطة طقس منفصلة يمكنها تسجيل كميات الثلج المتساقط واتجاهه، ومتاح استخدامه في المناطق النائية دون الحاجة إلى بطاريات‘‘
جهاز بدون بطارية
محاولة اليابان لم تكن الأولى لتحويل الثلوج إلى طاقة متجددة بسعر رخيص، ففي عام 2019 نجح باحثون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس الأمريكية، بينهم الباحث المصري ماهر القاضي، في تطوير جهاز صغير الحجم يمكنه توليد الكهرباء من الجليد.
الجهاز يشبه محطة طقس منفصلة يمكنها تسجيل كميات الثلج المتساقط واتجاهه، واستخدامه في المناطق النائية دون الحاجة إلى بطاريات.
وفقا للموقع الرسمي للجامعة، تدور فكرة الجهاز حول التقاء الثلج ذي الشحنة الموجبة بخليط سالب الشحنة مكون من ذرات السليكون والهيدروجين والأكسجين، لتوليد الطاقة من خلال تبادل الإلكترونات.
هنا يظهر السيليكون كأفضل خيار لتصميم الجهاز بعدما نجح في توليد كميات أكبر من الطاقة مقارنة بالمواد الأخرى التي جرى اختبارها مثل الألومنيوم ومركب التفلون.
‘‘ببساطة التوسع في تجارب توليد الطاقة من الثلوج سينقل نظرة العالم إليها من مجرد ظاهرة مزعجة إلى أمل جديد قد يخفف من الاعتماد على الوقود التقليدي‘‘
من يجني الطاقة الثلجية؟
تشمل قائمة الدول المتاح لها الاستفادة من التقنية، تلك التي تعاني من هطول كميات كبيرة من الثلوج مثل اليابان والولايات المتحدة، وروسيا، وكندا، والنرويج، وكوريا الشمالية، وغيرها.
ببساطة التوسع في تجارب توليد الطاقة من الثلوج سينقل نظرة العالم إليها من مجرد ظاهرة مزعجة إلى أمل جديد قد يخفف من الاعتماد على الوقود التقليدي.
يكلف التعامل مع الثلوج العالم مبالغ طائلة سنويا، لا سيما مع اشتداد العواصف الشتوية، حتى ارتفعت توقعات سوق خدمات إزالة الثلوج حول العالم إلى نحو 100 مليار دولار في 2027 بارتفاع يقترب من 6% مقارنة بـ2021، بحسب Maximize Market Research.
تمثل ميزانية إزالة الثلوج أزمة في عدد كبير من الدول، فالولايات المتحدة على سبيل المثال تنفق أكثر من ملياريّ دولار سنويا على الأمر، وفقا لـEarth Economics.
مدينة آوموري اليابانية التي تشهد التجربة أنفقت مبلغا قياسيا خلال السنة المالية الماضية اقترب من 45 مليون دولار للتخلص من الجليد الذي غطى أراضيها.
مرحلة أخرى يتحول فيها الثلج إلى مصدر للتلوث إذا ما جرى إلقاؤه في المسطحات المائية، وهو ما يحدث أحيانا رغم خطورته البيئية، إذ تختلط الثلوج التي تسقط على المدن بأنواع مختلفة من الملوثات الكيميائية والنفطية.