تأثرت زراعة البن خلال السنوات الأخيرة بسبب أزمة المناخ والارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحرارة، حيث توقع العلماء أنه بحلول عام 2050 سيؤدي تغير المناخ إلى تقليل ملاءمة معظم المناطق لزراعة القهوة في أنحاء مختلفة من العالم، وفقاً لتقرير صادر عن هيئة تنمية القهوة الأوغندية، ولكن هل هناك بديل لزراعة القهوة؟
يقول العلماء أن التغيرات المتوقعة في درجات الحرارة وهطول الأمطار وتدهور صحة التربة ستؤدي بدورها إلى تأثيرات سلبية على نمو القهوة وإنتاجيتها وجودتها، كما أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية أدى إلى زيادة انتشار الآفات والأمراض، ما زاد الضغوط على محصول القهوة، ونتج عنه اعتماد أكبر على المبيدات.
ظهور نبات ستينوفيلا النادر
نتيجة لذلك، برز نبات ستينوفيلا، المعروف بـ"قهوة ستينوفيلا" أو قهوة سيراليون، وهو نادر في البرية، لكنه قيد الزراعة التجريبية في سيراليون، وقد يكون له دور في دعم إمدادات البن وإنقاذ سبل عيش المزارعين في مواجهة تغير المناخ والجفاف والأمراض.
وكشفت دراسة نُشرت في مارس الماضي بمجلة سميثسونيان المتخصصة في التاريخ والعلوم، أن ستينوفيلا هي أيضاً أول حبة بن يُقال أنها تحتوي على الثياكرين، وهي مادة شبيهة بالكافيين يُعتقد أنها خالية من بعض أضراره.
كيف عُثر على نبات ستينوفيلا؟
بدأ اكتشاف نبات ستينوفيلا عام 2018، عندما تمكن آرون ديفيس، عالم النباتات البريطاني، من العثور عليه بمساعدة أفراد آخرين وشركات متخصصة في القهوة وبعض المجتمعات المحلية، وقاموا بزراعة أصناف برية في مزارع تجريبية في سيراليون، بهدف إحياء هذا المحصول الزراعي، ومن المتوقع حصاد أول محصول هذا العام.
وقد استطاع نبات ستينوفيلا مقاومة موجة الحر العام الماضي، حيث وُثِّقت ظروف نموه -مثل درجة الحرارة والرطوبة ورطوبة التربة- بدقة، ما سيساعد الباحثين على اختيار نباتات تتمتع بمقاومة مناخية عالية وإنتاجية جودة ومقاومة للأمراض، حسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وكان نبات ستينوفيلا يُزرع في أجزاء من غرب إفريقيا ويُصدَّر إلى أوروبا حتى أوائل القرن العشرين، قبل التخلي عن زراعته بعد انتشار بن روبوستا، وهو نوع قوي من البن، منخفض الحموضة ويتميز بمرارة عالية.
تقليل الاعتماد على البن الشهير "أرابيكا"
يمكن أن تصبح ستينوفيلا -التي تعود أصولها إلى ساحل العاج وغينيا وسيراليون- قهوة عالية القيمة بحد ذاتها، ما يقلل الاعتماد على البن الشهير "أرابيكا" أو البن العربي، الحساس تجاه التغيرات المناخية.
وتنمو القهوة عموماً في ظروف باردة ورطبة، وتشكل حبوب أرابيكا نحو 60% من القهوة المستهلكة عالمياً، بينما يأتي الباقي غالباً من روبوستا، وهو نوع أقل نكهةً لكنه أكثر مقاومة لأمراض أوراق البن، ويُستخدم عادةً في القهوة سريعة التحضير.
وبسبب تغير المناخ، ارتفعت أسعار القهوة بنسب قياسية خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة موجات الحر والجفاف وعدم انتظام هطول الأمطار في الدول الزراعية الرئيسية مثل البرازيل وفيتنام وكولومبيا، ما أضعف المحاصيل وقلل دخل صغار المزارعين الذين ينتجون الجزء الأكبر من إمدادات القهوة العالمية.
