تلعب الحشرات دوراً حيوياً في جميع أنحاء العالم، ويهدد تناقصها بأعداد غير مسبوقة اختلال النظام البيئي، إذ تحافظ على التنوع البيولوجي وحماية الأنظمة الدقيقة التي تدعم الحياة على الأرض.
تتناقص الحشرات بشكل كبير عالمياً، وفي دراسة نُشرت عام 2019 بمجلة «الحفاظ البيولوجي»، وجدت أن أكثر من 40% من أنواع الحشرات آخذة في التناقص، وأن ثلثها مُهدد بالانقراض خلال العقود المقبلة، ووفقاً للأمم المتحدة، فإن معدل انقراض الحشرات أسرع بثماني مرات من معدل انقراض الثدييات والطيور والزواحف، حسب موقع «Earth» المتخصص في العلوم والمناخ.
تناقص الحشرات في المحميات الطبيعية بأوروبا
تُواصل الحشرات أيضاً الانخفاض، ففي أوروبا تناقصت الحشرات في المحميات الطبيعية بنسبة تزيد عن 75% وهو الحال مثله في أمريكا الشمالية، وتشير تقارير أيضاً إلى أن العديد من أعداد الحشرات الاستوائية مثل الموجودة في كوستاريكا، تشهد انخفاضاً كبيراً.
يمكن أن تكون لخسارة مجموعات الحشرات آثار على النظام البيئي، وعلى الزراعة والأمن الغذائي أيضاً، وتشمل الأسباب الرئيسية لانخفاض أعداد الحشرات استخدام المبيدات الحشرية، وتدمير الموائل، وتغير المناخ، والتلوث.
أسباب تناقص أعداد الحشرات
يعتمد العديد من أنواع الحشرات على بقايا أوراق الأشجار والنباتات، والخشب المتعفن، أو التربة غير الملوثة، والتي تُزال عند إزالة الأراضي أو تعديلها، ما يؤثر على بقائها، كما أدى التغير المناخي، سواء ارتفاع درجات الحرارة أو تغيرات أنماط هطول الأمطار، إلى صعوبة تكيف الحشرات معه.
التلوث الضوئي واختفاء الحشرات
كما تُساهم أنواع عديدة من التلوث أيضاً في انخفاض أعداد الحشرات، فالتلوث الضوئي يؤدي إلى تشتيت الحشرات الليلية، مثل الخنافس والعث، ما يعيق حركتها وتكاثرها وتجنبها للافتراس، كما يُمثل التلوث الكيميائي مشكلة أكبر، فقد أدى الجريان السطحي الصناعي وانبعاثات السيارات إلى تلويث التربة والهواء والماء، ما يُلحق الضرر ببعض أنواع الحشرات.
أهمية الحشرات
لكن لماذا الحشرات هامة للغاية؟ تقوم الحشرات بعملية التلقيح، وهو من أهم أدوارها، مثل النحل والفراشات والخنافس والذباب، ويعتمد 75% من النباتات المزهرة، و35% من إنتاج المحاصيل الزراعية العالمية على تلقيح الحشرات، وفقدانها سيؤدي إلى عواقب على تكاثر العديد من النباتات، ما يؤثر على التنوع البيولوجي الطبيعي والتغذية البشرية والاقتصادات الزراعية.
وتساهم الحشرات في عملية التحلل، فأنواع مثل الخنافس والذباب والنمل تساعد على تحليل الكائنات الميتة والنفايات والمواد النباتية، وإعادة العناصر الغذائية إلى التربة والحفاظ على صحة النظام البيئي، وبدون نشاطها، ستتراكم المواد العضوية، ما يُبطئ عملية إعادة التدوير الطبيعية للمغذيات، ويُضعف بدوره نمو النباتات، ويؤدي إلى عدم استقرار الشبكات الغذائية.
تُشكل الحشرات أيضاً أساساً للعديد من السلاسل الغذائية، فهي مصادر غذائية أساسية للطيور والبرمائيات والزواحف والأسماك، وستعاني هذه الأنواع من الآثار المباشرة لفقدان الحشرات.
والأمر المثير للاهتمام، هو أن بعض الحشرات مثل الخنافس، وحشرات الدانتيل، والدبابير الطفيلية تساعد بشكل طبيعي في مكافحة الآفات، ما يعني أن اختفائها من شأنه أن يزيد من اعتماد المزارعين على المبيدات الحشرية والأسمدة الاصطناعية.
الحد من انخفاض أعداد الحشرات
إن العمل على الحد من الانخفاض في أعداد الحشرات يتطلب جهوداً مثل حماية الموائل، والاعتماد بشكل أقل على استخدام المبيدات الحشرية، والتثقيف العام، فضلاً عن ممارسات التخفيف والتكيف وتطبيق ممارسة زراعية مستدامة، وتغيير السياسات والتوعية العامة.