استضافت العاصمة العراقية بغداد، ولمدة أربعة أيام متواصلة، مؤتمر الإعلام العربي في دورته الرابعة، والتي جاءت بعنوان «دور الإعلام في مواجهة التغيّر المناخي»، بتنظيم مشترك بين اتحاد إذاعات الدول العربية وشبكة الإعلام العراقي، وشارك فيها أكثر من 150 إعلامياً من جميع أنحاء المنطقة العربية.
وجاءت هذه الدورة من المؤتمر في إطار انفتاح العراق وتعزيز الثقة بالإعلام الوطني، وتميزت بأهمية خاصة؛ حيث عُقِدت للمرة الأولى خارج مقر الاتحاد في تونس، تقديراً لجهود شبكة الإعلام العراقي كعضو فعال في الاتحاد، ودور العراق المحوري في دعم العمل العربي المشترك.
4 محاور رئيسية لـ مؤتمر الإعلام العربي
ناقش المؤتمر أربعة محاور رئيسية، وهي أسباب التغير المناخي ومخاطره، وواقع الإعلام في مواجهة التغير المناخي، والتعاون نحو إعلام مناخي تشاركي، وأخيراً الاستثمار في الإنسان، كما تضمن ورشتين حول الإنذار المبكر للجميع بسبب التغير المناخي، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في إعلام المناخ.
مشاركة عربية وعالمية
شارك في الدورة الرابعة عدد كبير من الخبراء من دول عربية وأجنبية، منها: العراق، ومصر، وتونس، والمغرب، والأردن، والهند، وإندونيسيا، وبريطانيا، إضافةً إلى منظمات وهيئات دولية كبرى مثل: شبكة بي بي سي، ومنظمة الأغذية الزراعية «الفاو» واليونسكو، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والشبكة العربية للبيئة والتنمية.
خارطة طريق لإعلام بيئي مستدام
هدَف المؤتمر إلى صياغة خارطة طريق عربية لإعلام بيئي مستدام، مع التأكيد على ضرورة الانتقال من التناول الإعلامي التقليدي إلى إعلام بيئي فعّال ومؤثر، يعمل على تعزيز المعرفة العلمية، ورفع الوعي المجتمعي، والتعاون مع الحكومات والمجتمع المدني لتكوين جبهة عربية لمواجهة التحديات المناخية.
وكان من أبرز القضايا المطروحة في مؤتمر الإعلام العربي: توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام المناخي، حيث قُدِّم عرضٌ لدراسة متعمقة مدعومة ببيانات وإحصاءات حول إنتاج المحتوى الإعلامي المتعلق بالمناخ باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مناقشة الجوانب التقنية والأخلاقية لهذا التوظيف.
وأكّد الخبراء أن توظيف الذكاء الاصطناعي في قضايا المناخ يمثل فرصةً وضرورةً، داعين إلى عدم اعتباره أزمةً، بل أداةً لدعم التوعية الإعلامية والتأثير في سياسات صنّاع القرار.
نتائج وتوصيات مؤتمر الإعلام العربي 2025
خرجت الدورة الرابعة من مؤتمر الإعلام العربي بالعديد من التوصيات الموجهة إلى الحكومات والجهات الفاعلة، والتي ركزت بشكل أساسي على تعزيز دور الإعلام في معالجة قضايا المناخ والبيئة، وجاء في مقدمة هذه التوصيات ضرورة دمج القضايا المناخية في الاستراتيجيات الإعلامية الوطنية، بحيث تصبح أولوية في الخطط والسياسات الإعلامية الرسمية.
ودعا البيان الختامي للمؤتمر، أو ما يعرف بـ«إعلان بغداد»، إلى تسهيل الوصول إلى المعلومات البيئية الدقيقة، وتوفير الموارد اللازمة لدعم الإعلام البيئي وتمكينه من أداء دوره التوعوي بفعالية والتشديد على أهمية تعزيز التعاون بين الوزارات والمؤسسات الإعلامية، خصوصاً فيما يتعلق بنشر الإنذارات المبكرة للكوارث البيئية.
واقترح المؤتمر اعتماد أنظمة إنذار موحدة على المستوى العربي لضمان استجابة متناسقة وشاملة عند وقوع الأزمات البيئية، إلى جانب إدراج التربية البيئية ضمن المناهج الدراسية في مختلف المراحل التعليمية، لضمان بناء وعي بيئي لدى الأجيال القادمة.
وأوصى بتشجيع البحث العلمي في قضايا المناخ والبيئة، من خلال دعم الجامعات ومراكز البحوث، كما أشار إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات البيئية والتنبؤ بالكوارث، مع تنظيم استخدام هذه التقنيات في مجال الإعلام البيئي، خاصة فيما يخص الإنذار المبكر وإنقاذ الأرواح.
وشجع على ضرورة تحفيز الجهات المانحة لتمويل الإعلام البيئي، وتشجيع إنتاج محتوى يعالج قضايا التغير المناخي، إلى جانب منح حوافز ضريبية للمؤسسات الإعلامية التي تستثمر في التثقيف البيئي.
دور الإعلام في قضايا المناخ
صرّح الدكتور مصطفى الشربيني، مستشار المناخ والاستدامة بالأمم المتحدة، لـ"جرين بالعربي"، بأن دور الإعلام في قضية التغير المناخي أصبح شمولياً واستراتيجياً، مؤكداً أن الإعلام ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل شريكٌ رئيسي في تشكيل الوعي البيئي والضغط على صانعي القرار لتبني سياسات مناخية عادلة وفعالة.
كما دعا إلى ضرورة تصدي الإعلام العالمي لحملات التشكيك في التغير المناخي، مع التركيز على معاناة الدول النامية الأكثر تأثراً رغم مسؤوليتها الأقل عن الانبعاثات؛ تحقيقاً للعدالة المناخية.
ومن جانبه، قال الإعلامي المصري محسن داوود، أحد المشاركين في المؤتمر، خلال حديثه مع «جرين بالعربي»، إن الجلسات شهدت نقاشات غنية حول قضايا المناخ بمشاركة خبراء عرب ودوليين، مؤكداً أن الإعلام يمكن أن يلعب دوراً محورياً في نشر الوعي والمعلومات حول التغير المناخي وأسبابه وتأثيراته وتحفيز النقاشات والحوارات حول قضايا البيئة والمناخ، وتشجيع السلوكيات الإيجابية والمسؤولية تجاه البيئة، وإلقاء الضوء على الجهود والمبادرات الفردية والمجتمعية لحماية البيئة، وأخيراً الضغط على صناع القرار والحكومات لاتخاذ إجراءات جادة لحماية البيئة والمناخ.
نتائج يجب تطبيقها
أشار "داوود" إلى أهمية تطبيق توصيات المؤتمر المتعلقة بتضمين قضايا المناخ في الاستراتيجيات الإعلامية الوطنية والمناهج الدراسية، وتسهيل الوصول للمعلومات البيئية الدقيقة، وتشجيع استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات البيئية.
كما أكد ضرورة دعم المبادرات المحلية التي تقدم حلولاً مبتكرة لمواجهة آثار التغير المناخي، وتمكين المواطنين من الحصول على معلومات بيئية موثوقة، وتنظيم فعاليات توعوية بمشاركة الشباب والأطفال.