يعد الفول السوداني من أكثر أنواع المكسرات استخداماً فى شهر رمضان الكريم، لما يتمتع به من مذاق لذيذ ومحتواه العالي من البروتين والسعرات الحرارية، مما يجعله مصدراً غنياً بالطاقة خلال أيام الصيام، لكن هل تعلم أن حوالي 22% من إجمالي إنتاج الفول السوداني سنوياً هو عبارة عن قشور، أي أنه يتحول إلى نفايات؟
هذا ما توصلت له دراسة أمريكية حديثة نشرتها دورية "the Frontiers" العلمية، والتي ذكرت أنه بسبب هدر قشور الفول السوداني وتحويلها إلى نفايات غذائية، يفقد العالم أكثر من 6.5 مليون طن من الألياف الغذائية و595 ألف طن من البروتين النباتي، التي يمكن إعادة استغلالها لتصبح طعام المستقبل.
لحوم صديقة للبيئة
بدلاً من إعادة تدوير قشور الفول السوداني لإنتاج علف الحيوانات أو حتى استغلالها في مجال الوقود الحيوي، تشير الدراسة الأمريكية إلى أن قشور الفول السوداني تمثل "فرصة ضائعة" في قطاع الأمن الغذائي؛ حيث يمكن إعادة تدوير هذه قشور لصنع لحوم صديقة للبيئة وغنية بالألياف الغذائية.
ويوضح الباحثون أن قشور الفول السوداني صالحة للأكل من قبل البشر، حيث يمكن استعادة العناصر الغذائية مثل البروتين والألياف الموجودة داخل القشور عبر عدة طرق، ثم معالجتها وتحويلها إلى مكونات مستدامة لمجموعة متنوعة من الأطعمة، بما في ذلك اللحوم النباتية والبروتين الحيواني المزروع في المختبر.
فوائد غذائية لقشور الفول السوداني
وتتمتع قشور الفول السوداني بالعديد من الفوائد الغذائية، فهي مصدر غني بالألياف، التي تشكل أكثر من 60% من وزن القشور، والبروتين (نحو 7%)، إلى جانب المغذيات النباتية مثل البوليفينول ومركبات الفلافونويد، التي تتمتع بخواص دوائية مضادة للالتهابات، وفقاً للدراسة.
ويستشهد القائمون على الدراسة بأبحاث تظهر إمكانات المستخلصات المشتقة من قشور الفول السوداني في علاج السرطان وارتفاع ضغط الدم، وإظهار خصائص مضادة لمرض السكري، وتقليل نشاط مسببات الأمراض، مما أدى إلى إنتاج واسع النطاق لمستخلصات دوائية من قشور الفول السوداني واستخدامها في صناعة الأدوية في معظم مناطق العالم.
قشور الفول السوداني كغذاء مستقبلي
ورغم كل هذه الفوائد، تشير الدراسة إلى أنه لا تتم معالجة قشور الفول السوداني حالياً في أي مكان في العالم، ويدعو الباحثون خبراء الصحة ومصنعي الأغذية لاستغلال هذه القشور المهدرة وطرح استخدامها بالأسواق لأنه بمجرد قبول المستهلكين لها كمكون غذائي، سوف تتحول إلى بدائل ومواد غذائية تساهم في تقليل تكاليف إنتاج الطعام وحل أزمة الأمن الغذائي، ولا سيما داخل مناطق زراعة الفول السوداني.
وتوضح الدراسة أن استعادة البروتين المفقود من مصدر بديل مثل الفول السوداني يزيد من كفاءة أنظمة الإنتاج الحالية ويوفر مصدراً إضافياً لتلبية الطلب المتزايد على البروتين بالأسواق، حيث يمكن استخدام مركزات بروتين قشر الفول السوداني في عدة تطبيقات مثل قاعدة بروتينية للحوم المزروعة في المختبر، ومنتجات الألبان النباتية ويمكن إضافته للمشروبات كمكمل بروتيني بنكهة الفول السوداني.
ويدلل الباحثون على كلامهم ومقترحاتهم بقشور البندق واللوز، والتي باتت تُستخدم بالفعل كدقيق غني بالألياف والبروتين، ورغم أن الفول السوداني يُزرع بكميات أكبر وتحتوي قشوره على كمية أكبر من البروتين والألياف والمغذيات مقارنة بقشور البندق أو اللوز، إلا أنه لا تتم معالجة قشور الفول السوداني للاستخدامات الغذائية البشرية، على عكس قشور المكسرات الأخرى.
وكما تم استخدام دقيق اللوز والبندق في الخبز والوجبات الخفيفة، تقترح الدراسة استخدام دقيق قشور الفول السوداني لصنع الخبز والكعك والمقرمشات والبسكويت، حيث يمكن لدقيق هذه القشور الغني بالألياف أن يعزز قوام الخبز بسبب قدرته القوية على الترابط وامتصاص الماء بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، تحتوي قشور الفول السوداني أيضاً على تركيز عالٍ من الأحماض الأمينية، التي يرتبط بعضها بنكهات لذيذة مثل اللحوم المشوية، مما يسمح باستخدامها في الأطعمة لإضافة مذاق يشبه اللحوم لكن من مصادر بديلة ومستدامة.
مزايا إعادة استخدام قشور السوداني
يمثل القشر نحو ربع إجمالي إنتاج الفول السوداني سنوياً وبالتالي عملية إعادة تدويره تعني خفض هدر الغذاء، وتقديم أطعمة بديلة مستدامة مما يدعم الأمن الغذائي ويعزز اقتصاد المجتمعات المحلية وصغار المزارعين المعتمدين على زراعة السوداني، بجانب الاستفادة من فوائده الصحية مما يعزز صحة البشر ويحقق العديد من أهداف التنمية المستدامة.
ويوضح الباحثون أن تثمين وإعادة استخدام المنتجات الثانوية للفول السوداني من شأنه أن يزيد بشكل كبير من كمية الغذاء المتاحة، ويحسن الاستخدام الحالي للأراضي والمياه والطاقة.
كما أن اعتماد القشور لصنع بدائل اللحوم المستدامة يعني تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل كبير لأن إنتاج الفول السوداني يوّلد انبعاثات أقل بنسبة 97% لكل كيلوجرام من لحوم البقر، ويستهلك كميات أقل بكثير من الأراضي والموارد؛ وبالتالي فإن استخدام القشور لإنتاج الغذاء البشري يقدم طريقة مستدامة للغاية لزيادة الأمن الغذائي العالمي.