"ضاحيتي تفرز"..حلم من بيروت لحياة آمنة بيئياً


إسراء محمد
الخميس 27 يوليو 2023 | 07:16 مساءً

انشغال بشري لا يهدأ بضغوط الحياة والعمل ترافقه سلوكيات هدفها ملاحقة وتيرة الحياة على الكوكب، لتعاني معها الأرض بشكل واضح من سلسلة فيضانات وحرائق للغابات وهلاك العديد من الكائنات البحرية، ومن هنا بدأ الشعور البشري بالذنب يتزايد ويعيد سكان الكوكب النظر فيما يمارسونه مرة أخرى.

مجموعة من السيدات في بيروت، يعرفن جيداً قيمة العيش في بيئة خالية من الملوثات والانبعاثات، ويتطلعن إلى مستقبل خال من التغيرات المناخية، ومن هنا أطلقن مبادرة تحت اسم "ضاحيتي تفرز"، كمساهمة منهن لإيجاد طرق مستدامة للتخفيف من أعباء الملوثات وفرز النفايات وإعادة تدويرها أو استعمالها.

كوكب صغير

علا حركي إحدى اللبنانيات المشاركات في الحملة، وبالرغم من انشغالها الدائم بالعمل، فإنها قررت تخصيص وقت للتعاون مع السيدات لترك بصمتهن الخضراء على الضاحية التي يعشن فيها. تحدثت إلى "جرين بالعربي" عن أهداف المبادرة، والخطوات التي تم اتخاذها للوصول إلى حلم الضاحية النظيفة.

تقول حركي إن المبادرة أُطلقت في شهر ديسمبر من العام 2018، واختيار اسم الحملة لا يشير إلى ضاحية بعينها، ولكن في كل منطقة توجد العديد من الضواحي التي تتطلب الاهتمام بها ورفع المخلفات منها؛ إذ تمثل كوكباً صغيراً نعيش فيه ما يشجع السكان على المشاركة والتطوع.

وتكمل أن الهدف الأساسي هو توعية الأفراد أصحاب البيوت الصغيرة بأهمية الفرز والتخفيف من عبء النفايات، والتركيز على تدوير المخلفات، وبعد فترة من انطلاقها توسعت في الأحياء المكتظة بالسكان.

عندما بدأت المبادرة كان الأمر مجرد فكرة جديدة، ولم يكن هناك العديد من الجمعيات التي ترعى مثل هذه الأفكار في بيروت؛ لذا لم تتلق مبادرة "ضاحيتي تفرز" أي تمويل من أي جهة على الإطلاق منذ تأسيسها، بل تعتمد بشكل كامل على تمويل ذاتي من أعضائها.

تشير إلى أن التوعية تضمنت أيضاً جوانب أخرى، مثل الحفاظ على الطاقة والتقليل من هدر الماء، والتوقف عن استخدام أكياس البلاستيك واستبدالها بأكياس من القماش الصديقة للبيئة، كما شجعن على الفرز المنزلي وفصل المواد التي يمكن إعادة تدويرها عن المخلفات الأخرى؛ لذا اهتمت بتدريب "ربة المنزل"على مهمة الفرز.

الهدف الأساسي للمبادرة هو توعية الأفراد أصحاب البيوت الصغيرة بأهمية الفرز والتخفيف من عبء النفايات والتركيز على تدوير المخلفات ثم الانطلاق لباقي المناطق

تم تجميع القمامة والمخلفات في صناديق كبيرة، وتُرسل إلى جمعيات الصم والبكم، الذين يقومون ببيع البلاستيك، ولا يقتصر المجهود عند هذا الحد، بل وزعن أكياساً صديقة للبيئة على بائعي الخضار باسم "ضاحيتي".

أطفال المدارس

ومن ضمن أهداف المبادرة تربية جيل جديد قادر على استيعاب المفهوم العميق للبيئة، والتعامل معها على أنها مثل منزله؛ لذا استطعن تأسيس ائتلاف المدارس البيئية وشاركت أكثر من 30 مدرسة خاصة وحكومية للتطوع في الفرز ومنعوا الأطفال من إحضار أي مواد بلاستيكية إلى المدرسة كحافظة الطعام أو الزجاجة أو الأكواب على سبيل المثال، وشجعوا على عدم استخدامها لكونها تحتاج إلى مئات السنوات للتحلل.

ساعد الأطفال في نقل الفكرة من المدرسة إلى البيت، وأصبحوا يتحدثون مع عائلتهم عن خطورة استخدام البلاستيك، وكان هناك استجابة سريعة من الجميع، وبالفعل بدأت العائلات في فرز المخلفات وإرسالها إلى الأماكن المخصصة، بعدما استلموا من أعضاء المبادرة أكياس مستدامة؛ للحفاظ على جودة اللحوم والألبان والجبن دون أضرار بجانب الحفاظ على البيئة.

وأخيراً حذرت من السلوكيات الخاطئة المُمارسة يوميًا، باعتبارها السبب خلف انفجار مشكلة المناخ، والتعامل السلبي مع ماء البحر من خلال إلقاء عبوات العصائر والبلاستيك، دون وعي لخطورة ذلك على الكائنات البحرية والثروة السمكية؛ لذا التربية البيئية لا تقل أهمية عن التربية التربوية للأطفال في جميع المراحل العمرية.