رمضان الشتوي.. 4 أسباب تجعل الصيام أكثر صداقة للبيئة في الأجواء الباردة


مروة بدوي
الاحد 02 مارس 2025 | 07:15 مساءً

بعد غياب نحو ربع قرن، يعود شهر رمضان الكريم إلى دورته الشتوية، حيث يجوب رمضان الفصول الأربعة خلال 33 سنة قمرية، ولمدة 7 سنوات قادمة سوف تسيطر الأجواء الباردة على الشهر المبارك وطقوسه.

من المؤكد أن كل شخص يستمتع بفصل معين ويفضله على باقي فصول السنة، لكن عند الحديث عن شهر رمضان المبارك يكون الشتاء هو الفصل الأكثر تفضيلاً للصيام،  فالنهار قصير والليل طويل، مما يقلل الإحساس بالجوع، كما أن الأجواء الباردة تجعلنا لا نشعر بالعطش الشديد، ولكن يبدو أن الشتاء ليس الفصل المحبب للبشر فقط، حتى البيئة قد تكون أكثر ترحيباً بقدوم "رمضان الشتوي" على عكس باقي الفصول وخاصة الصيف.

وفي السطور التالية يستعرض "جرين بالعربي" الأسباب التي تجعل رمضان في الشتاء أكثر صداقة للبيئة.

استهلاك أقل للطاقة 

يرتبط شهر رمضان بالتجمعات العائلية والصلوات بالمساجد التي يقبل عليها المسلمون لإحياء الشعائر الدينية، وكلما ارتفعت درجات الحرارة، يصبح من الضروري استخدام مكيفات الهواء والمراوح الكبيرة لتلطيف الجو حتى يتحمل الناس موجات الاحترار التي ترتفع بشكل هيستيري في السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، ومع زيادة استخدام الأجهزة الكهربائية يرتفع استهلاك مصادر الطاقة المضرة وما ينتج عن ذلك من تلوث للبيئة المحيطة.

ووفقاً لوكالة حماية البيئة الأمريكية، يُعد توليد الكهرباء من محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري، ثاني أكبر مصدر مسئول عن التلوث العالمي بثاني أكسيد الكربون، ومصدراً رئيسياً لتلوث الهواء والماء والأرض بالملوثات والغازات الضارة والمعادن السامة، مما يسهم بشكل كبير في تغير المناخ ويهدد الصحة العامة ويؤثر على النظم البيئية على مستويات متعددة، ويقلل التنوع البيولوجي للكائنات الحية، كما أن زيادة استهلاك الكهرباء يعني الضغط على موارد البيئة واستنزافها سريعاً.

أما في فصل الشتاء نلجأ إلى مصادر تقليدية للتدفئة مثل الملابس الثقيلة أو البعد عن التواجد في الأماكن المفتوحة، وبالتالي لا يزيد استهلاك الطاقة ومصادرها والتلوث البيئي.

انخفاض نسبة انبعاثات غازات الدفيئة 

الأجواء الدافئة تشجع على الخروج والتنزه، لكن الأجواء الشتوية قد تصب في مصلحة البيئة بشكل أكبر، وخاصة عندما يتزامن الصيام مع أوقات الدراسة في الدول العربية، لأن ذلك يؤثر على عادات الناس الرمضانية، ويقلل إلى حد ما من تبادل الزيارات العائلية والتجمعات لتناول الإفطار أو السحور، مما يخفف الضغط والازدحام في الشوارع ويقلل استخدام وسائل النقل العامة والخاصة التي تحرق الوقود الأحفوري، وبالتالي تنخفض نسبة الانبعاثات.

ويُعد قطاع النقل من أكبر القطاعات العالمية التي تتسبب في انبعاث غازات الدفيئة، وهي المساهم الأول في ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث ينتج قطاع النقل حوالي 23% من إجمالي الانبعاثات الكربونية الناجمة عن النشاط البشري على مستوى العالم، حسب تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية "unece".

الحفاظ على سلامة الغذاء وقلة هدر الطعام

تتأثر سلامة الغذاء بطريقة تخزينه، ودرجة الحرارة ونسبة الرطوبة، وتتأثر سلامة الغذاء خلال فصل الصيف بشكل كبير لأن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من التفاعلات الكيميائية ويكثر من معدلات نمو البكتيريا وخاصة في مشتقات الألبان، والبيض، والدواجن، واللحوم، كما تساهم أشعة الشمس في تغيير درجة حرارة الطعام سريعاً، مما يفقدها خصائصها الغذائية المفيدة، وتؤدي كل هذه العوامل الصيفية إلى تلف الطعام سريعاً وتغير رائحته ومظهره.

ويشير الموقع الرسمي لوزارة الزراعة الأمريكية إلى أن البكتيريا موجودة في كل مكان حتى في الطعام، وعندما تحصل البكتيريا على العناصر الغذائية والرطوبة، ودرجات الحرارة المناسبة، فإنها تنمو بسرعة، وتتزايد أعدادها إلى حد أن بعضها يمكن أن يسبب المرض؛ لذلك يجب إدراك أهمية درجة الحرارة في الحفاظ على سلامة الغذاء، لذلك ينصح بالحفاظ على بقايا الطعام وتبريدها بسرعة، ولا تساعد الظروف الجوية في فصل الصيف على تنفيذ هذه القواعد.

ومن ضمن العادات السيئة في شهر رمضان الإكثار من الأطباق والأطعمة على مائدة الإفطار، وبالتالي زيادة الفائض من الطعام يومياً، والتي يصبح من الصعب تخزينها بشكل سليم أثناء الصيف، وبالتالي يتضاعف تلف الغذاء والهدر، على عكس أجواء البرد التي لا تؤثر بشكل كبير على سلامة الغذاء مما يقلل من هدر الطعام.

فواكه الشتاء ومشروباته أكثر استدامة

تتميز البصمة الكربونية للفاكهة الشتوية بأنها أقل من نظيراتها الصيفية، وخاصة اليوسفي، فنجد أن الحبة الواحدة منه تصدر 52 جراماً من غاز ثاني أكسيد الكربون، أما ملكة الفاكهة الصيفية المانجو تصدر 121 جراماً من غاز ثاني أكسيد الكربون لكل حبة صغيرة منها.

نتيجة الحرارة والشعور بالعطش صيفاً يزيد استهلاك العصائر خاصة الطازجة، وترتفع نسبة الهدر نتيجة التلف والإفراط، على عكس المشروبات الساخنة شتاءً، والتي يمكن التحكم في كميتها دون هدر. 

وفي النهاية لا يوجد أجمل من الاستمتاع بشهر رمضان في كل فصل، لكن فصل الشتاء سوف تزيد نكهته عندما تجتمع احتفالات بداية العام الجديد مع الأجواء الرمضانية بداية من عام 2030 ولمدة 3 سنوات، ينتقل بعدها شهر الصيام كاملاً إلى الأجواء الخريفية.