مؤشر مخاطر المناخ 2025.. الكوارث "وضع طبيعي" ودولتان عربيتان ضمن الأكثر تضرراً


مروة بدوي
الاربعاء 26 فبراير 2025 | 04:01 مساءً

على مدى العقود الثلاثة الماضية ازدادت وتيرة وشدة العواصف والفيضانات وموجات الحر والجفاف، مما أسفر عن عواقب وخيمة أثرت على حياة البشر واقتصاديات البلدان، وتسببت هذه الأحداث المناخية المتطرفة بشكل مباشر في وفاة آلاف الأشخاص والكثير من الخسائر الاقتصادية حول العالم.  

وكشف تقرير "مؤشر مخاطر المناخ 2025"، عن درجة تأثير هذه الأحداث المناخية المتطرفة على العالم، موضحاً عواقب المخاطر التي تعرضت لها البلدان على مدى الـ30 عاماً الماضية، مع رصد جميع التأثيرات البشرية الاقتصادية وتصنيف البلدان الأكثر تضرراً.

أبرز نتائج مؤشر مخاطر المناخ 2025

يصدر مؤشر مخاطر المناخ (CRI) عن منظمة "جيرمان ووتش" غير الحكومية والمعنية بالحد من آثار تغير المناخ، ويستند التقرير إلى قاعدة بيانات الكوارث الدولية "EM-DAT" والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وسلط هذا التقرير الضوء على مخاطر المناخ ودرجة تأثير الأحداث المتطرفة منذ عام 1993 حتى عام  2022 على دول العالم، حيث فقد أكثر من 765 ألف شخص حياتهم وتم تسجيل خسائر اقتصادية مباشرة بلغت نحو 4.2 تريليون دولار، نتيجة وقوع نحو 9400 حدث مناخي متطرف حول العالم خلال تلك الفترة.

وتعد الفيضانات والعواصف وموجات الحر والجفاف هي الظواهر الأكثر تأثيراً منذ عام 1993 إلى عام 2022، حيث تسببت العواصف (بنسبة 35٪) وموجات الحر (بنسبة 30٪) والفيضانات( بنسبة 27٪) في معظم الوفيات، بينما كانت الفيضانات مسؤولة عن أكثر من نصف الأشخاص المتضررين بالعالم. 

وفيما يتعلق بالخسائر الاقتصادية، تتصدر العواصف قائمة الخسائر المادية الأكثر أهمية، حيث تمثل 56٪ أو 2.33 تريليون دولار من إجمالي الخسائر العالمية، تليها الفيضانات بمعدل 32٪ أو 1.33 تريليون دولار.

قائمة البلدان الأكثر تضرراً 

يشير تصنيف مؤشر مخاطر المناخ (CRI) إلى قائمة الدول العشرين الأكثر تضرراً في الفترة من 1993 إلى 2022، وهي: جزيرة دومينيكا، وهندوراس في أمريكا الوسطى، والصين، وميانمار، وإيطاليا، والهند، وأرخبيل فانواتو، والفلبين، وهايتي، وموريتانيا، وجيبوتي، واليونان، وفيجي، وإسبانيا، والنيجر، وإسواتيني الإفريقية، وكمبوديا، وجزر ميكرونيسيا، وبليز في أمريكا الوسطى، ومنغوليا.

وتُظهر هذه القائمة أن الأحداث المتطرفة تؤثر بشكل خاص على دول الجنوب العالمي أو أقل البلدان نمواً، مع وجود 13 دولة نامية، تشمل 3 دول جزرية صغيرة (دومينيكا، وفانواتو، وميكرونيسيا) بسبب ضعف البنية التحتية وانخفاض القدرة على التكيف مع التغير المناخي، وفقاً للتقرير.

وتتصدر دولة دومينيكا قائمة البلدان الأشد تضرراً من الأحداث المناخية المتطرفة من 1993 حتى 2022،  باعتبارها دولة جزرية في البحر الكاريبي، فهي معرضة بشكل متكرر للأعاصير، بما في ذلك إعصار ماريا عام 2017، والذي تسبب في أضرار بلغت ما يعادل 270% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تواجه البلاد عواصف بمعدل مرة كل عامين في المتوسط.

الدول الأوروبية

تشمل قائمة أكثر البلدان تضرراً على مدى 30 عاماً 3 دول أوروبية تطل على البحر المتوسط، هي: إيطاليا، واليونان، وإسبانيا، ويرجع التقرير السبب الرئيسي إلى موجات الحر الشديدة من 2003 وحتى 2022 والتي أدت إلى تفاقم موجات الجفاف، بجانب حرائق الغابات التي اندلعت في أعوام 1998 و2007 و2022 وفيضانات عام 2019، كل ذلك نتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح وأضرار مادية جسيمة وخاصة في إسبانيا.

الدول العربية 

وكشف تقرير مؤشر مخاطر المناخ 2025 عن ترتيب موريتانيا في المركز الـ10عالمياً من حيث تعرضها وتأثرها بالكوارث المناخية خلال الفترة الممتدة بين 1993 حتى 2022، ويرجع ترتيب موريتانيا في هذا المركز بشكل أساسي إلى عدد الأشخاص المتضررين من الأحداث المتطرفة، والذي بلغ 297 ألفاً و714 شخصاً خلال العقود الثلاثة الماضية، بمعدل 809 متضررين لكل 100,000 نسمة، مقارنة بعدد سكان موريتانيا، والذي كان يبلغ 2 مليون و613 ألف شخص عام 2000.

 واجهت موريتانيا العديد من الأحداث المناخية المتطرفة ذات التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وخاصة حالة التقلب المناخي بين موجات الجفاف الكبرى، والتي خلفت أضراراً جسيمة، بما في ذلك موجة جفاف عام 2017 والتي أثرت على حياة أكثر من 3 ملايين شخص، أي ما يعادل 99% من السكان.

وعانت موريتانيا من تكرار الكوارث المناخية خلال الـ3 عقود الماضية، حيث تعرضت البلاد لـ19 موجة من الفيضانات، و8 موجات من الجفاف الشديد، بجانب عدد من موجات العواصف والأوبئة التي تتزايد مخاطرها مع تداعيات التغير المناخي. 

 وفي المركز الـ11 نجد جيبوتي، ويعود ترتيبها في هذا المركز إلى ارتفاع نسبة الخسائر البشرية والاقتصادية، والتي يرجع جزء كبير منها إلى موقعها الجغرافي، باعتبارها دولة صغيرة في أقصى شرق أفريقيا، عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، حيث واجهت البلاد مخاطر عالية من ارتفاع مستوى مياه البحر، وتآكل السواحل وموجات الجفاف والفيضانات، وعكست درجات حرارة سطح البحر، التي تم رصدها في البحر الأحمر وخليج عدن، أنماط ومعدلات مختلفة من الاحترار.

كما تعرضت البلاد لـ12 موجة من الجفاف الشديد منذ بداية الألفية الثالثة، وأثر الجفاف المزمن بين عامي 2008 و2011 على نصف سكان الريف، وأدى إلى نفوق الماشية ونقص الغذاء والمياه، وخسارة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشتدُّ ضراوة الجفاف في جيبوتي باعتبارها واحدة من أكثر البلدان ندرة في المياه حول العالم.

وشهدت جيبوتي مخاطر الزلازل والبراكين والانهيارات الأرضية، نتيجة موقعها الجغرافي داخل مثلث العفر في نظام الصدع الأفريقي العربي، وهي منطقة نشطة تكتونياً.

الكوارث تتحول إلى "وضع طبيعي" 

ويوضح التقرير أنه يمكن تقسيم قائمة البلدان الأشد تضرراً إلى مجموعتين: البلدان الأكثر تضرراً بالصدمات المناخية أو الأحداث المتطرفة غير المعتادة والنادرة مثل دول (دومينيكا وهندوراس وميانمار وفانواتو)، والبلدان المتضررة من الأحداث المتطرفة المتكررة مثل دول (الصين والهند والفلبين وموريتانيا وجيبوتي).

ويُظهر علم المناخ بوضوح أن التغير المناخي يزيد من مخاطر الفئتين، ويساهم في تحويل الأحداث المتطرفة غير المعتادة إلى تهديدات مستمرة ومتواترة، مما يخلق "وضعاً طبيعياً جديداً" في البلدان، وبالتالي فإن جميع الدول متأثرة بالتغيرات المناخية، حسب التقرير.

وأصبحت الأحداث المناخية المتطرفة شائعة جداً في جميع أنحاء العالم، لذلك يعد تقرير "مؤشر مخاطر المناخ 2025" بمثابة أداة مهمة لفهم تداعيات التغير المناخي على الدول، ووسيلة لتوفير البيانات ومساعدة الحكومات على اتخاذ قرارات مدروسة.

وتحتل قائمة البلدان الأكثر تضرراً أهمية خاصة، حيث ينبغي على هذه البلدان أن تنظر إلى نتائج مؤشر مخاطر المناخ باعتبارها ناقوس خطر بأنها معرضة لأحداث متكررة أو نادرة وغير عادية، ما يساهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة.