لماذا تزايدت هجمات "حيتان الأوركا القاتلة" على سواحل المغرب؟ 4 أسباب محتملة


مروة بدوي
الاربعاء 29 يناير 2025 | 07:28 مساءً

تجددت هجمات الحيتان القاتلة، وأبرزها حوت الأوركا، على قوارب الصيد قبالة السواحل المغربية، ما أثار الخوف من تغيير نمط سلوك الحيتان وهجومها على القوارب، وتهديد حياة الصيادين وسبل عيشهم في هذه المنطقة. 

تقطن الحيتان القاتلة المعروفة بـ”السَفّاح” مياه المحيط الأطلسي، ومنها مجموعة حوت الأوركا الأيبيرية، التي تعيش على سواحل شبه الجزيرة الأيبيرية والمغرب، وهي معرضة للخطر بشكل حرج، لذا أدرجت في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.

تعاون مغربي إسباني لدراسة هجمات الأوركا 

زادت هجمات الحيتان القاتلة بشكل كبير منذ عام 2020، حيث وُثقت مئات الحوادث على جميع أنواع السفن وخاصة على سواحل المحيط الأطلسي.

وتشكل هجمات الحيتان القاتلة جزءاً طبيعياً من دورة حياتها في المحيط، ولكنها لا تستهدف البشر عادةً، بل تستهدف الأنواع البحرية الأخرى، حسب مؤسسة GT Atlantic Orca.

ومن أجل تتبع هذا النوع من الحوادث وحماية الصيادين من أي هجمات محتملة من قبل الحيتان، يتعاون المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري المغربي، مع المعهد الأسباني لعلوم المحيطات، لفهم سلوك الأوركا بشكل أفضل، وتحليل أسباب هذه الهجمات على القوارب خاصةً في جنوب مضيق جبل طارق.

وتوصل هذا التعاون البحثي بشكل مبدئي إلى أن الحوادث تبقى محدودة بشكل نسبي، والتفاعلات بين الحيتان القاتلة وقوارب الصيد ليست عدائية أو عنيفة، مع استمرار التعاون بين المؤسستين لدراسة الظاهرة وتفسيرها، وفقاً لوسائل إعلام مغربية.

الدوافع المحتملة وراء هجمات الحيتان القاتلة

ولا يزال العلماء حول العالم أيضاً يدرسون سلوك الأوركا الهجومي ضد القوارب لتحديد أسباب تصرفه بهذه الطريقة، لأنه من المعروف أن الحيتان القاتلة ليست لديها سلوك عدواني تجاه البشر أو المراكب بصفة عامة، وهناك عدة افتراضات لهذا النمط السلوكي الجديد، منها:

1- تجربة سيئة أو حادثة 

يقول الباحث المتخصص في دراسة مجموعات الحيتان القاتلة، ألفريدو لوبيز، إن هذه الهجمات تعتبر سلوكاً نادراً يظهر بشكل استثنائي داخل مجموعة الأوركا التي تعيش في مضيق جبل طارق.

 ويرى لوبيز إن هذا السلوك يبدو مكتسباً، وقد يكون نتيجة تجربة سيئة أو حادثة مؤلمة أضرت بالحيتان وصغارها من قبل القوارب مثل الاصطدام بدفة سفينة أو قارب صيد، أي أن الأمر قد يعود إلى الأنشطة البشرية التي تتعمد أحياناً الاحتكاك بالأوركا، ما يخلق هذه التفاعلات العدائية، حسب مجلة العلوم الأمريكية (Scientific American)‏.

2- تأثير أزمة المناخ

 ومن أبرز الافتراضات وراء السلوك العدواني للحيتان القاتلة هو تغير المناخ الذي يؤثر في الموائل الطبيعية والنظم البيئية البحرية، وخاصةً في مياه المحيط الأطلسي.

وتؤثر أزمة المناخ وتحمض المحيطات على سلوك الحيوانات ونمط حياتهم، حيث تحدث الكثير من التغييرات التي تهدد التنوع البيولوجي البحري، وفقاً لتقرير اتفاقية أوسبار لحماية البيئة البحرية في المحيط الأطلسي.

3- ندرة الغذاء

وألقت صحيفة الاندبندنت الضوء على  نظرية أخرى، أرجعت السلوك الغريب للأوركا في الأطلسي إلى ندرة الغذاء؛ لأن الإفراط في صيد الأسماك وتغيير النظام البيئي البحري قد يؤدي إلى نقص فرائس الحيتان القاتلة، وبالتالي زيادة المنافسة على الموارد وزيادة العدوانية أثناء تفاعلات الصيد.

 وحسب هذه النظرية تعامل الحيتان القاتلة قوارب الصيد كمنافس على فرائسها المفضلة، وتهاجمها دفاعاً عن الغذاء، خاصةً أن قوارب الصيد تتبع نفس مسارات هجرة التونة الأطلسية ذات الزعانف الزرقاء، الفريسة الرئيسية لحيتان الأوركا؛ ما يضع الأخيرة في اتصال وثيق مع صيادين الاسماك، وربما يكون ذلك سبب الهجوم.

4- التلوث الضوضائي تحت الماء

 التلوث الضوضائي تحت الماء الناتج عن الأنشطة البشرية مثل الشحن والاستكشاف الزلزالي والبناء البحري يمكن أن يزعج الحيتان القاتلة، ويضغط عليها، ما يجعلها أكثر عدوانية في محاولة لحماية بيئتها وصغارها.

كل هذه الاضطرابات المناخية والبيئية يمكن أن تؤدي إلى تغيير سلوك الأوركا الطبيعي، وفي بعض الحالات، قد تثير ردود فعل عدوانية مثل مهاجمة القوارب.

وحتى يتوصل العلماء إلى تفسير علمي لهذه  الظاهرة، والسيطرة على أسباب حوادث الأوركا في السواحل الأطلسية، أوضحت الحكومة المغربية أنها تكثف جهودها البحثية والعلمية وتوسع الحملات الاستكشافية لفهم سلوك الحيتان القاتلة، مع تفعيل استخدام  التكنولوجيا الحديثة لتتبع هذه الحوادث بهدف حماية الصيادين من هجمات الحيتان القاتلة المحتملة على السواحل المغربية.