بينما يضع الصيف أوزاره
يتلبد الأفق بالغيوم
وتتحضر البرية لاستقبال الشتاء
ها هو ينظر إلى السماء
ويشعر بأن الوقت قد حان لرحلة الذهاب
يهجر أعشاشه وينضم لرفقائه
ثم ينطلق معلنا بداية موسم الهجرة إلى الجنوب
هربا من برودة الأجواء وقلة الغذاء
منذ عقود بعيدة تخرج الملايين من الطيور
في رحلة تقليدية من مواقع التعشيش بالقارة العجوز
إلى مناطق التشتية في إفريقيا
بمحاذاة الساحل الشرقي للبحر المتوسط تقطع الطيور رحلة محفوفة بالمخاطر
تعوقها توربينات الرياح وتفاجئها الطبيعة بالعواصف والرمال
لكن في سبيل الحياة
لا مفر من المغامرة
تستشعر الطيور الدفء كلما اقتربت من وجهتها
لكن بينما تمني أنفسها بأماكن الراحة والطعام
تستقبلها شباك الصيادين على السواحل المصرية
يٌقتل 1.6 مليون طائر من السمان سنوياً
من بين إجمالي 25 مليون طائر يُقتلون في منطقة البحر المتوسط
هنا.. تفقد الطيور حياتها بسبب أفخاخ الصيد غير الشرعية
ومن ينجو ينضم لملايين الطيور المهاجرة إلى مصر سنويا
والتي تضم 255 نوعاً من الطيور المائية والأرضية و37 نوعاً من الطيور الحوامة
أخيراً تحط الطيور رحالها مع رفقاء موسم الهجرة
لينعموا سويا باستراحة هادئة في البحيرات الشمالية المصرية
تلك الأراضى الرطبة ذات الأهمية الكبيرة للطيور
فهي محطة للتعافي والتزود بالطاقة الغذائية لاستكمال الطريق
ورغم ثرائها وأهميتها في التنوع الإيكولوجي لكل الكائنات
يهددها التلوث والتغيرات المناخية
هذا بجانب الممارسات البشرية الخاطئة مثل تعميق المناطق الضحلة وإزالة الحشائش
والتعدي على البحيرات والتجفيف المستمر
بحيرة المنزلة :.. أكبر البحيرات والتي تضم محمية "أشتوم الجميل"
استقبلت في 2022 نحو 500 ألف طائر منها 37 نوعا معرضة للانقراض
لكنها تعاني من مياه الصرف الصحي منذ 30 عاماً
وتفقد موائلها الطبيعية وجودة مياها بسبب تغير المناخ
من المنزلة إلى براري السودان حيث تحط الطيور في غابة السنط
الغابة البهية يحاصرها الفيضان الموسمي والنشاط البشري المتزايد
السنط إحدى محطات الطيور المهاجرة في طريقها لوسط إفريقيا
ولطالما تعالت أصوات الخبراء محذرة من فقدان الطيور وخسارة التنوع البيولوجي
الغابة تستقبل نحو 930 نوعاً من الطيور المهاجرة عبر ثلاث قارات
وبشكل عام.. يواجه خط سير الطيور عوائق كبيرة
تهدد التغيرات المناخية 87% من مناطق مسار الهجرة السنوية
وتواجه جميع البحيرات مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر وغرق الأراضي وملوحة الماء
نظامها البيئي مُعرض للزوال والجفاف
فهل سيأتي يوم وتفقد هذه الطيور ملجأها.. وتصبح أجنحة بلا مأوى؟
أم ستغير مسار هجرتها التقليدي وتختفي تدريجيا
أو ربما تخسر حياتها في رحلتها للبحث عن ملاذ جديد