يعيش السودان حالة من المعاناة المستمرة منذ بداية الحرب التي دخلت الآن شهرها السابع عشر، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص من منازلهم، سواء داخل السودان أو خارج حدوده؛ ما تسبب في خلق أكبر أزمة نزوح بالعالم في الوقت الحالي، مع نقص حاد في الغذاء وانتشار المجاعة في عدة أجزاء من البلاد، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، ثم جاءت الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات لتضيف فصلاً جديداً في سلسلة المآسي الكارثية في السودان.
السدود العربية والفيضانات
فيضانات مفرطة بسبب النينيو
تشهد السودان سنوياً موسم هطول الأمطار في الفترة من يونيو إلى سبتمبر، وتتجدد في مثل هذا التوقيت من كل عام التحذيرات من الفيضانات.
ومنذ منتصف أبريل، أدت الأمطار الغزيرة المرتبطة بظاهرة النينيو إلى حدوث ظواهر مناخية شديدة في السودان ودول شرق إفريقيا، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية، وكان من المتوقع أن يتفاقم الوضع خلال السنة الحالية، وفق ما ذكرته المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين أولغا سارادو.
تشير منظمة الهجرة الدولية IOM إلى أن السودان تعاني من تقلب أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء البلاد، وخاصة عبر أحواض المياه لنهر النيل، فضلاً عن تسارع تغير المناخ.
السدود العربية والفيضانات
انهيار سد أربعات
وفي نهاية شهر أغسطس، تفاقمت الأزمة الإنسانية بعد أن أدت الأمطار الغزيرة، التي اجتاحت شرق السودان، إلى انهيار سد أربعات.
وتسبب اندفاع المياه المفاجئ، في تدمير 20 قرية بالكامل وتضرر 50 قرية أخرى، ونتج عن ذلك مقتل عشرات الأشخاص، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
وتقدر السلطات أن نحو 50 ألف شخص يعيشون على الجانب الغربي من السد تضرروا بشدة، في حين لا يزال تقييم التأثير على الضفة الشرقية للسد غير معروف.
كما تم الإبلاغ عن أضرار جسيمة في البنية التحتية من شبكات مياه وكهرباء واتصالات، وانهيار 84 بئراً وتدمير 70 مدرسة بشكل كامل أو جزئي، وباتت بعض المناطق معزولة وغير صالحة للسير بسبب الفيضانات، كما فقد أكثر من 10 آلاف رأس من الماشية.
السدود العربية والفيضانات
وأفادت تقارير الأمم المتحدة بأنه منذ بداية هطول الأمطار في يونيو الماضي، أحدثت الفيضانات دماراً كبيراً في العديد من أنحاء السودان، وكانت المناطق الأكثر تضررًا في شمال وغرب دارفور وولاية نهر النيل، وحتى قبل انهيار السد، تأثر أكثر من 310 آلاف شخص بالفيضانات في مختلف أنحاء البلاد.
خطر الأوبئة والجفاف
ولا تقف مشكلة الفيضانات وانهيار سد السودان عند هذا الحد، بل إن ارتفاع مستوى المياه في الأنهار والبرك الراكدة سوف يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال والملاريا، وفقاً لموقع "ReliefWeb" التابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
كما ينذر انهيار سد أربعات بحدوث أزمة مياه حادة في بورتسودان الواقعة على ساحل البحر الأحمر؛ حيث تعتمد المدينة على سد أربعات مصدراً رئيسياً لمياه الشرب منذ عقود، ولقد فقدت المدينة هذا المصدر بجانب أن الفيضانات أدت الى أضرار بالغة في خط أنابيب المياه العذبة الذي يغذي المنطقة.
السدود العربية والفيضانات
سدود درنة الليبية
تعيد كارثة انهيار سد أربعات إلى الأذهان انهيارات سدود مدينة درنة الليبية، في أعقاب العاصفة دانيال منذ عام تقريباً، التي تسببت في حدوث فيضانات جارفة دمرت المدينة، أدت إلى مقتل 4352 شخصاً على الأقل، ونزوح أكثر من 43 ألفاً، وللأسف ما زالت السدود تتسبب في تفاقم الأزمات المناخية، بينما تدفع المجتمعات الهشة الثمن باهظاً من دون إيجاد حلول ناجزة.