للطبيعة حقوقها التي يسلبها البشر يومياً، حتى بات الأمر عادياً، وأصبحت الأنشطة البشرية تُزاحِم البيئة ومكوناتها، ولكن ماذا عن حقوقها الفنية وإلهامها الإبداعي للموسيقيين؟! قد يبدو الأمر غريباً، لكن هذا ما اعتمدته مبادرة جديدة؛ إذ قررت التعامل مع الطبيعة كفنان له حقوق ملكية.
ساهمت الطبيعة دائماً في إثراء الموسيقى، سواء بأصوات حية تضفي روحاً مختلفة على الأعمال الفنية أو بمحاكاة الملحنين أصوات وإيقاعات الكوكب، أو حتى عن طريق إلهام الموسيقيين بأعذب وأرق الألحان. وربما قد حان الوقت لتحويل كل هذا التاريخ الذي جمع الموسيقى والطبيعة إلى وسيلة لدعم الأخيرة من أجل الحفاظ على البيئة.
الطبيعة فنان له حقوق.. مبادرة لإنقاذ البيئة
مبادرة جديدة تحافظ على حقوق الملكية للطبيعة
يبدو أن الأساليب التقليدية لتقديم المساعدات لم تؤتِ ثمارها المتوقعة حتى الآن، وقد بدأ العالم يبحث عن المزيد من الأساليب الجديدة وغير المألوفة، وأحدث مثال على ذلك هو الاعتراف بالطبيعة باعتبارها فناناً أو منتجاً موسيقياً بشكل رسمي على منصات البث الرئيسية.
في إطار المبادرة التي أطلقها مشروع Sounds Right التابع لمؤسسة Museum for the United Nations – UN Live؛ تم تخصيص صفحة رسمية تحمل اسم "Nature" على منصات البث الرئيسية، على غرار باقى الموسيقيين بالعالم. وتضم هذه الصفحة مجموعة من المقاطع الصوتية المسجلة من بيئات مختلفة حول العالم، من الغابات المطيرة إلى المحيطات، ومن زقزقة الطيور إلى الأمواج المتلاطمة وصوت العواصف الرعدية، وقد وصل عدد المستمعين لهذه التسجيلات إلى ملايين الأشخاص في شهر واحد.
الأمم المتحدة
وهناك خاصية أخرى عبر المبادرة، تسمح للمطربين وكُتَّاب الأغاني والفرق الموسيقية، الذين يستخدمون هذه الأصوات الطبيعية بأعمالهم، في إضافة "الطبيعة" كفنان مشارك في العمل وكتابة اسمها بجانب اسم الفنان.
وتوضح الرئيسة التنفيذية لمؤسسة UN Live كاتيا إيفرسن أن الثقافة الشعبية، مثل الموسيقى، لديها القدرة على إشراك الملايين من الناس وإحداث التغيير الإيجابي على نطاق واسع، ووضع الجميع على مسار الاستدامة؛ لذلك ترى إيفرسن أن الاعتراف بالطبيعة باعتبارها فنانًا ذا قيمة حقيقية سوف يغير قواعد اللعبة.
الطبيعة فنان له حقوق.. مبادرة لإنقاذ البيئة
الفائدة من المبادرة
تهدف هذه المبادرة إلى تشجيع محبي الموسيقى في جميع أرجاء العالم على إعادة اكتشاف قيمة الطبيعة، وإلهامهم من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها، كما أن إطلاق المبادرة حالياً يمثل أهمية كبيرة؛ لأنه يأتي في الوقت الذي تعاني فيه الحياة البرية بشكل ملحوظ وتحتاج إلى المساعدة الفورية.
وحسب موقع "يورونيوز"، سوف تذهب إيرادات هذه التسجيلات المدرجة في صفحة "Nature" الرسمية على كل منصات البث الموسيقية إلى دعم مشاريع حماية التنوع البيولوجي والحفاظ عليه؛ حيث سيتم تخصيص نحو 70% من أرباح هذه التراكات لتمويل عمليات الحفظ. أما الفنانون الذين يستخدمون الأصوات الطبيعية في تسجيلاتهم، فسيتم توزيع حصة من أرباحهم على القضايا البيئية.
طريقة إنفاق الأموال
يقول مدير البرنامج غابرييل سماليس إن المبادرة أعطت الأولوية للحفاظ على النظم البيئية، واستعادت أعلى مستويات التنوع البيولوجي، وسيُشرف على توزيع وتخصيص الأموال لجنة مستقلة من خبراء الحفاظ على الطبيعة والناشطين البيئيين وممثلي الشعوب الأصلية، وخاصةً من الجنوب العالمي؛ حيث توجد معظم النظم الإيكولوجية والأنواع المهددة بالانقراض، التي تأمل المبادرة تقديم الدعم لها، ومن ضمن أهداف المبادرة الحالية الحفاظ على الغابات في مدغشقر والجهود المبذولة لمنع التعدين في أعماق البحار.
الطبيعة فنان له حقوق.. مبادرة لإنقاذ البيئة
ومن أجل دعم المبادرة، أصدر بعض الفنانين أغانيَ بالتعاون مع الطبيعة، مثل نجمة البوب أورورا، بينما قام آخرون بإعادة إصدار نسخ من أغانيهم بعد مزجها بأصوات الطبيعة الحقيقية، منهم مغني الروك المعروف ديفيد باوي والمغنية إيلي غولدنغ.
هذه المبادرة الموسيقية قد تنجح في توحيد العالم حول أهمية الطبيعة، وتصبح وسيلة متاحة للجميع لحماية الكوكب. كل ما عليك هو الاستماع دائماً لتسجيلات صفحة "Nature" على منصة البث المفضلة لديك؛ حتى تكون الطبيعة هي الفنان الأكثر استماعاً على المنصات، فتزيد الارباح والمساهمات البيئية، كما نأمل إطلاق أغانٍ عربية تطبق هذا المفهوم، أو إعادة إصدار أغانٍ قديمة شهيرة مثل "يا طيور" بعد مزج صوت أسمهان بتغريد الطيور الحقيقي.