الممارسات المستدامة تدفع الورود السعودية نحو الريادة العالمية


مروة بدوي
الثلاثاء 27 اغسطس 2024 | 12:11 مساءً
مزارع الورود في السعودية
مزارع الورود في السعودية

منذ قرون، تحتضن المملكة العربية السعودية زراعة الورود، التي باتت جزءاً من الإرث الثقافي للمجتمعات المحلية ورمزاً للجمال الطبيعي بالمنطقة.

وتحظى الورود السعودية بشعبية كبيرة في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية؛ بسبب ألوانها الزاهية النابضة بالحياة ورائحتها الجذابة، ولكن هذه ليست الميزة الوحيدة؛ فهناك جانب آخر خفي هو الممارسات المستدامة في الزراعة.

زراعة الورد في السعودية

يُزرَع في المملكة نوعان من الورود: الورد الطائفي في محافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة، بينما تشتهر المدينة المنورة بالورد المديني الذي يتميز باللون الوردي الفاتح، ويُزرَع على مدار السنة؛ حيث يزدهر في المناخات الدافئة والباردة.

بينما تضم محافظة الطائف 910 مزارع للورد الطائفي تمتد على مساحة 270 هكتارًا، وتنتج سنوياً أكثر من 550 مليون زهرة، وتمتلك المحافظة نحو 1.14 مليون شجيرة في مناطق، مثل الهدا والشفا ووادي محرم. وحسب وكالة الأنباء السعودية، تُزرع شتلات الورود على ارتفاعات عالية، وتزدهر بفضل درجات الحرارة المنخفضة، أثناء شهر ديسمبر، والتربة الخصبة في المنطقة، ويبدأ موسم قطف الورد عادةً في أواخر شهر مارس أو أوائل شهر أبريل، ويستمر بين 45 و60 يومًا.

مزارع الورود في السعوديةمزارع الورود في السعودية

الممارسات المستدامة في زراعة وصناعة الورد

مع قدوم فصل الربيع، تتفتح الورود وتتحول الأماكن الصحراوية المخصصة للزراعة إلى بقع وردية شاسعة الاتساع عطرة الرائحة، لكن الأمر لا يقف عند الزراعة. بعد موسم الحصاد تبدأ رحلة صناعة الورد التي شقَّت طريقها إلى العالمية، عبر مجموعة من المنتجات المميزة المشتقة من الزهور، سواء ماء وعطر الورد أو مستحضرات التجميل.

تقدم وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية خدماتها في مجال زراعة الورد عبر زيادة المساحات المزروعة، وتطوير صناعة الورد، كما أطلقت الوزارة عدة مشاريع تعتمد على الاستدامة وحسن استغلال الموارد الطبيعية، بما في ذلك إعادة تأهيل المدرجات الزراعية، وتطبيق تقنيات تجميع مياه الأمطار؛ حيث تمثل المدرجات الزراعية حاجزاً مائياً يتم من خلاله تجميع مياه المطر، ومنها تتسرب إلى الآبار، ومن ثم تُستغَل لزراعة الورود.

وتعمل الوزارة على إرسال بعثات زراعية إلى بلغاريا والفلبين وتايلاند للتعرف على أحدث التقنيات في إنتاج زيت الورد والممارسات الزراعية الصديقة للبيئة، بغرض الاستفادة من التجارب العالمية في زراعة الورد وطرق تقطيره واستخداماته في المجالات المتعددة.

وتقود الوزارة أيضًا خطط إنشاء وتطوير البنية التحتية الأساسية للمياه، بما يشمل الخزانات والحواجز، مع تسهيل إنشاء المرافق المائية وشبكات الري لتعزيز الأنشطة الزراعية مع الحفاظ على المياه.

وتأكيداً لأهمية الممارسات المستدامة، تدعم الوزارة مزارع الورد من خلال برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، وتشجيع صغار المزارعين على تبني وتنفيذ أفضل الأساليب الزراعية واتباع إرشادات الخبراء، وتزويد المزارعين برؤى قيمة حول استخدام التقنيات المتقدمة في صناعة الورد، بما في ذلك استخراج الزيت العطري كجزء من التنمية المستدامة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية.

دعم المجتمع المحلي

لقد اهتمت أجيال متعاقبة بالورود الثمينة في المملكة، وتوارثت تقاليد زراعة وقطف واستخراج زيت الورد؛ حيث تشارك أكثر من 60 مزرعة تديرها العائلات السعودية في مهرجان الزهور السنوي بمنطقة الطائف لعرض منتجاتهم والاحتفال بهذه النبتة المحلية الرائعة.

ومن أجل تحقيق التنمية المستدامة بشكل متكامل، تعمل الوزارة على دعم المجتمعات المحلية عبر التعاونيات الزراعية المتخصصة، وتتيح لصغار مزارعي الورد الاستثمار في أراضي الوزارة وإنتاج الزيوت العطرية، والاستفادة من صندوق التنمية الزراعية، ومبادرات التدريب والتأهيل للأسر الريفية المهتمة بمجال الورد والصناعات التحويلية.

مزارع الورود في السعوديةمزارع الورود في السعودية

مستقبل صناعة الورد في السعودية

تلعب صناعة الورد دورًا مهمًّا في التنمية الإقليمية والاقتصاد المحلي؛ حيث توفر العديد من فرص العمل والتسويق، وتشجع المزيد من النساء على دخول سوق العمل، وتحظى المنتجات المشتقة من هذه الزهور بشعبية واسعة؛ حيث تبلغ قيمتها السوقية المحلية 17 مليون دولار. وتمتلك المملكة العديد من المصانع والورش المتخصصة في استخلاص وتصنيع أكثر من 80 منتجاً من مشتقات الورد.

وكشف برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، عن زيادة إنتاج الورد بنسبة 34%؛ حيث وصل إلى 960 مليون وردة العام الماضي، وتعمل الوزارة على عدة مبادرات وخطط لتحقيق الريادة العالمية في صناعات الورد وزيادة إنتاجها إلى مليارَي وردة بحلول عام 2026، حسب صحيفة مكة السعودية.

ومع وجود العديد من الاستثمارات الحكومية الجديدة قيد التنفيذ لتعزيز الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والمائية، لا شك أن صناعة الورد في المملكة العربية السعودية سوف تستمر في الازدهار خلال السنوات القادمة.