أدى التغير المناخي الذي سببه البشر إلى فوضى في كل شيء، وأثر على العديد من جوانب نظام الأرض، حتى التوقيت، وباتت الأيام التي نعيشها أطول مما كانت عليه.
ويعتبر العلماء أن هذه الظاهرة بمنزلة دليل صارخ على كيفية تأثير تصرفات البشر على الأرض، وتنافس العمليات الجيولوجية الطبيعية الموجودة منذ مليارات السنين.
أظهرت دراسة حديثة نشرت في المجلة الأمريكية Proceedings of the National Academy of Sciences، أن أزمة المناخ تتسبب في زيادة طول الأيام؛ حيث يؤدي ذوبان الجليد القطبي إلى إعادة تشكيل الكوكب.
يومك أطول بسبب التغير المناخي
خلال العقود الأخيرة، أدى ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية في القطب الجنوبي وجرينلاند، نتيجة الاحتباس الحراري، إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وإعادة توزيع ونقل المياه المخزنة عند خطوط العرض العليا إلى محيطات العالم؛ ما تسبب في وجود المزيد من المياه في البحار القريبة من خط الاستواء، وجعل الأرض أكثر تفلطحاً، أو أكثر انبساطاً وعرضاً؛ ما يؤدي إلى إبطاء دوران الكوكب وإطالة اليوم بشكل أكبر من المعتاد.
يومك أطول بسبب التغير المناخي
آثار هذا التغيير
يقدر هذا التغيير في طول اليوم بـ"المِلِّي ثَانِيَة"، التي تساوي جزءاً من الألف من الثانية، ولكن هذا التغيير يكفي لتعطيل حركة المرور على شبكة الويب، والمعاملات المالية، والملاحة عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وكلها تعتمد على ضبط الوقت بشكل دقيق جداً.
وأوضح البروفيسور بينيديكت سوجا المشارك في الدراسة، خلال حديثه في تقرير نشرته صحيفة "جارديان"، أن تأثير البشر على نظام الأرض لا يقف عند ارتفاع درجة الحرارة، بل امتد هذا التأثير إلى تغيير طريقة حركة الأرض ودورانها، وهي العملية التي تحدث منذ مليارات السنين، لكن بسبب انبعاثات الكربون البشرية، تغيرت آليتها خلال 100 أو 200 عام فقط، وهذا أمر لافت.
وأردف "سوجا" الباحث في معهد التكنولوجيا "ETH" في سويسرا إحدى الجامعات الرائدة في مجال العلوم والتكنولوجيا، أن عملية ضبط الوقت تعتمد على الساعة الذرية، وهي معيار التوقيت العالمي بسبب دقتها البالغة، وأضاف أن جميع مراكز البيانات التي تدير الإنترنت والاتصالات والمعاملات المالية والملاحة، خاصة بالنسبة إلى الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية، تعتمد على هذا التوقيت الدقيق.
يومك أطول بسبب التغير المناخي
وبناءً على الملاحظات وعمليات إعادة البناء الحاسوبية، التي أجراها الباحثون خلال الدراسة، لتقييم تأثير ذوبان الجليد على طول اليوم، تسارع معدل تباطؤ دوران الأرض إلى 1.3 مللي ثانية منذ عام 2000، بينما كان معدل التباطؤ خلال القرن العشرين يتراوح بين 0.3 و1.0 مللي ثانية بين عامي 1900 و2000.
يومك أطول بسبب التغير المناخي
وأشار الباحثون إلى أن المعدل الحالي قد يكون أعلى من أي وقت خلال آلاف السنين الماضية. وفي ظل سيناريوهات الانبعاثات الكربونية المرتفعة، من المتوقع أن يرتفع معدل التباطؤ الناجم عن التغير المناخي إلى الضعف، وقد يصل إلى 2.6 مللي ثانية بحلول عام 2100، متجاوزاً تأثير ظاهرة المد القمري على طول الأيام؛ حيث يتزايد طول يوم الأرض بشكل مطرد على مر الأزمنة الجيولوجية بسبب تأثير جاذبية القمر على تنظيم سرعة دوران الأرض حول نفسها.
تتمتع هذه الدراسة بأهمية كبيرة؛ لأنها تؤكد أن ذوبان الجليد في جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية له تأثير مباشر على كل تفاصيل حياتنا حتى طول ساعات النهار. هذا الاختلاف في طول اليوم يؤثر بشكل واسع على كيفية قياس الوقت، ومن ثم على كل التقنيات الأخرى التي تحكم حياة البشر الحديثة.