لا صيف بلا سياحة.. بمجرد سماع اسم هذه الفصل سيأتي إلى مخيلتك الشاطئ وركوب الأمواج والإبحار عبر مركب صغير أو يخت سياحي فاخر؛ لكن الأمر لم يعد بهذه الرفاهية والسلاسة مع تغيرات مناخية متطرفة، وحرارة قاسية لا ترحم.
أثناء قضائك إجازتك الصيفية، لا بد أن تعرف أن ارتفاع درجة الحرارة الناتج عن التغيرات المناخية بات يهدد تلك الوجهات بقدر هائل من الأخطار التي تهدد مرتاديها.
رحلة إلى اليونان
اليونان التي واجهت مؤخراً موجة شديدة من الحر سجلت أكثر من 40 درجة مئوية؛ شهدت سلسلة من الوفيات ووقائع الاختفاء بين السياح الذين توجهوا إليها، وسط ترجيحات بأن ظروف الطقس الحار ساهمت في إنهاء حياتهم.
مصدر الصورة: Xinhua/Shutterstock
أحد الضحايا هو المذيع البريطاني المعروف مايكل موسلي الذي عُثر عليه ميتاً بعدما خرج في نزهة طويلة في إحدى الجزر التابعة للدولة الأوروبية.
خطر مشترك
في تصريحات لوكالة رويترز، أشار أحد المتحدثين باسم الشرطة اليونانية إلى أن هناك نمطاً مشتركاً بين الوقائع التي شهدتها الدولة مؤخراً، وهي أن كافة الضحايا خرجوا للتنزه خلال ارتفاع درجات الحرارة.
وفق بيانات منظمة الصحة العالمية، يتصدر الإجهاد الحراري قائمة أسباب الوفاة المرتبطة بموجات الطقس المتطرف؛ إذ يؤدي إلى تفاقم الأمراض التي يعاني منها الفرد، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، كما يمكن أن يؤدي الطقس الحار إلى الإصابة بضربات الشمس، التي تُصنفها المنظمة بأنها حالة طبية طارئة تُحدِث معدلات مرتفعة من الوفاة.
وفي الوقت الذي حذَّرت فيه السلطات اليونانية من الاستهانة بتأثيرات الطقس المتطرف؛ يحذر مجموعة من العلماء من تأثير الطقس الحار على قدرتنا على اتخاذ القرارات السليمة، بل على القدرة على الالتزام بتعليمات السلامة.
يقول داميان بيلي أستاذ علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية في جامعة جنوب ويلز بالمملكة المتحدة: "مهما كنت ذكياً، ولائقاً بدنياً، فالخروج إلى مكان مفتوح في درجة حرارة تتجاوز 40 درجة يُعرضك للخطر، حتى إن كنت مستعداً بشكل جيد".
وحدد موقع المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC"، عدة نصائح لا بد من اتباعها خلال موجات الحرارة المتطرفة؛ من بينها محاولة البقاء في مكان مغلق ومكيف قدر الإمكان، وتناول كميات كبيرة من السوائل، والحذر عند ممارسة أنشطة في الأماكن المفتوحة، وإبقاء التواصل مع أحد الأصدقاء أو الجيران ليطمئن بعضكم على بعض.
الحرارة تُحدث خللاً دماغياً
في حديثها إلى شبكة "سي إن إن"، تشير كيم ميدنباور عالمة الأعصاب في جامعة ولاية واشنطن الأمريكية، إلى أن الحرارة المتطرفة تُحدث خللاً في نشاط مخ الإنسان، وتُعطِّل عمل شبكة الدماغ التي تسمح لنا بالتفكير بوضوح وصياغة الأفكار.
تلك التأثيرات قد تُصعب على الإنسان اتخاذ قرارات معقدة، من بينها اختيار المسار الذي يسلكه خلال نزهته. ورغم بساطة الأمر ظاهرياً، فإن قراراً كهذا يتطلَّب الموازنة بين عوامل مختلفة، وفقاً لـ"ميدنباور".
ورغم تركيز العديد من الدراسات على الأضرار المباشرة للطقس الحار على جسد الإنسان، هناك أدلة علمية تشير إلى أن هناك رابطاً بين التعرض لارتفاع درجات الحرارة وبين الإقدام على تصرفات مندفعة أو تُعرُّض صاحبها للخطر.
صعوبات الإدراك
"ميدنباور" كانت واحدة بين مجموعة من الباحثين الذين أجروا دراسة نُشرت عام 2023 حول العلاقة بين الأمرين على عينة من سكان مناطق مختلفة في مدينة شيكاغو الأمريكية، وهي الدراسة التي كشف المشاركون فيها عن زيادة درجة اندفاعيتهم خلال التعرض للطقس الحار، حسبما نقلت الجمعية الأمريكية لعلم النفس.
دراسة أخرى نقلتها الجمعية الأمريكية للطب في عام 2022 كشفت عن العلاقة بين الإجهاد الحراري والإصابة بصعوبات الإدراك.
وخضع ما يزيد عن 30 مشاركاً من المشاركين في الدراسة التي شهدتها مدينة شنجهاي الصينية لظروف عمل خلال درجات حرارة مختلفة، وسجل الباحثون استجاباتهم الفسيولوجية بانتظام خلال أداء عدد من المهام المتنوعة.
وكشفت النتائج انخفاض الأداء الإدراكي بنسب تصل إلى 10% لدى المشاركين عند التعرض لدرجات الحرارة الأعلى.
