أثناء تصفحك الإنترنت قد يصادفك مقطع طريف لأحد القردة وهو يرقص بطريقة فكاهية وسط المارة في أحد الشوارع، أو ربما تكون قد شاهدت هذا المشهد في الحقيقة؛ ما أثار ضحكاتك، فهل فكرت يوماً ما هو شعور هذه القرود؟
قصة قرد الريسوسي
قرد مكاك ريسوسي، هو نوع من قرود العالم القديم، موطنها الأصلي داخل المراعي والغابات والمناطق الجبلية في أجزاء من قارة آسيا، وتشتهر عالمياً بالذكاء والجاذبية وسرعة التعلم بجانب تاريخها القديم.
القرود الراقصة
في جنوب آسيا، يجري اصطياد قرود الريسوسي الأصلية من البرية، وفصلها عن أمهاتها أثناء مرحلة الطفولة، ثم ترويضها وتعليمها الرقص، بهدف جلب المال لمدربها عبر أداء العروض الترفيهية في الشوارع، وحث المارة على التبرع. وتعيش هذه القردة حياتها وهي مقيدة دائماً بطوق حول عنقها، وتُعرَف بـ"القرود الراقصة".
دراسة بريطانية تكشف معاناة القرود الراقصة
ومن أجل معرفة تأثير هذه الأنشطة على القرود الصغيرة، قام اثنان من المتخصصين في الطب البيطري بجامعة جلاسكو البريطانية، بإجراء مقارنة بين عدد من القرود الراقصة التي تم ترويضها في باكستان وقرود مماثلة تعيش في محمية للحيوانات.
وأثناء دراسة الحالة العاطفية لهذه القرود، اتفق الباحثون مع مجموعة من المدربين في مدينة إسلام أباد لجمع عينات من شعر 50 قرداً راقصاً. وعلى الجانب الآخر جمع الباحثون عينات الشعر من نحو 70 قرداً تعيش حياة هادئة في محمية للرئيسيات في فلوريدا.
وتوصلت الدراسة البريطانية، التي نُشرت في مجلة Applied Animal Behaviour Science، أن القرود الراقصة الشهيرة في باكستان تعاني من مستويات مرتفعة للغاية من هرمونات التوتر والضغط النفسي.
القرود الراقصة
وعند مقارنة عينات الشعر أظهرت الدراسة أن القرود التي أجبرت على الرقص لديها مستويات أعلى من الكورتيزول، وهو الهرمون الرئيسي المرتبط بالتوتر، الذي يؤدي إفرازه إلى قمع عمليات النمو وتغيير استجابة نظام المناعة؛ ما يشير إلى أن القرود الراقصة تتعرض لضغط مستمر.
ووجد الباحثون أيضًا انخفاض هرمون الذكورة أو هرمون التستوستيرون في الذكور الراقصة بنسبة 55%، مقارنةً بالقرود المماثلة التي تعيش في بيئة خالية من الهموم نسبياً، كما في المحمية.
ويلعب التستوستيرون دوراً مهماً في صحة الذكور بشكل عام، وقد يؤدي وجود هذا الهرمون بمستويات غير كافية لدى الذكر إلى اضطرابات تشمل الوهن وفقدان العظم.
القرود الراقصة
وفي النهاية، تؤكد الدراسة البريطانية أن كل هذه المؤشرات لدى القرود الراقصة هي علامات على تقبُّل المصير والخضوع وقلة الرفاهية، وتقبُّل سيطرة المدرب عليهم، كما توضح أن استغلال البشر لا يقف عند الموارد الطبيعية، بل لكل الكائنات الحية التي يتم استخدامها من قِبل الإنسان لكسب العيش وجمع الأموال؛ فهل ما زالت مقاطع القرود الراقصة تحمل طابعاً لطيفاً لديك؟