"هيبكا" الغردقة.. مبادرات مصرية لحماية البر والبحر من أضرار التغير المناخي


سلمى عرفة
الاربعاء 19 يونية 2024 | 11:42 مساءً

رمال ذهبية ومياه زرقاء رائعة تتميز بها شواطئ مدينة الغردقة المصرية، التي تملك سمعة عالمية بسوق السياحة العالمية، لكنها مثل بقية مدن المنطقة، نالتها أضرار التغيرات المناخية؛ الأمر الذي دفع المؤسسات البيئية إلى العمل على تعزيز مواجهة تلك الأضرار.

إحدى المؤسسات التي قطعت شوطاً طويلاً في القيام بهذا الدور هي جمعية الغردقة لحماية البيئة والمحافظة عليها "هيبكا"، وهي مؤسسة غير ربحية، نفذت عدداً كبيراً من المشروعات بهدف حماية البيئة، ودعم السكان المحليين في المدينة والمناطق المحيطة بها.

حماية الشعاب المرجانية

في حديثه إلى "جرين بالعربي"، يشير نور الدين محمد فريد المدير التنفيذي لجمعية "هيبكا" إلى أن أبرز الأضرار التي أحدثتها ظاهرة التغير المناخي في المنطقة هو انخفاض معدلات الأمطار التي تهطل على جبال البحر الأحمر، وزيادة معدلات ابيضاض الشعاب المرجانية في المناطق الجنوبية من البحر.

"فريد" أشار إلى المشروع الذي نفذته الجمعية بالتعاون مع السلطات المصرية، لإنشاء أول متحف عسكري مصري تحت المياه، بهدف إقامة مواقع غوص جديدة لحماية الشعاب المرجانية من الاستخدام المفرط.

وفقاً للموقع الرسمي للجمعية، يشمل المتحف 15 قطعة من المعدات العسكرية موزعة على ثلاثة مواقع مختلفة؛ ما يوفر منطقة جديدة لجذب السياح، ويخفف الضغط على مناطق وجود المرجان.

وقد تتعرض الشعاب المرجانية للتلوث أو الكسور بفعل الإفراط في الأنشطة السياحية، لكن استجابة المرجان لتلك الأضرار تؤدي إلى طرد الطحالب الموجودة في أنسجته، وهي الطحالب المسؤولة عن ألوانه الزاهية؛ ما يؤدي إلى ابيضاضه.

المدير التنفيذي للجمعية أشار كذلك إلى قيامها بأنشطة مراقبة ابيضاض الشعاب المرجانية في المنطقة، علاوة على المشاركة في إعادة تأهيل المناطق المتضررة منها.

وفي أحدث تقارير المشروع لعامي 2023-2024، أشارت الجمعية إلى حدوث "ابيضاض واسع النطاق" في جنوب البحر الأحمر. أما المناطق الأخرى في الشمال فظلَّت "سليمة إلى حد كبير".

أكبر نظام عالمي لـ" الشمندورات"

"فريد" حدثنا كذلك عن قيام الجمعية بتثبيت ما يزيد عن ألف شمندورة (طافيات بحرية تُستخدم في عمليات إرساء السفن) في منطقة البحر الأحمر؛ لمنع الاستعانة بالشعاب المرجانية في تلك المهمة، ليكون بذلك أكبر نظام عالمي من نوعه.

السكان المحليون في منطقة البحر الأحمر

التدهور البيئي لم يَنَل البيئة البحرية فحسب، بل هناك أضرار يعانيها السكان المحليون من بدو المنطقة، ومنها تراجع عدد مواقع الرعي، وانخفاض المخزون السمكي، وفقاً لـ"فريد".

وتشمل المشروعات التي نفذتها الجمعية لدعم السكان المحليين، استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل عشرات الآبار بهدف توفير المياه النظيفة، علاوةً على جمع المخلفات العضوية الناتجة عن أنشطة الفنادق التي تعمل بالمنطقة لتحويلها إلى علف تأكله الماشية.

ويساهم تحويل النفايات إلى علف في تخفيف الضغط على الموارد البيئية، بتقليل استهلاك الأعلاف التقليدية التي تتطلب زراعة مساحات واسعة من الأراضي.

"هيبكا" والصيد المستدام

"فريد" أشار إلى فئة أخرى من المجتمع المحلي تدعمها الجمعية، وتعمل على زيادة وعيها البيئي، وهم الصيادون؛ وذلك من خلال تدريبهم على ممارسات الصيد المستدام، ومنها تجنب الصيد الجائر والتوعية بمخاطره، علاوة على تقديم الدعم إلى الصيادين الحرفيين، الذين يعملون بأدوات تقليدية، خلال فترات منع الصيد.

وأطلقت الجمعية حملة لمواجهة صيد أسماك القرش، وهو الأمر المُجرَّم بالقانون المصري، كما استخدمت منصات التواصل الاجتماعي للتوعية بالآثار البيئية التي يُحدثها غياب ذلك النوع من الأسماك بفعل اضطراب السلسلة الغذائية، بجانب المخاطر الصحية التي يُحدثها تناول لحومه.

السياحة المستدامة

في حديثه إلينا، أشار المدير التنفيذي إلى عمل الجمعية على تعزيز السياحة الصديقة للبيئة في المنطقة من خلال عدة طرق؛ من بينها التعاون مع شركات السياحة والفنادق لتعزيز الممارسات الخضراء، مثل تقليل استخدام المواد البلاستيكية، وإدارة النفايات بشكل مستدام.

وتابع لافتاً إلى تنظيم الجمعية حملات مُوجهة لفئات مختلفة كالغواصين، والعاملين على متن القوارب، والسياح؛ لتوعيتهم بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، بجانب تنظيم ورش عمل تشرح للزوار التنوع البيولوجي البحري في المنطقة، وحساسية هذه البيئات.

المدير التنفيذي للجمعية تابع مؤكداً ضرورة تعاون منظمات المجتمع المدني والحكومات والمنظمات الدولية "لحماية هذه المنطقة الفريدة".

مصنع للنفايات

الجهود التي بذلتها الجمعية من أجل التخلص الآمن من النفايات في المدينة والمناطق المحيطة شملت ما شهده عام 2009 من افتتاح مصنع لفرز وإدارة المخلفات الصلبة، بطاقة تصل إلى ما يزيد عن 400 طن يومياً، يجري توزيعها في النهاية على المؤسسات العاملة في مجال إعادة التدوير في مناطق أخرى داخل مصر.

بحسب الموقع الرسمي للجمعية، تشمل النفايات الصلبة التي تتعامل معها الجمعية، المخلفات الناتجة عن قرابة مائة فندق ومنتجع؛ أي ما يعادل أكثر من 150 ألف غرفة.

كما تشمل حملات تنظيف الشواطئ التي تنظمها الجمعية مشاركة طلاب المدارس؛ إذ نجح مؤخراً ما يزيد عن 50 طالباً في جمع 400 طن من النفايات من شاطئ القلعان بمدينة مرسى علم التابعة لمحافظة البحر الأحمر.