ملابس مستعملة للعيد.. "دكان" فلسطيني للتشجيع على إعادة التدوير


سلمى عرفة
الاثنين 17 يونية 2024 | 06:05 مساءً

يُقبل الكثير من الناس، خلال الأعياد، على شراء مستلزمات الاحتفال، التي تمتد إلى قائمة طويلة من المشتريات، مثل الملابس والأحذية، والحقائب والإكسسوارات الجديدة، لكن هل فكَّرت في خوض تجربة جديدة هذا العام بشراء مستلزمات مستعملة؟

مبادرات عربية عديدة خرجت إلى النور، على مدار السنوات الماضية، لتشجع فكرة شراء المقتنيات المستعملة، في محاولة لتخفيف الضغط على الموارد البيئية التي تستنزفها عمليات الإنتاج، ولمواجهة أزمة النفايات التي تتفاقم يوماً تلو الآخر.

من تلك المبادرات، مبادرة "دكان" التي أطلقتها مؤسسة دالية المجتمعية في مدينة رام الله الفلسطينية للتشجيع على فكرة إعادة التدوير.

مصدر الصورة: الصفحة الرسمية للمؤسسةمصدر الصورة: الصفحة الرسمية للمؤسسة

في حديثها إلى "جرين بالعربي"، تقول آية بدحة مسؤولة برامج الساحة في المؤسسة – وهو اسم يشير إلى المساحات التي تخلقها المؤسسة لأفراد المجتمع – إن مبادرة "دكان" انطلقت في عام 2014، وقامت على فكرة أن "الكل بياخد، والكل بيعطي"، باستقبال تبرعات الأشياء التي لا يحتاجها أصحابها، وعرضها للبيع مجدداً بأسعار رمزية للغاية.

دائرة مستدامة

عائدات بيع المقتنيات المستعملة، التي تتنوع بين الملابس والأحذية والكتب والأثاث وغيرها، تُوجَّه مرةً أخرى إلى دعم الأنشطة والمبادرات المجتمعية التي تقوم بها المؤسسة، كالمنح التي تُقدَّم إلى الشباب والنساء لتنفيذ مبادرات حسب احتياج المجتمع.

تشير "بدحة" إلى التطور الذي شهدته المبادرة منذ انطلاقها؛ لأن إقناع الناس بشراء المستلزمات المستعمَلة في العالم العربي "ليس بالأمر السهل"، ومن هنا بدأ دور المؤسسة يُغيِّر فكرة أن هذا الأمر يقتصر على ذوي الإمكانات المادية المحدودة، حتى نجحت في الوصول حالياً إلى كافة طبقات المجتمع.

طرق عرض المقتنيات في "دكان" تطوَّرت كذلك من موقع دكان داخل مؤسسة دالية إلى المشاركة في المعارض و"البازارات" المختلفة، وإنشاء موقع إلكتروني يمكن التسوق من خلاله، وهو الموقع الذي أُطلِق بالتعاون مع طلاب من جامعة بيرزيت الفلسطينية.

الموضة السريعة

تؤكد مسؤولة البرنامج ضرورة إشراك طلاب الجامعات والمدارس في مثل هذه المبادرات؛ لأنهم "جيل الترند" و"جيل الموضة السريعة" التي تعود على البيئة بآثار سلبية للغاية، كما يرتبط إنتاجها في بعض البلدان بعمالة الأطفال، وهي الممارسات التي تُحارِبها المؤسسة.

ويشير مصطلح الموضة السريعة إلى إنتاج كميات كبيرة من الملابس بأسعار وجودة أقل، لكنها تساهم في تفاقم الأزمات البيئية التي تعانيها الأرض؛ إذ تستهلك كميات كبيرة من الموارد على رأسها الطاقة غير المتجددة.

على سبيل المثال، يشتري طلاب جامعة بيرزيت أقمشة من مبادرة دكان لاستخدامها في التصميمات التي يُعِدُّونها.

هناك ظاهرة أخرى رصدها القائمون على المبادرة، وهي إقبال كبار السن من المتقاعدين عن العمل على التطوع في المشروع، وهو ما يساهم في نشر الفكرة بين أبنائهم وأحفادهم، ومن هم في مثل عمرهم كذلك، وهي من أهم الركائز التي تعمل المؤسسة على تعزيزها.

تغيير الفكر

مسؤولة البرنامج في المؤسسة تؤكد كذلك أن تغيير الفكر ورفع الوعي هو الهدف الأساسي للمؤسسة التي تُقِيم فعاليات من حين إلى آخر للتوعية بضرورة تقليل الاستهلاك، كما تعقد دورات تدريبية عن كيفية استخدام المقتنيات التي لا يقوم أصحابها بالتبرع بها في أغراض جديدة، لتتحول إلى حرفة تُدِر عائداً على صاحبها لاحقاً.

هناك أبعاد نفسية واجتماعية كذلك لعملية التبرع والشراء تشير إليها "بدحة"؛ فـ"أصدقاء دكان"، كما تطلق عليهم المؤسسة، مقتنعون بأنهم يقومون بدور لدعم أشخاص آخرين لا يمكنهم التبرع لهم مباشرةً بالأموال، وهو ما يساهم في زيادة إيمان الفرد بنفسه، وتعزيز الطاقة الإيجابية، لافتةً إلى أن هناك من يتطوع في المبادرة بعد الشراء.