حب المرأة لاقتناء المجوهرات لا يضاهيه امتلاك أي شئ آخر، فهو جزء من شخصيتها الأنثوية وسحرها الخاص على اختلاف التصميمات، لكن هذا السحر بات يقف في الميزان أمام صحة البيئة واستغلال الموارد الطبيعية.
ساءت سمعة صناعة المجوهرات لدى المهتمين بصحة الكوكب ومكافحي التغيرات المناخية، بسبب المخاوف البيئية والأخلاقية؛ من أضرار التعدين وتلوث الهواء إلى الضغط على المجتمعات الأصلية وعمالة الأطفال واستغلال عمال المناجم لساعات طويلة.
لم يعد مجرد التصميم الجيد كافياً للحصول على قطعة مجوهرات قيمة، بل أصبح ما وراء هذا التصميم يحمل أهمية كبيرة، مع طرح التساؤل الهام: هل تمت مراحل صناعة المجوهرات بشكل مستدام؟
بدءً من الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المسؤولية الاجتماعية ونشر الوعي ومساعدة المنظمات والهيئات المجتمعية، ومع انتشار هذا المفهوم بين المستهلكين ظهر مصطلح المجوهرات المستدامة، الذي تحول الى صناعة ملهمة تنشر الوعي وتحاول تحسين المعايير البيئية والأخلاقية
اكتشف مع "جرين بالعربي" القصة وراء صناعة المجوهرات المستدامة في أنحاء العالم:
مجوهرات مستدامة
العالم العربي
تعشق المرأة العربية الأصالة والاختلاف، لذلك كان على صناعة المجوهرات البحث عن مورد مميز لكن في نفس الوقت صديق للبيئة، وهنا كان الألماس المصنوع بالمختبرات حلاً سحرياً الذي اعتمدته العلامات التجارية للمجوهرات الفاخرة المستدامة في الشرق الأوسط، الألماس المخبري؛ تلك الأحجار الكريمة المزروعة في المختبر، والتي تملك نفس التركيب الفيزيائي والكيميائي للألماس المستخرج طبيعياً، وبالتالي توفر نفس الجودة والشكل والملمس لكن بسعر أقل.
مجوهرات مستدامة
ويحقق الألماس المزروع معايير الاستدامة البيئية، عبر استخدام الطاقة المتجددة والموارد المعاد تدويرها مما يؤدي إلى انخفاض انبعاثات الكربون، وتقليل النفايات المعدنية والأرضية، مع تحقيق المعايير الأخلاقية، فهو الماس خالي من الصراعات حول الموارد، ومن انتهاكات حقوق العمال.
ويزداد هذا الألماس المخبري جمالاً عندما يقترن بالتصاميم التي تعكس الروح الشرقية والحداثة للمرأة العربية المعاصرة.
القارة العجوز
تمتلك صناعة المجوهرات تاريخاً طويلاً في أوروبا، ويتزعم تلك الصناعة عائلات عريقة تعود أصولها المهنية إلى قرن أو أكثر في المجال، لكن يبدو أن الجيل الثالث في تلك العائلات قرر أن يحدث ثورة في صناعة الذهب، ويعارض التعدين التقليدي بسبب الظروف غير الإنسانية والمدمرة للبيئة التي توجد في مناجم الذهب.
وبات الحل الأوروبي في صناعة المجوهرات المستدامة هو الاعتماد على معالجة الذهب المعاد تدويره، والذهب الناتج من المخلفات والمصادر الثانوية مثل الأجهزة الكهربائية، بينما تأتي الأحجار الكريمة مثل الألماس من مصادر شفافة، مثل مناجم التعدين العادل، التي تعمل بشكل مسؤول وصديق للبيئة.
وليس الذهب فقط، بل يمكن التمتع أيضاً بمجوهرات جذابة مصنوعة من الفضة المعاد تدويرها، من المجوهرات القديمة والخردة والمعدات الطبية والإلكترونيات لتقليل تأثير تعدين الفضة على الكوكب.
مجوهرات مستدامة
كما تجمع التصاميم الأخلاقية الأوروبية بين الدقة والبراعة والأشكال المستوحاة من المناظر الطبيعية مثل ذوبان الأنهار الجليدية، حتى تحاكي العالم الحقيقي.
العالم الجديد .. أمريكا
بعيداً عن المعادن النفيسة التقليدية مثل الذهب والألماس، يقدم العالم الجديد وخاصة الولايات المتحدة مجوهرات مستدامة مصنوعة من معادن أخرى معاد تدويرها أيضاً، لكن كل قطعة تحمل قصة ملهمة، حيث تمتاز هذه المجوهرات بانها تخدم البيئة، وتعيش طويلاً لأنها جميلة وجيدة الصنع، وفي نفس الوقت منخفضة التكلفة.
منذ عدة سنوات سافرت المديرة الإبداعية لإحدى العلامات التجارية الأمريكية إلى جمهورية "لاوس" بجنوب آسيا، والتي تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث وجود الألغام والقنابل داخل أرضها، على خلفية الحرب الأمريكية على فيتنام منذ عقود، حتى أن لاوس باتت تعرف ببلد المليون لغم، ألهمت هذه الرحلة المديرة الإبداعية لتأسيس خط مجوهرات مميز، قائم على استخدام الشظايا وحطام الحرب كمواد لصناعة المجوهرات، بهدف تطهير المنطقة من مخلفات الحرب واستخدام المواد لصنع شيء جميل يحمل تراث لاوس والرسائل الإنسانية للبشرية عبر المجوهرات الصديقة للبيئة.
إيما واتسون
وبعيداً عن الخامات المستخدمة، أهم ما يميز علامات المجوهرات المستدامة العربية أو العالمية هو تعاونهم مع الحرفيين المحليين لدعمهم ماديا ومعنويا، والتبرع لصناديق تنمية المجتمعات المحلية ودعم عمال تعدين الذهب، بهدف تنويع مصادر الدخل لعمال المناجم ورفع مستوى الوعي بين مستهلكي الذهب والصناع.
تحول المجوهرات المستدامة إلى صناعة ملهمة جعلها صديقة أيضاً للمشاهير والمؤثرين، الذين يلعبون دوراً في نشر المفاهيم البيئية ويهتمون بتعزيز تلك الأفكار، ومنهم النجمة إيما واتسون، التي ارتدت اقراط مميزة مصممة من مخلفات الحروب والقنابل.