جامعة "كاوست".. أساليب مبتكرة لمد جسور التواصل العلمي


سلمى عرفة
الاربعاء 22 مايو 2024 | 11:43 مساءً
مصدر الصورة: الموقع الرسمي للجامعة
مصدر الصورة: الموقع الرسمي للجامعة

في الوقت الذي تشهد فيه الأبحاث المتعلقة بالقضايا البيئية والتغيرات المناخية تطوراً ملحوظاً، يواجه الباحثون في تلك المجالات تحديات لتوصيل رسالتهم، ونقلها خارج تلك المختبرات، ومن هنا بدأ تركيز الجامعات والمراكز العلمية على أهمية التواصل.

في عام 2009، تأسست جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست" لتنضم إلى قائمة المراكز البحثية الأبرز على مستوى العالم في العديد من المجالات، أبرزها المجالات المتعلقة بحماية البيئة، والطاقة النظيفة، والمياه، وغيرها من القطاعات التي تساهم مباشرة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.

ريادة عربية

وفقاً لمؤشر "نيتشر" الصادر 2023، احتلت "كاوست" المركز الأول عربياً بين المؤسسات الرائدة، والمركز الـثالث بين المؤسسات الواقعة غرب آسيا.

التواصل العلمي كان من أهم الركائز التي اهتمت بها الجامعة والتي تطورت وسائلها على مدى السنوات.

في حديثها إلى "جرين بالعربي"، ترى كارولين أونك المدير المساعد المؤقت للعلامة التجارية والمحتوى في فريق الاتصالات الاستراتيجية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست" أنه من الضروري أن تصل الاكتشافات العلمية القيمة إلى جمهور أبعد من المجتمع العلمي، ويشمل المؤثرين، وصناع القرار، والجمهور العام، ويجب أن يجري ذلك بطريقة تنقل أهمية هذه الاكتشافات.

مصدر الصورة: الموقع الرسمي للجامعةمصدر الصورة: الموقع الرسمي للجامعة

وتشير إلى أهمية الوصول إلى الجمهور بالطريقة التي يقضون وقتهم بها، واستخدام الأسلوب السهل بالنسبة إليهم، والملائم كذلك لسياق الموضوع.

بين الموقع الرسمي للجامعة، ومنصات التواصل الاجتماعي، والإصدارات الأخرى التي أطلقتها كمجلتيّ "كاوست ديسكفري" و"كاوست إنسايتس"؛ تتنوع طرق نقل أخبار الأبحاث العلمية.

السر في الأسلوب الصحفي

تشير "أونك" إلى أن الأسلوب المستخدم في مجلة "كاوست ديسكفري" التي تشارك أحدث أخبار الأبحاث العلمية التي أجرتها الجامعة هو أسلوب صحفي يتضمن الاستعانة بالوسائط المتعددة التي تشمل الصور ومقاطع الفيديو والتصميمات، بهدف الوصول إلى القراء من غير الخبراء داخل المجتمع العلمي الدولي.

الصور، ومقاطع الفيديو، والتصميمات هي البطل الذي يدور حوله محتوى موقع المجلة وأعدادها المختلفة، التي تنقل القارئ إلى أجواء المختبرات الجامعية، وتبسط له تفاصيل ما يحدث في البيئة من تربة، وهواء، ومسطحات مائية.

أحد الموضوعات المعززة بالصور ومقاطع الفيديو التي نشرها موقع المجلة تناول الاكتشاف الهام الذي توصل إليه باحثو الجامعة، بالتعاون مع عدد من العلماء الدوليين، وهي أن ظاهرة النينو التي يشهدها المحيط الهادئ ويفاقمها التغير المناخي أدت إلى ازدهار مساحات من الشعاب المرجانية ووصول كميات أكبر من المغذيات إليها، في الوقت الذي أدت إلى دمار مساحات غيرها في مناطق أخرى.

وتحدث ظاهرة النينو عند وصول المياه ذات درجات الحرارة الأعلى إلى السطح، فتنتقل المزيد من الحرارة إلى الغلاف الجوي.

التعاون بين العلماء في المجالات المختلفة كان كذلك أحد الأهداف التي عملت عليها الجامعة؛ إذ تشير "أونك" إلى أنها تابعت على مدى السنوات، كيف ساهمت "كاوست ديسكفري" في تحقيق الأهداف المطلوبة؛ إذ إن العلماء المتخصصين في علوم المواد تعاونوا مع العاملين في مجال الأحياء، كما ساهمت المنصة في إلهام الطلاب الزوار لإيجاد مجالات بحثية ومتابعة دراستهم الأكاديمية في الجامعة، مضيفة أن العديد من المنضمين الجدد للعمل في الجامعة أشاروا إليها بأنها كانت مصدر إلهام بالنسبة إليهم.

"أونك" وصفت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بالمكان الفريد الذي يتجاور فيه الأكاديميون؛ لذا فمن الطبيعي أن يكون هناك الكثير من الدعم للبحث وإيجاد طرق للقيام بالأشياء بشكل أكثر ذكاءً واستدامة.

إنقاذ الشعاب المرجانية

مساهمات الجامعة التي تطل على سواحل البحر الأحمر في حماية البيئة البحرية انتقلت كذلك إلى أرض الواقع؛ ففي العام الماضي، بدأ العمل في مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية، بالتعاون مع مدينة نيوم، في جزيرة شوشة الواقعة على ساحل المدينة.

المنصة الأخرى التي تساهم في تعزيز التواصل العلمي هي "Kaust Insights" وتقدم، بجانب الأعداد الصادرة، مقالات قصيرة معززة بعناصر الملتيميديا.

وتناول أحد الموضوعات نجاح أحد فرق الجامعة البحثية بقيادة كايل لويرسن الأستاذ المساعد في قسم العلوم والهندسة البيولوجية في زراعة طحلب معدل وراثياً يمكنه إزالة النيتروجين، والفوسفور من مياه الصرف المعالجة، في وقت تتطلب فيه العمليات التقليدية لإزالة تلك العناصر كميات كبيرة من الطاقة، بالتعاون مع عالمة البيئة بيينج هونج رئيسة قسم علوم وهندسة البيئة، وعضوة مركز تحلية وإعادة استخدام المياه.

حلول واقعية

تشير "أونك" إلى استخدام "Kaust Discovery" و "Kaust Insights" كمنصات للتواصل بشأن أبحاث الجامعة التي تركز على إيجاد حلول للتحديات الواقعية، والأبحاث التي تتوافق بشكل وثيق مع أهداف المملكة العربية السعودية فيما يخص البحث العلمي، والتطوير، والابتكار، ومن بينها الأهداف التي تركز على البيئة المستدامة، والريادة في مجال الطاقة.

التركيز على الحلول الواقعية المستدامة ظهر كذلك في الاستراتيجية الجديدة للجامعة التي أطلقها صاحب السمو الملكي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في عام 2023، والتي شملت عدة نقاط من بينها تعزيز فرص تحويل الأبحاث إلى ابتكارات ذات عائد اقتصادي.

أحد تلك الابتكارات التي أعلنت عنها الجامعة، وتجمع بين هدفي حماية البيئة وتعزيز الاقتصاد، كان التوصل إلى طريقة لزيادة كفاءة خلايا "البيروفسكايت"، وهي أحد أنواع خلايا ألواح الطاقة الشمسية، وزيادة مدة صلاحيتها، إلى مستويات يمكن مقارنتها مع خلايا السيليكون التي تتطلب تكلفة أكبر، ما يساهم في تعزيز الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة.