يتخطى نبات الفول كونه برتين شهي ومغذي ومشبع لدرجة كبيرة، وطبق أساسي في العديد من الدول العربية خاصة في سحور رمضان؛ إذ يتمتع بسمات تؤهله كيّ يصبح طعام المستقبل المستدام، الذي سيحل بديلاً للعديد من الأطعمة غير المستدامة.
عدة مزايا ترجح كفة الفول بسبب الآثار البيئية المحدودة نسبياً التي يسببها إنتاجه، إذ ينتمي إلى فصيلة البقوليات صاحبة البصمة الكربونية المنخفضة البالغة 2 كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كجم، بحسب إحصائيات "Statista".
التفوق البيئي للفول لا يتضح عند مقارنته بإنتاج اللحوم والدواجن فحسب، بل يتفوق كذلك على العديد من المحاصيل النباتية الأخرى كالأرز والقمح، وفول الصويا.
يحتاج إنتاج الفول إلى كميات أقل من المياه مقارنة بالعديد من المحاصيل الأخرى، إذ تقتصر بصمته المائية على 70 لتراً من المياه للحصة الواحدة (نحو 125 جرام)، مقابل 276 لتراً للكمية نفسها من الأرز الأبيض، و208 لترات كدقيق القمح، بحسب أداة Water Footprint Calculator.
الأكثر قراءة
خبز "الفول"
تلك المزايا دفعت علماء جامعة "ريدنج" البريطانية خلال العام الماضي، إلى خوض تجربة مختلفة، وهي إنتاج خبز مصنوع من الفول، وتقليل كميات القمح المستخدم، والاستغناء تماماً عن دقيق حبوب الصويا الذي يرتبط إنتاجه بإزالة الغابات، وفق ما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وفي الوقت الذي يحتاج القمح إلى كميات كبيرة من الأسمدة، يبرع الفول من التقاط النيتروجين من الهواء، وتثبيته في التربة.
وتشمل أضرار الإفراط في الاعتماد على الأسمدة الكيميائية في عمليات الزراعة التأثير سلباً على خصوبة التربة، وتضر بالكائنات الحية، ويتسرب كميات كبيرة منها إلى المسطحات المائية.
ويقدر حجم الانبعاثات الناتجة عن إنتاج أسمدة النيتروجين، واستخدامها بـ 5% من إجمالي حجم انبعاثات غازات الدفيئة التي تحاصر الأرض وتزيد من درجة حرارتها، وفقاً لدراسة نشرتها دورية Nature food.
بحسب إحصائيات Statista، ارتفع إنتاج العالمي من الأسمدة من أقل من 47 مليون طن متري عام 1965، إلى 195.38 طن متري في 2021.
ويتفوق الخبز المعتمد على الفول من ناحية القيمة الغذائية، فهو غني بالحديد، والألياف، وتؤدي قدرته على تعزيز الشعور بالشبع إلى عدم الإفراط في استهلاك الطعام.
تحدي مجتمعي
أمام تلك الفوائد الخضراء، تقد تحديات تواجه العلماء خاصة في البلدان التي لا يتمتع بها الفول بشعبية تماثل شعبيته في المنطقة العربية، وسط محاولات لتغيير اتجاهات سكانها نحو البقوليات بشكل عام.
الدكتورة جين باركر عالمة الكيمياء في جامعة "ريدنج"، والمتخصصة في مذاق الأغذية ترى إن الفول يفتقر إلى الترويج له، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وخاضت "باركر" تجربة بتقديم الخبز المصنوع من الفول لأسرتها إلا أنهم انتقدوا مذاقه، وعندما قدمته لهم في اليوم التالي دون أن تخبرهم عن طبيعة مكوناته، تناولوه دون أن يلاحظوا حقيقته.
تحسين سمات الفول
محاولات العلماء لتعزيز وجود الفول في نظامنا الغذائي قادتهم كذلك إلى محاولة تحسين خصائصه، والتخلص من السمات غير المرغوبة مثل التسبب في انتفاخ الجهاز الهضمي، عبر فصل البروتين والألياف الغذائية المفيدة، والتخلي عن المركبات الأخرى.
وتوصلت الباحثة براساتي جيجاناثان، إحدى علماء جامعة ألبرتا الكندية، إلى طريقة صديقة للبيئة لفصل البروتين الذي تتجاوز 20% من مكونات الفول، دون اللجوء إلى المواد الكيميائية التي تغير من طبيعة مركباته، بحسب الموقع الرسمي للجامعة.
الطريقة التي تخلو كذلك من أي وسائل حرارية تعتمد على دمج طريقتين الأولى تسمى بفصل الجزيئات بمساعدة تيارات الهواء، قبل أن يجري استخلاص المياه من مركبات البروتين.
وفقاً للباحثة، يمكن لتلك الطريقة المساهمة في تطوير منتجات غذائية نباتية، وفي تحسين الأطعمة الأخرى المعتمدة على الحبوب.