"InfoNile".. مبادرة لتعزيز صحافة البيئة في حوض النيل


سلمى عرفة
الاثنين 19 فبراير 2024 | 09:02 مساءً
نهر النيل- مصدر الصورة: موسوعة "Britannica"
نهر النيل- مصدر الصورة: موسوعة "Britannica"

مثلما تشترك البلدان في المصادر الطبيعية التي يعتمد عليها سكانها، تشارك كذلك في الأضرار التي قد تنال تلك الموارد العابرة للحدود، ومن ثم تزداد الحاجة إلى من ينقل تفاصيل المشهد من زاوية أكثر اتساعاً، ويتتبع الآثار لمسافات أبعد، ومن هنا جاءت فكرة "InfoNile".

في ظل تصاعد أزمة التغيرات المناخية، تواجه منطقة حوض النيل التي يسكنها ما يزيد عن 500 مليون نسمة تهديدات بيئية مشتركة؛ إذ يشق نهر النيل – وهو النهر الأطول في العالم – طريقه في أراضي 11 دولة، تضم أوغندا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وإريتريا، وجنوب السودان، والسودان، وصولاً إلى مصر؛ حيث ينهي رحلته التي تمتد لأكثر من 6 آلاف كم.

"InfoNile".. إعلام بيئي عابر للحدود

في حديثه إلى "جرين بالعربي" يروي الإعلامي فريدريك موجيرا، كيف ساهم الموقع الجغرافي لمسقط رأسه في أوغندا، بالنسبة إلى بقية الموارد الطبيعية في القارة السمراء، في دفعه نحو الاهتمام بالإعلام البيئي.

يقول "موجيرا": "لقد ولدت في منطقة تقع في الوسط بين بحيرة فيكتوريا شرقاً، وغابات الكونغو المطيرة غرباً، كما يمتد نهر النيل شمالاً، وإلى الجنوب هناك عدد من البحيرات العظمى، وفي المنتصف يمر خط الاستواء، فدفعتني الحاجة إلى المساهمة في حماية تلك الموارد الطبيعية الهائلة نحو الصحافة البيئية".

في 2011، أسس "موجيرا" منظمة "Water Journalists Africa" وهي مؤسسة غير ربحية يشترك في عضويتها صحفيون من 50 دولة إفريقية، وتتخذ من العاصمة الأوغندية كامبالا مقراً لها.

أحد المشروعات البارزة التي أطلقتها المؤسسة، وشارك "موجيرا" في تأسيسها كان مشروع "InfoNile"، وهي منصة للصحافة الجغرافية، تضم 800 صحفي بيئي من بلدان حوض النيل، تعمل على استخدام صحافة البيانات، والوسائط المتعددة "الملتيميديا" لتسليط الضوء على قضية التغيرات المناخية.

تحديات إفريقية

وعن التحديات التي تواجه صحافة البيئة في القارة السمراء، يرى "موجيرا" أن معظم وسائل الإعلام الإفريقية تركت قصة أزمة المناخ لترويها نظيرتها الأجنبية، وغالبية مُلاك تلك الوسائل يرون أنهم بحاجة إلى مزيد من الأموال ليتمكنوا من إنتاج تغطية شاملة، ومن ثم يركزون على القضايا التي يسهل تغطيتها، مثل السياسة، والرياضة.

رغم ذلك، يرى الإعلامي الأوغندي أن تغطية ظاهرة التغيرات المناخية تنامت في إفريقيا على مدى العقد الماضي، ويرجع ذلك إلى ظهور المزيد من وسائل الإعلام المستقلة، وغالبيتها من المواقع الإلكترونية التي تنخفض تكلفة إدارتها، كما بات الجمهور يريد معرفة المزيد من المعلومات حول تخفيف ظاهرة التغير المناخي، والتكيف معه.

بحسب رأيه، فإن الموضوعات الأهم التي يجب التركيز عليها تشمل إدارة الموارد المائية، وإدارة الموارد العابرة للحدود مثل الأنهار، والبحيرات، والغابات، وتأثير التغيرات المناخية على الجوانب المهملة مثل التنوع البيولوجي.

دعم 300 صحفي

منذ عام 2018، نجح المشروع في دعم نحو 300 صحفي لإنتاج مئات القصص الصحفية المعمقة المتعلقة بقضايا البيئة والمناخ، والمعززة ببيانات بصرية، ونشر المحتوى على المنصة باللغات الخمسة لبلدان حوض النيل: الإنجليزية، والفرنسية، والسواحلية، والأمهرية، والعربية.

يشير "موجيرا" إلى أن كل صحفي يحظى بإشراف فردي لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر، ليصبح المشاركون لاحقاً سفراء للمشروع في المؤسسات الإعلامية التي يعملون بها، ويستمر التواصل بين الطرفين لعقد شراكات مع تلك المؤسسات.

محتوى عابر للحدود لإنقاذ الكوكب

المؤسس المشارك للمبادرة يشير إلى أن المشروع يعمل على الوصول إلى البيانات العابرة للحدود المتعلقة بظاهرة التغير المناخي، وعلى التشبيك بين الصحفيين والعلماء لإنتاج تحقيقات وخرائط من هذا النوع، ومنها تقرير نُشر في 2023 عن انتشار التلوث البلاستيكي في مياه نهر النيل من المنبع إلى المصب.

على مدى ما يزيد عن 6 أشهر، عملت المؤسسة مع مجموعة من الصحفيين في أوغندا، وكينيا، وتنزانيا، وبروندي، ورواندا، وجنوب السودان، وإثيوبيا، ومصر، لرصد ذلك النوع من النفايات التي تخنق النهر، ويمتد أثرها حتى البحر المتوسط؛ حيث بدأ التحقيق من بحيرة فيكتوريا التي ينبع منها نهر النيل، وتتشارك فيها 3 دول: أوغندا وتنزانيا وكينيا، وتصل إليها كميات كبيرة من الملوثات.

هناك خطر آخر يهدد البحيرة أشارت إليه دراسة نشرتها المجلة الدولية للتنمية المستدامة والعلوم في 2023، وهي أن 80% من مياه البحيرة تتجدد بفعل الأمطار، فتتأثر بفعل التقلبات التي يحدثها التغير المناخي في معدلات المطر بالزيادة أو النقصان، إضافةً إلى زيادة الضغط البشري على طلب المياه.

"Nile Well".. للتواصل الفعال بين الإعلاميين

جهود المشروع لتعزيز التواصل بين الإعلاميين والباحثين أدت إلى إطلاق منصة أخرى باسم "Nile Well"، وهي المنصة الأولى في المنطقة التي تركز على هذا الهدف، وتشمل توفير مواد متنوعة، وتنظيم فعاليات تضم الطرفين حتى وصل عدد أعضائها المسجلين بها إلى 500 صحفي، وقرابة 200 من علماء البيئة.

وأطلقت المنصة برنامجاً شهرياً يحمل اسم "Science Wednesday"، ويشمل دعوة علماء البيئة والمناخ والمياه لمشاركة أبحاثهم مع المشاركين من خلال تنظيم لقاء عبر الإنترنت؛ حيث يصل عدد الصحفيين المشاركين في الجلسة الواحدة إلى 100 صحفي.