تزخر العديد من البقاع العربية بالأنهار التي تجري، دون إيجاد طرق لتحقيق الاستفادة المثلى منها، وبخاصة على مستوى قطاع النقل الذي يعد أقل إنتاجاً للكربون من مثيله البري والجوي، والذي ظهرت أهميته بشكل جليّ خلال موجات الجفاف التي ضربت أوروبا.
وعندما ترتفع درجات حرارة الغلاف الجوي تؤثر أنماط الطقس على مواقع ومواعيد وكمية هطول الأمطار؛ لذلك يتغير توزيع المياه، وشهدت الكثير من الأنهار انخفاضا في مستوياتها، على مستوى العالم، والبعض منها عانى من الجفاف الشديد وفي النهاية تعذر استخدام النقل النهري، الذي يعتبر من أهم وسائل نقل البضائع كما أنها قليلة الانبعاثات مقارنة بالنقل البري وموفرة للطاقة.
تسبب الجفاف في التحول إلى الطرق البرية والسكك الحديدية التي تعاني من نقص السائقين، كما تسبب ذلك في الضغط الشديد على الطرق البديلة
نموذج الجفاف الأوروبي
عانى ثلثا أوروبا من الجفاف في عام 2022، حيث شهدت القارة أسوأ موجة جفاف لها منذ 500 عام على الأقل.
تبخرت مياه نهر "الراين" أحد أكبر أنهار أوروبا وطرق التجارة الرئيسية أثار القلق وقتها، حيث نتج عن الجفاف أزمة كبيرة في شحن إمدادات البضائع والغاز بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية، حيث اعتمدت المحطات الألمانية على النقل النهري بعد تقييد روسيا تدفق الغاز، وذلك وفقا لما ذكرته شبكة "Euronews".
عادة ما يتم نقل أكثر من 300 مليون طن من البضائع سنوياً بواسطة زوارق الشحن النهرية على نهر "الراين" الذي يتدفق لما يقرب من 800 ميل من سويسرا إلى هولندا، وذلك حسبما ذكرت مديرة شركة الشحن العملاقة "ميرسك"، سلويك أندرسن لـ"بي بي سي".
وتعرضت حركة المرور النهرية على طريق الشحن الرئيسي لنهر الراين إلى إعاقة شديدة مع نضوب المياه، مما أدى إلى توقف قدرة السفن على الإبحار أو حمل ربع طاقتها العادية لتجنب الجنوح.
تسبب الجفاف في التحول إلى الطرق البرية والسكك الحديدية التي تعاني من نقص السائقين، كما تسبب ذلك في الضغط الشديد على الطرق البديلة وفي نفس الوقت المساهمة في مزيد من الانبعاثات الضارة للمناخ، وذلك وفقا لما ذكره موقع "دويتشه فيله".
أنهار أخرى حطمت الأرقام القياسية في الجفاف
عانت الكثير من الأنهار الأخرى من الجفاف مثل نهر "اليانغتسي" الذي يعتبر ثالث أطول أنهار العالم، إلى جانب نهر "كولورادو" الذي يعتبر شريان الحياة في غرب الولايات المتحدة الأمريكية.
القطارات البديل الأفضل لوسائل النقل البري، لأنها أسرع في نقل البضائع والطرود، لكن بالنظر إلى قدرة السفن والقوارب على نقل البضائع، فإن القارب الواحد يستخدم ما يصل إلى 5 مرات أقل من ثاني أكسيد الكربون لكل طن
الأفضل للمناخ.. النقل النهري أم البري؟
%24 من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمي تعود إلى قطاع النقل؛ مما يزيد من التلوث في المدن كما أن الشاحنات الثقيلة والسيارات تولد غازات الاحتباس الحراري.
وتعد القطارات البديل الأفضل لوسائل النقل البري، لأنها أسرع في نقل البضائع والطرود، لكن بالنظر إلى قدرة السفن والقوارب على نقل البضائع، فإن القارب الواحد يستهلك ما يصل إلى 5 مرات أقل من ثاني أكسيد الكربون لكل طن يتم نقله، بالإضافة إلى استهلاك طاقة أقل بـ3 أو 4 مرات.
وبعد حظر الشاحنات التي يزيد وزنها عن 7.5 طن من وسط المدينة بمنطقة "الألزاس" الشرقية بفرنسا، أصبحت القوارب البديل الحالي للشاحنات الثقيلة؛ حيث تسير عبر الممرات المائية للحد من ازدحام المرور وتلوث الهواء، وذلك حسبما ذكر موقع "فرانس 24".
هل وقود الهيدروجين يجعل النقل النهري أكثر استدامة؟
بما أن النقل النهري وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في بعض دول العالم، فكان الاتجاه في جعله أكثر استدامة لتقليل الانبعاثات العدوة للمناخ أمرا حتميا، حيث تم العمل على مشروع "FLAGSHIPS" الممول من الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى تطوير خلايا وقود الهيدروجين لسفينتي تجاريتين آملين في إطلاق عصر النقل المائي النظيف في أوروبا.
السفينة الأولى هي سفينة حاويات داخلية مسجلة في هولندا يبلغ طولها 110 أمتار، والتي ستحل محل سفينة أخرى تعمل بالديزل، أما السفينة الأخرى فهي عبارة عن بارجة ملاحية داخلية بطول 60 مترا، والتي ستكون أول بارجة نهرية تعمل بالهيدروجين عديمة الانبعاثات في أوروبا.
هل تولي الدول العربية اهتماما بالنقل النهري أيضا لخفض الانبعاثات بأقرب وقت أم أن هذه الخطوة بعيدة المنال؟