أكثر من 171 تريليون قطعة بلاستيك تطفو الآن فوق محيطات العالم، وتستغرق مئات السنين لتتحلل إلى مواد أقل ضرراً، ما يجعلها المتهم الأول بقتل الأسماك والكائنات البحرية، ويحذر العلماء من زيادة أعدادها بمعدل 3 أضعاف بحلول عام 2040 إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء.
التلوث البلاستيكي بالمحيطات يمثل حالة طوارئ عالمية تتطلب اتخاذ إجراءات فورية، لذا حاولت "Ocean Cleanup" (منظمة بيئية غير ربحية تعمل على تطوير تقنية لتنظيف المحيطات من التلوث البلاستيكي) منذ عام 2019 ترقية أنظمتها وتقنياتها لالتقاط القطع البلاستيكية الصغيرة التي يبلغ حجمها ملليمترات فقط، إضافةً إلى الحطام الكبير وشباك الصيد الضخمة المُهملة التي يصل عرضها إلى عشرات الأمتار.
استطاعت المنظمة ابتكار عدة تقنيات أطلقت على المجموعة كاملةً اسم "Interceptor Barricade"، والتي يمكن وضعها في جميع أنحاء النهر لالتقاط البلاستيك، ثم جربت نتائجها غير المتوقعة عام 2022.
ثغرات وتحديثات بالنظام
يواجه نهر موتاجوا الأكبر في جمهورية غواتيمالا الواقعة بأمريكا الوسطى عدة تحديات، بسبب التلوث البلاستيكي الكبير الناتج عن اكتظاظ السكان، وعدم القدرة على إدارة النفايات والصرف الصحي، إضافةً إلى تعرض الدولة لأمطار موسمية تُسبب فيضانات مفاجئة، وتجلب كميات هائلة من النفايات عبر نهر لاس فيغاس إلى نهر موتاجوا، ثم إلى البحر المفتوح.
هذه الفوضى لفتت أنظار منظمة "Ocean Cleanup"، وعقدت العزم على تجربة إحدى تقنياتها المسماة "Interceptor Trashfence" في نهر لاس فيغاس لمحاولة وقف "تسونامي النفايات" في عام 2022.
الابتكار المستخدم عبارة عن شبكة معدنية عرضها 50 متراً وطولها 8 أمتار، تُثبت في قاع النهر بهدف تحمل الكميات الهائلة من القمامة، والحفاظ على النفايات البلاستيكية في مكانها خلال الفيضانات، ومنع وصولها إلى المحيط.
نتائج التجربة
نتائج التجربة الأولية كشفت عن مشكلة بالتقنية، وهي عدم قدرة المياه على المرور جيداً عبر السياج عكس ما كان متوقعاً، وهذا أدى إلى دفع المياه إلى الأسفل نحو أساسات السياج، ما أدى إلى تآكلها وانهيار الحاجز في نهاية المطاف.
بعد معرفة المشكلة، تعاونت المنظمة مع شركة أمريكية متخصصة في الحلول، للتحكم في حطام الأنهار في مايو 2023، حيث طورا نظاماً ثنائياً أحدهما في اتجاه المنبع بطول 51 متراً، والثاني في اتجاه مجرى النهر بطول 107 أمتار لالتقاط أي شيء لا تستطيع ذراع المنبع التقاطه في غواتيمالا.
ولكي يكون الحاجز أكثر متانة وأقل ضرراً على قاع النهر، ربطوا الأذرع بأساس خرساني وزنه كبير على ضفة النهر، إضافةً إلى استخدام ركائز بعمق 8.5 أمتار في تثبيت الأساسات، ثم تمت مراقبة أداء حاجز "Interceptor 006" في جمع النفايات، لكن كان هناك حاجة ملحة إلى الجهود المحلية لتخفيف كميات التلوث البلاستيكي بالأنهار، وهذا ما حدث في غواتيمالا بالآونة الأخيرة.
قفزة في مهمة تنظيف المحيطات
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أعلنت المنظمة عن ابتكار حاجز "System 03" في نهاية أغسطس 2023، وضعوه في رقعة القمامة الكبرى بالمحيط الهادي، وهو أكبر 3 مرات من التقنية التي استخدموها سابقاً بالمنطقة ذاتها، ويستطيع تنظيف ما يُعادل مساحة ملعب كرة قدم كل خمس ثوانِ، ما يجعله قفزة كبيرة في مهمة المنظمة لتنظيف المحيطات من النفايات البلاستيكية.
نظام "03" يتكون من حاجز عائم يبلغ طوله 2.2 كيلومتر وتسحبه سفينتان بحركة بطيئة، كما يمتد الحاجز لـ4 أمتار تحت سطح الماء لالتقاط معظم البلاستيك العائم، وهذه التقنية الثالثة في رقعة نفايات المحيط الهادي بعد اختبار نظام "001" ونجاح نظام "002" الذي استخرج أكثر من 250 ألف كجم من البلاستيك بالمنطقة بين عامي 2021 و2023.
ويعمل نظام "03" من خلال سحب السفن بسرعة بطيئة مماثلة لسرعة المشي، وعن طريق استخدام بيانات المراقبة والذكاء الاصطناعي يتوجه الحاجز للمناطق ذات الكثافة البلاستيكية الأعلى عبر المنطقة، وعندما يحين وقت تفريغ النفايات يُسحب لإحدى السفن لوضع البلاستيك على سطحها لفرزه وتعبئته.
أخذت المنظمة الحياة البحرية في الاعتبار لتجنب وقوع الكائنات الصغيرة فريسة لحاجز النفايات، وخصصت فتحة للحيوانات البحرية تُرَاقَب بواسطة كاميرات تحت الماء، وإذا رُصد كائناً محتجزاً بالنظام يمكنهم إخراجه من الفتحة دون تسرب أي نفايات محتجزة.