بديل للبلاستيك وأقمشة مستدامة.. الأعشاب البحرية "معجزة" أسفل المحيطات


فيروز ياسر
الخميس 21 ديسمبر 2023 | 03:42 مساءً

أكثر من 800 مليون شخص يعانون الجوع، وفي نفس الوقت تساهم الأنظمة الغذائية المتوافرة في تفاقم الاحتباس الحراري وتهديد التنوع البيولوجي، وإذا نظرنا أسفل مياه المحيطات توجد نباتات أشبه بالمعجزة يمكنها توفير الغذاء المستدام والاستفادة منها في عدة مجالات تخدم اقتصادات دول العالم.

غذاء مستدام

تمثل المحيطات موطناً لنحو 12 ألف نوع من الأعشاب البحرية، كما تمكن البشر من زراعة 30 نوعاً منها، وهذا النموذج من النباتات ينمو بسرعة فائقة دون الحاجة إلى أرض زراعية أو الري، إضافة إلى احتوائه على البروتينات والمواد المغذية كالألياف والفيتامينات والمعادن.

ما يميز الأعشاب البحرية خاصة المجففة حفاظها على العناصر الغذائية، حيث يتمتع المنتج بفترة صلاحية طويلة إضافة إلى عدم الحاجة إلى التخزين البارد وبالتالي تقليل الانبعاثات والطاقة أثناء التنقل.

وتحظى الأعشاب البحرية بشعبية كبيرة في آسيا، وفي الطريق نحو الغذاء المستدام ظهرت موجة طهي جديدة كشف عنها الطهاة الغربيين، متمثلة في وصفات عديدة للأعشاب ما بين الحساء وإضافتها للعصائر وحتى صنع الزبدة وأنواع من الجبن.

ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة "كوينزلاند" الأسترالية، يمكن زراعة الأعشاب البحرية عبر مساحة تُعادل مساحة دولة أستراليا تقريباً وتوفير ما يكفي من الغذاء لـ10% من النظام الغذائي البشري حول العالم بحلول 2050.

حلول خضراء

إلى جانب استغلالها كغذاء، تدخل الأعشاب البحرية في الزراعة العضوية؛ فاستخدام منتجات حيوية تحتوي على الأعشاب يساهم في زيادة نمو النباتات ومعايير الإنتاج، كما تحتوي على نشاط محفز يثير استجابات دفاعية في النباتات لمقاومة الآفات والأمراض والجفاف والملوحة والبرد، وفق ما ذكرته دورية "Plants".

وفي دراسة أجريت عام 2021، كشف باحثون من جامعة كاليفورنيا عن نتائج جديدة تشير إلى أن استخدام مكملات الأعشاب البحرية الحمراء في طعام الأبقار يقلل من إطلاق غاز الميثان المعوي بنسبة تزيد عن 80%، لتكون خطوة مبشرة لتطبيق الاستدامة في الثروة الحيوانية.

إرمياس كيبريب، رئيس قسم علوم الحيوان ومدير مركز الأغذية العالمي، أكد أن الأعشاب البحرية المضافة للنظام الغذائي للماشية تحد من انبعاثات غازات الدفيئة ولا تتضاءل فاعليتها بمرور الوقت.

وكشفت دراسات نُشرت نتائجها في مجلة "علم البيئة العالمية والجغرافيا الحيوية" عن قدرة الأعشاب البحرية في الحفاظ على محيطاتنا، عير امتصاص المعادن الثقيلة والنترات، إضافة إلى زيادة التنوع البيولوجي من خلال توفير موطن حيوي للحياة البحرية والمخلوقات الصغيرة لتجنب المفترسات.

بديل للبلاستيك

ربما لم تسمع من قبل عن استغلال الأعشاب البحرية في صنع منتجات التغليف كبديل للبلاستيك الذي يخلف 300 مليون طن من النفايات على مستوى العالم سنوياً، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة.

شركة تغليف في لندن قررت إنتاج عبوات مصنوعة من الأعشاب البحرية وأكياس التوابل والكحول، إضافة إلى أغلفة القهوة ومناديل التواليت، واستبدال الطلاء البلاستيكي لصناديق الوجبات الجاهزة ببطانة من الأعشاب البحرية القابلة للتحلل والبعض منها يتحول إلى سماد.

قماش عشبي مستدام

وبخلاف منتجات التغليف، هل ارتديت من قبل ملابس مصنوعة من نسيج الأعشاب البحرية؟.. هذا النوع من المنسوجات موجود منذ قرون في اليابان ثم اكتسب زخماً في الدول الأوروبية بعدما أصبح المستهلكون أكثر وعياً بالبيئة، وفق ما ذكره موقع Textilecoach.

صناعة منسوجات الأعشاب البحرية تعتمد على حصاد النباتات ومعالجتها بأقل كمية من الطاقة، ثم تحويلها إلى خيوط أو قماش مستدامة وقابلة للتحلل الحيوي كما أنها بديل للأقمشة التقليدية خاصة الأنواع الضارة بالبيئة.

رواج عربي وإقليمي

ومنذ عام 2022 شهد سوق الأعشاب البحرية التجارية في الشرق الأوسط وإفريقيا نمواً هائلاً لاحتوائها على مادة "الغروانيات المائية" الأشبه بالهلام وتدخل في مختلف الصناعات مثل المشروبات والزراعة ومستحضرات التجميل والأدوية، وهناك توقعات بزيادة النمو حتى عام 2029.

وينمو قطاع الأعشاب البحرية في الكويت بشكل ملحوظ بسبب الإقبال على زراعتها، وذكرت شركة Data Bridge Market Research لتحليل البيانات رواج سوق الأعشاب بالإمارات بسبب فوائدها الصحية والعلاجية.