في "COP 28".. جهود عربية استثنائية للحد من انبعاثات غاز الميثان


مروة بدوي
الاثنين 11 ديسمبر 2023 | 03:03 مساءً

 بعد مرور قرابة 8 أعوام على اتفاق باريس التاريخي، وفي منتصف الطريق نحو أجندة 2030، يأتي مؤتمر الأطراف "COP 28" في الإمارات ليمنح العالم فرصة لإعادة تقييم ما أُنجز في أزمة المناخ وتصحيح المسار، وصولاً إلى الأهداف المرجوة.

اتفاق باريس، الذي اعتُمد في "COP 21" عام 2015، يهدف بشكل رئيس إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين، وعدم تجاوز الحد الأقصى المسموح به، وهو 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.

وبعد كل الظواهر المتطرفة التي شهدها الكوكب مؤخراً، وإعلان الأمم المتحدة بداية عصر "الغليان العالمي" خلال الصيف الماضي، يبدو أن الجهود المبذولة على أرض الواقع غير كافية لحل أزمة المناخ، ولا تسير وفقاً للخطط المُتفق عليها عالمياً. وبناءً عليه ستعمل القمة الحالية للمناخ "COP 28" على قياس مدى تحقيق أهداف اتفاق باريس، والاتفاق على الإجراءات المناخية اللازمة وآليات تنفيذها.

ولتجنُّب تفاقم أزمة المناخ، يجب تقليل الانبعاثات بنسبة 45% بحلول عام 2030، والوصول إلى صافي انبعاثات صفري "Net Zero" بحلول عام 2050، للحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، بما يتوافق مع اتفاق باريس.

غاز الميثان

ورغم أن ثاني أكسيد الكربون يظل المتهم الأول في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكنه لا يتصدر القائمة منفرداً× فهناك عدو آخر للمناخ ربما يكون أكثر خطراً هو غاز الميثان، الذي يتحمَّل مسؤولية ارتفاع درجات الحرارة العالمية بنسبة 30% منذ الثورة الصناعية؛ ما يستدعي خفض انبعاثات الميثان بوجه عاجل ومُستدام للحد من الاحتباس الحراري على المدى القريب، وتحسين جودة الهواء، حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة 2022.

يتركز غاز الميثان في الغلاف الجوي حالياً بحجم أكبر مرتين ونصف من مستويات ما قبل عصر الصناعة؛ حيث تسارعت وتيرة انتشاره خلال السنوات الأخيرة، خاصةً في عام 2021، الذي سجل ارتفاعاً في انبعاثات الميثان بنسبة ضمن الأكبر على الإطلاق.

ووفقاً لأحدث تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يعد غاز الميثان أقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون في حبس الحرارة بالغلاف الجوي للأرض خلال السنوات العشرين الأولى بعد انبعاثه، رغم أنه أقل وفرة في الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون.

ويبقى غاز الميثان بشكل طبيعي في الغلاف الجوي لمدة 10 سنوات تقريباً، مقارنةً بثاني أكسيد الكربون الذي يبقى لقرون؛ لذلك فإنه في الوقت الذي تظل فيه الانبعاثات الكربونية محتجزة فعلياً في الغلاف الجوي، فإن الأمر نفسه لا ينطبق على غاز الميثان؛ ما يعني أن خفض انبعاثات الميثان من أكثر الطرق فاعليةً لإبطاء الاحتباس الحراري على المدى القصير.

مصادر انبعاثات غاز الميثان

يشير تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الانبعاثات العالمية السنوية لغاز الميثان تبلغ نحو 580 مليون طن؛ منها 40% من المصادر الطبيعية، والـ60% المتبقية تنشأ من النشاط البشري، وتُعرف باسم "الانبعاثات البشرية المنشأ".

وتُعد الثروة الحيوانية أكبر مصادر انبعاثات غاز الميثان؛ فهي مسؤولة عن 31% من الإجمالي العالمي، يليها قطاع النفط والغاز بنسبة 26%، وتشمل المصادر الأخرى مدافن النفايات ومناجم الفحم وحقول الأرز ومحطات معالجة المياه.

الحلول العربية لمواجهة انبعاثات الميثان

وتحظى جهود خفض انبعاثات غاز الميثان بنصيبٍ كبيرٍ في مناقشات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP 28"، الذي شهد مبادرات عربية عدة لتقليلها، ومنها:

اتفاق مصري للحد من انبعاثات غاز الميثان

وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، أعلن ضمن فعاليات "COP 28"، أن قطاع النفط بصدد توقيع اتفاق مع وكالة التجارة والتنمية الأمريكية لتقديم الدعم الفني اللازم لاستكمال خارطة طريق مفصلة لخفض انبعاثات غاز الميثان؛ لكونه من أسرع الوسائل للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأشار إلى جهود مصر في هذا المجال؛ حيث نفذت نحو 30 مشروعاً للاستفادة من غاز الشعلة، وهو الغاز المصاحب للنفط؛ ما أدى إلى خفض الانبعاثات بمقدار 1.4 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وحقق فائضاً سنوياً بنحو 200 مليون دولار، إضافةً إلى إجراء حملتين لقياس انبعاثات غاز الميثان في 30 موقعاً.

ولفت إلى انضمام مصر إلى مبادرة البنك الدولي للحد من الحرق الروتيني بحلول عام 2030، واعتزام بلاده تطوير اللوائح الداخلية الخاصة بانبعاثات غاز الميثان بقطاع البترول والغاز بنهاية عام 2024.

السعودية تطلق ميثاقاً عالمياً لخفض انبعاثات قطاع النفط والغاز

وأطلقت رئاسة "Cop 28" والسعودية، الميثاق العالمي لخفض انبعاثات قطاع النفط والغاز، بما في ذلك غاز الميثان، بهدف تسريع وتوسيع نطاق العمل المناخي في القطاع الصناعي.

وقعت على الميثاق 50 شركة تمثل أكثر من 40% من إنتاج النفط بالعالم، وتعهدت الشركات بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري من غاز الميثان، ووقف حرق الغاز بحلول عام 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.

ويكتسب هذا الميثاق أهميةً كبيرةً في هذا التوقيت؛ لأنه يُعَد خطوة مؤثرة لدعم أهداف اتفاق باريس، وتنفيذها على أرض الواقع.

nullnull

صندوق جديد لخفض انبعاثات الميثان في الإمارات

وتحرص دولة الإمارات العربية المتحدة التي تستضيف مؤتمر الأطراف للمناخ "COP 28" هذا العام، على بذل المزيد من الجهود في إطار تقليل انبعاثات غاز الميثان، ومنها الإعلان عن أجندة تقليل انبعاثات غاز الميثان، والوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2030.

كما أعلنت عن تبرعٍ قيمته 100 مليون دولار لدعم إنشاء صندوق استئماني جديد لغاز الميثان، يتبع البنك الدولي، ويهدف إلى تقديم مِنَح لتحفيز أعمال خفض انبعاثات غاز الميثان، وتقليل حرق الغاز، وانبعاثات غازات الدفيئة حول العالم.