بسلوكيات غرائبية طرأت على بعض الكائنات البحرية، لاحظ العلماء لعب ومداعبة الحيتان الحدباء للأعشاب البحرية؛ ما حمل تفسيرات مهمة لما يدور مع الحيتان في أعماق البحار.
لوحظ هذا السلوك لأول مرة عام 2007، ومع انتشار منصات التواصل الاجتماعي، لاحظ الباحثون أن الحيتان الحدباء تستمتع بوضع الأعشاب البحرية الورقية على بشرتها للعب ولفرك جسمها أيضاً.
والحيتان الحدباء تنتمي إلى حيتان البالين المعروف عنها تفاعلها مع الكائنات الموجودة بموطنها المحيط، كما تلعب أحياناً بجذوع الشجر والأخشاب الطافية، إضافة إلى معدات الصيد وقناديل البحر، وفق ما أوردته مجلة العلوم والهندسة البحرية.
قضم الأعشاب
الأكثر قراءة
وفحص الباحثون 95 منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي توثق سلوكيات الحيتان الحدباء تُجاهَ أنواع مختلفة من الأعشاب البحرية؛ بدايةً من شمال شرق المحيط الهادئ، وشمال المحيط الأطلسي إلى السواحل الغربية والشرقية لأستراليا.
وقال أولاف مينيكي الزميل الباحث في مركز البحوث الساحلية والبحرية بجامعة كريفيث الأسترالية لموقع Live Science، إن الحيتان تلعب بجميع أنواع الأعشاب البحرية دون استثناء، سواء فرادى أو في مجموعات.
وأوضح مينيكي أنه بسبب استضافة الحيتان الحدباء طفيليات وبكتيريا وفيروسات على جلدها، أو تعرضها للعدوى أثناء سفرها للحصول على التغذية، فإنها عرضة للالتهابات الجلدية، وعشب البحر يحمل فوائد علاجية لمساعدتها في التخلص من الكائنات المستعمرة لجلدها.
وأضاف: "تتخلَّص الحيتان من الكائنات الدقيقة على جلدها بفرك الأعشاب البحرية التي يُعتقَد أنها تحمل خصائص مضادة للميكروبات. ورُصد سلوك آخر للحيتان، مثل قضم الأعشاب لتنظيف الجزء الداخلي من أفواهها. وهذه عادة مثيرة للاهتمام؛ لأن الحيتان البالينية ليس لها أسنان، والقضم ليس غريزة طبيعية".
بخلاف معالجة الحيتان لبشرتها، فإن اللعب بالأعشاب البحرية يعزز التعلم ويقوي الروابط الاجتماعية خلال ممارسة السلوك بين عدد من الحيتان في الوقت نفسه، لكن تغير المناخ قد يُفسِد اللعبة بتغيير توزيع الأعشاب البحرية.
وحذر مينيكي من الضغوطات الشديدة التي تتعرض لها الأعشاب البحرية بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات؛ فهذا يؤثر على تكاثر الأنواع التي تتغذى على عشب البحر، مثل قنافذ البحر، واختتم قوله بعبارة: "يمكن أن تتحول غابة مذهلة من الأعشاب البحرية إلى صحراء كاملة".
فرك الدلافين
وتعاني الدلافين من تهيج الجلد مثل البشر، ولتخفيف حدتها تتجه الدلافين الهندية القارورية الأنف شمال البحر الأحمر بمصر إلى أقرب شعاب مرجانية لتفرك نفسها، واكتشف فريق دولي أن الزلال الموجود بالشعاب والإسفنج، مُحمَّل بمُركَّبات مضادة للبكتيريا، بحسب دراسة نشرتها مجلة iScience.
ورغم وجود مثل هذا السلوك في بعض الحيتان كالأوركا والبيضاء، فإن فرك الدلافين لنفسها باستخدام الشعاب المرجانية سلوك نادر؛ إذ قالت أنجيلا زيلتنر عالمة الأحياء البحرية في جامعة زيورخ السويسرية، التي راقبت ما يقرب من 360 دولفيناً قاروري الأنف في البحر الأحمر منذ عام 2009 إن "احتكاك الدلافين بالشعاب المرجانية والإسفنج، يساعد على إخراج السائل اللزج الأشبه بالزلال وانتقاله إلى جلد الدلافين".
وفحص الباحثون عينات من نوعين من المرجان الناعم ونوعاً من الإسفنج، واكتشفوا 17 مركباً مكافحاً لسلالات متعددة من البكتيريا، تعمل على منع العمليات الخلوية الضارة، وتساعد في توازن الهرمونات على جلد الدلافين.
وأوضحت النتائج أن الدلافين تستخدم المواد اللزجة بالشعاب المرجانية والإسفنج لتغطية المناطق المصابة من الجلد، تماماً كما يضع البشر العلاج لتهدئة الطفح الجلدي.
خنازير البحر
كما لاحظ العلماء سلوكاً غريباً لحيتان الأوركا القاتلة في بحر ساليش. ورغم أن سمك سلمون شينوك هو الطعام المفضل لها، كانت تفتعل الشجار مع خنازير البحر؛ ما أدى إلى حدوث 78 حادثة بين عامي 1962 و2020؛ منها 28 حادثة أدت إلى موتها.
ووفق مجلة علوم الثدييات البحرية، فإن الحيتان القاتلة كانت تستهدف خنازير البحر ذات حجم السلمون نفسه، ولم يتوصل العلماء إلى سبب المضايقات فقط دون تناول لحمها أو اعتبارها فريسة، لكنهم لاحظوا انتقال العادة الغريبة عبر أجيال؛ ما يكشف عن قدرتها على التعلم الاجتماعي والنقل الثقافي للسلوكيات.
خبايا كثيرة في أعماق البحار، لا يزال العلماء يكتشفون المزيد عنها؛ فكل تغيير بسيط يطرأ على البيئات البحرية يُشكِّل فارقاً في سلوك الكائنات.