هرمون النوم لتحقيق الاستدامة.. ساعتك البيولوجية تقلل هدر الطعام


إسراء محمد
السبت 18 نوفمبر 2023 | 05:35 مساءً
هدر الطعام
هدر الطعام

بات الحد من هدر الطعام خياراً ضرورياً مع تزايد شراسة ظاهرة التغيرات المناخية وتصاعد أعداد المتضررين من الجوع في العالم.

على الصعيد العالمي، تُفقَد نسبة 14% تقريباً من الأغذية في العام بعد حصادها، حتى مرحلة البيع بالتجزئة، لكن دون احتساب هذه المرحلة من سلسلة الإمداد.

وتشير التقديرات إلى أن نسبة 17% من الأغذية تُهدَر في مرحلة البيع بالتجزئة. وعلى مستوى الاستهلاك، يأتي ذلك في وقت يعاني واحد من كل 10 أشخاص على مستوى العالم من سوء التغذية، وفق معهد الموارد العالمية "WRI".

هرمون النوم

ويتسبب هدر الأغذية في خسائر مالية كبيرة؛ إذ يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار سنوياً، كما يمثل نسبة تتراوح بين 8% و10% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية؛ لذا توصل الباحثون إلى حل فعال في مواجهة نفايات الطعام من خلال "الميلاتونين"؛ الهرمون الذي يساعد الإنسان على النوم، نقلاً عن "Anthropocene Magazine".

وكشفت عدة دراسات علمية عن إمكانية الاستعانة بـ"الميلاتونين" أداةً حيويةً تُستخدَم في حماية الأطعمة من التلف، والحفاظ على المنتجات طازجةً أثناء نقلها من المزارع إلى المتاجر ومنها إلى المنازل.

ورغم أن تبريد المنتجات من الخطوات الهامة أيضاً لحفظ المنتجات، فإنه قد يؤدي في بعض الحالات إلى تلف أنسجة خلايا الأطعمة، وفقدان قيمتها الغذائية، وظهور ألوان غير مرغوبة بها.

وبحسب الورقة البحثية التي نشرتها مجلة Food Review International، التي تعد الأولى من نوعها، نجح الباحثون من جمع الأدلة مما يقرب من 100 دراسة تتعلق بفوائد "الميلاتونين" عند الطلاء على سطح أنواع مختلفة من الأغذية للحفاظ على درجة حرارتها من الانخفاض أكثر من اللازم، مثل التفاح والموز والطماطم، وعشرات الأنواع المختلفة بنسبة تتراوح بين 21% و42%.

ويزيد تجمد الماء في الخلايا النباتية من إمكانية أن تقطع بلورات الثلج الحادة أغشية الخلايا؛ ما يؤدي إلى تسرب السوائل من الخلايا وتعفن الطعام.

ووفق نتائج الأبحاث، تبيَّن أن الفواكه كانت في حالة جيدة عند طلائها بالميلاتونين مقارنةً بالخضراوات، التي ظلت أكثر عرضةً للبرد. وأظهر البرتقال والخوخ المعالج بالميلاتونين علامات أقل إصابةً بالبرد مقارنةً بفاكهة الكيوي، والليتشي، والرمان، والموز التي لم تكن مغطاة بطبقة من الهرمون.

وبوجه عام، نجح هرمون الميلاتونين في ضمان الحصول على فواكه وخضراوات ذات جودة أفضل، وذات أنسجة ناضجة وطازجة، وعندما يتم وضع الهرمون على سطح الفواكه والخضراوات، يبدو أنه يحفز إنتاج المزيد من هذا الهرمون داخل خلايا النباتات، كما أنه أكثر أماناً للاستخدام والاستهلاك.

المستفيد الأول

ويلعب الحد من إهدار الأغذية دوراً فعالاً في توفير نظام غذائي صحي لعدد متزايد من سكان العالم دون زيادة المساحات المزروعة؛ إذ يعد التوسع الزراعي من أسباب زيادة انبعاثات غازات الدفيئة، كما يؤدي إلى إزالة الغابات؛ ما ينتج عنه إطلاق ثاني أكسيد الكربون المُخزَّن.

كما تُمكِّن زيادة كفاءة إنتاج الغذاء من إعادة تشجير الأراضي الزراعية، وهي من الطرق الهامة لإزالة الكربون من الغلاف الجوي، وتوفير مدخرات مالية للشركات والمستهلكين وزيادة الأمن المالي للمزارعين.

ويساهم الحد من هدر الغذاء بنسبة تتراوح بين 20% و25% بحلول عام 2030، في توفير ما يقرب من 120 إلى 300 مليار دولار سنوياً.

كما أن وقف خسائر الأغذية، خاصةً بعد الحصاد وأثناء النقل، سيعمل على تحسين دخول المزارعين؛ ما يساعدهم على شراء معدات أفضل تسمح لهم بحصد المزيد من المحاصيل ذات الجودة العالية خلال فترة زمنية قصيرة، لا سيما بين النساء الريفيات.

رؤى عربية

وأطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة تطبيقاً يتيح للمطاعم بيع الأغذية التي تزيد عن الطلبات بسرعة وبسعر زهيد؛ من أجل وقف إهدار المزيد من الأطعمة.

وقالت إريكا دينتري المؤسس المشارك ومدير علاقات الشركة المختصة بإطلاق التطبيق: "اجتمعنا على مأدبة غداء في دبي، وشاهدنا كل الطعام المتبقي في البوفيه؛ ما جعلنا ندرك أن كميات كبيرة من الطعام يجري إهدارها؛ لذا كان لا بد من التحرك للتخفيف من أعباء النفايات".

ووفق دراسة أجراها معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا عام 2017، يجري إهدار ما يقرب من نصف الطعام المقدم في بوفيهات الغداء في فنادق الإمارات.

كما يعد إهدار الطعام من أبرز الظواهر في دولة سلطنة عمان؛ ما دفع مجموعة من المتطوعين إلى البدء في جمع الطعام الفائض من المطاعم وحفلات الزفاف؛ لإعادة التوزيع على الأسر الفقيرة.

وبحسب تقرير مؤشر هدر الطعام لعام 2021، تهدر الأسر في سلطنة عمان أكثر من 470 ألف طن من الطعام كل عام، بمعدل هدر شخصي يصل إلى 95 كيلوغراماً سنوياً.

وقال سليمان عبد الرحيم الزدجالي رئيس جمعية التعاون القائمة على شحن الطعام الفائض، في تصريح صحفي: "نعمل تحت مظلة لجنة التنمية الاجتماعية في وزارة التنمية الاجتماعية، وجاءت الفكرة من الألم الذي شعرنا به عندما رأينا كيف يتم التخلص من الطعام المجهز بشكل زائد كنفايات".