تحولت الإقامة في منازل متنقلة من رفاهية لمحبي السفر والرحلات الطويلة، إلى خيار سكني تفرضه ظاهرة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
وأصبح العيش في المنازل المتنقلة هو حال ملايين الأشخاص حول العالم باختلاف تصميمات تلك المنزل، وطبيعة اختيار الحياة فيها، سواء اختياراً أو اضطراراً.
وفي الولايات المتحدة وحدها، يُقدَّر عدد من يعيشون في المنازل المتنقلة بنحو 20 مليون شخص، وفق بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي (رسمياً).
ويزداد انتشار هذه النوعية من المنازل مع تصاعد خطر الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية، لا سيما الأعاصير والزلازل؛ حيث تساعد هذه المنازل على مواجهة الظواهر المتطرفة وتقليل البصمة الكربونية.
مزايا عديدة
وتتميَّز المنازل المتنقَّلة بسهولة الحركة من مكان إلى آخر، على عكس نظيرتها التقليدية التي تظل في مكانها في مواجهة الكوارث الطبيعية.
وبحسب الإحصائيات التي نقلها موقع The Environment Magazine، تستهلك المنازل المتنقلة كميات أقل من الطاقة بفارق يتخطَّى 30 مليون وحدة حرارية بريطانية "BTU" سنوياً مقارنةً بنظيرتها التقليدية، كما تُسبِّب عمليات بنائها كميات أقل من النفايات بنسب تتراوح بين 50% و70%.
كما تُرجِّح حسابات التكلفة كفة هذه النوعية من المنازل؛ إذ أشار تقرير صادر عن معهد "نيسكانين" الأمريكي (غير ربحي متخصص في السياسات العامة) إلى أنها تعتبر حلاً مناسباً للطبقات المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ولفت التقرير إلى أن فكرة المنازل المتنقلة لم يَجْرِ استغلالها كما ينبغي، وهو الأمر الذي توصَّل إليه فريق من علماء 3 جامعات في أمريكا وكندا في نتائج أبحاثهم.
وكشف الباحثون، في تقرير نشره موقع The Conversation، كيف أدَّت الصور النمطية التي تُحيط بهذه النوعية من المنازل، وارتباط صورتها في أذهان الكثيرين بالفقر والجريمة، إلى إحجام صانعي القرار عن التشجيع عليها والاستعانة بها كأحد الحلول المحتملة لمواجهة أزمة الإسكان والتغيرات المناخية.
منازل مستدامة
وفي الوقت الذي يساهم فيه قطاع البناء بما يزيد عن 30% من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، ظهرت المنازل المتنقلة بصفتها أحد الحلول التي يمكن من خلال تقليل البصمة الكربونية.
وفي دراسة نشرتها دورية Sustainability عام 2021، كشف مجموعة من العلماء من بلدان مختلفة عن نموذج مستدام لبناء هذه النوعية من المنازل، باستخدام عدة مواد، وهي أخشاب البتولا، والصنوبر، والخيزران، علاوةً على ألياف الخضراوات، والمشمع الطبيعي "لينوليوم" والأقمشة.
ولفت الباحثون إلى أن ذلك النوع من البيوت لا يُحدث التغييرات التي تُحدِثها نظيرتها التقليدية في التربة التي تبقى متصلة بها دائماً.
وبحسب موقع Grist، فإن الموديلات الحديثة من المنازل المتنقلة يمكن تزويدها بألواح الطاقة الشمسية، والمضخات الحرارية التي تُعَد بديلاً أكثر ملاءمةً للمعايير البيئية من بدائل التدفئة الأخرى، في الوقت الذي يمكن فيه إعادة تجديد الموديلات القديمة لاستخدام أكثر كفاءةً.
وتشير التوقعات إلى زيادة الاتجاه إلى تلك الخيارات السكنية المستدامة؛ إذ يقول جوزيه جاريشيا مؤسس إحدى الشركات العاملة في الاستثمار بهذا المجال، إن عمليات إدماج الألواح الشمسية، واستخدام المواد المعاد تدويرها، والاستعانة بنظم حصاد الأمطار؛ ستتحوَّل في المستقبل إلى ممارسات اعتيادية فيما يخص هذا النوع من المنازل.
مقاومة الكوارث
ويُواجِه مؤيدو التوسُّع في الاستعانة بالمنازل المتنقلة، تحدياً آخر يتمثل في مدى قدرتها على مقاومة الكوارث الطبيعية إذا تعذَّر نقلها.
ورداً على ذلك، يقول زاكاري لامب أستاذ التصميم البيئي في جامعة كاليفورنيا–بيركلي، في تصريحات لموقع "Grist"؛ إن حالة التجاهل الذي طالت المنازل المتنقلة، أدت إلى صعوبة جعلها أكثر مرونةً أمام الظروف المناخية، ويرى أن الاستثمار في ذلك الأمر مسألة لا تحتاج إلى تفكير.
ويشير لامب إلى تعرض المقيمين بهذه المنازل لمخاطر أكبر بفعل التغيرات المناخية؛ إذ غالباً ما يسكنون في المناطق المعرضة للفيضانات والحرارة المتطرفة، وغيرهما من أشكال المخاطر البيئية.