بطموحات تطال السحاب، تسعى شركات الطيران إلى التحول نحو وقود الطيران المستدام، بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الطيران بنسبة 65%.
وتسعى العديد من دول العالم، إلى التحول نحو الطيران الأخضر المستدام، وتنظيم رحلات صديقة للبيئة لإنقاذ الكوكب من تأثيرات ظاهرة الاحترار العالمي.
زيوت الطهي
ويرى برادلي سافيل الأستاذ بقسم الهندسة الكيميائية بجامعة تورنتو الكندية، أن زيوت الطهي المستعملة يمكن أن تكون ضمن خيارات وقود الطائرات، مضيفاً أن الزيوت يمكن أن تقلل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تتراوح بين 80% و90% مقارنة بالوقود الأحفوري.
ويقول سافيل – الذي يعمل في تقييم انبعاثات دورة حياة الوقود المستدام لمنظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة – إن أهم ما يجعل زيت الطهي وقوداً مستداماً هو استخدام الأنواع المستعملة أو الفائضة التي لا تستخدَم في الأغذية بدلاً من تصنيعه.
ورغم أن الوقود المصنوع من الطحالب ومخلفات المحاصيل والغابات ونفايات الحيوانات يعمل وقوداً مستداماً مثل زيوت الطهي، فإن تكلفة إنتاجه أعلى؛ حيث يصل إنتاج الطن الواحد إلى نحو ألفي دولار أمريكي، وهذا أحد العوائق التي تحول دون التنفيذ، وفق ما ذكرته إحدى الشركات الكندية المتخصصة بتطوير اقتصاد مستدام.
الكيروسين الأخضر
ويُصنَّع الكيروسين الأخضر من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون؛ حيث يتم توليد الهيدروجين باستخدام الكهرباء المتجددة، والتقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، كما أظهرت النماذج أنه يحتوي على انبعاثات كربونية صفرية أو قريبة جداً من الصفر؛ ولهذا فإنه من الوقود المستدام في مرحلة التطوير والتنفيذ في بعض الدولة الأوروبية، مثل بريطانيا وألمانيا.
دهون الحيوانات
وتستخدم دهون الحيوانات النافقة بشكل متزايد في تشغيل الطائرات باعتبارها بديلاً أكثر مراعاةً للبيئة؛ حيث يزداد استخدامها في وقود الديزل الحيوي بمقدار 40 ضعفاً منذ عام 2006، ومن المتوقع تضاعف الطلب عليها إلى 3 مرات بحلول عام 2030، وفق دراسة أجرتها منظمة النقل والبيئة (داعمة للنقل النظيف، ومقرها بروكسل).
غير أنه ليس هناك ما يكفي من نفايات الدهون الحيوانية لتحويلها إلى طاقة مستدامة تستخدم على نطاق واسع؛ حيث تستخدم الدهون التي يمكن الحصول عليها من الحيوانات في مجالات أخرى، مثل صناعة الشموع، ومستحضرات التجميل، وأغذية الحيوانات الأليفة وغيرها.
بدوره، قال مات فينش من منظمة النقل والبيئة، لـ"سكاي نيوز" إن رحلة طيران واحدة عبر المحيط الأطلسي بين العاصمة الفرنسية باريس ومدينة نيويورك الأمريكية، تحتاج إلى آلاف الحيوانات للحصول على الدهون الكافية للوقود المستدام؛ لذا لا يمكن الاعتماد عليها بصورة كبيرة.
كما أوضح أن عدم القدرة على استخدام الدهون وقوداً مستداماً قد يدفع قطاع الطيران إلى التحول نحو زيت النخيل، لكن هناك مخاوف من قطع المزيد من الغابات الاستوائية نتيجة تزايد الطلب على زيت النخيل؛ ما يؤدي إلى تفاقم الأضرار البيئية.
الوقود المستدام عربياً
واتجهت بعض دول الخليج إلى التحول الأخضر في الطيران، سواء من خلال إجراء التجارب، أو القيام بالشراكات مع دول أخرى لاستبدال الوقود المستدام مكانَ نظيره التقليدي، ومنها الكويت؛ حيث وقعت شركة تابعة لشركة البترول الكويتية العالمية اتفاقية مع شركة طيران أوروبية رائدة في عام 2022 لدعم متطلبات وقود الطيران المستدام على مدى 5 سنوات مقبلة.
ووفق موقع "كويت تايمز"، تهدف الاتفاقية إلى الحد من انبعاثات الكربون من وقود الطائرات، والسماح لشركة النقل الأوروبي بالوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050. ويُذكَر أن الشركة الكويتية كانت مورداً رئيسياً لوقود طائرات الشركة الأوروبية منذ أكثر من 15 عاماً.
في بداية عام 2023، نجحت شركة طيران إماراتية في قيادة طائرة بوينج 777 برحلة تجريبية مستخدمةً الوقود المستدام بأحد المحركين، لمدة تقل عن ساعة على ساحل الإمارات العربية المتحدة. أما المحرك الثاني فكان يعمل بوقود الطائرات التقليدي من أجل السلامة.
وكان الوقود المستدام المستخدم في الطائرة الإماراتية مكوناً من السكريات والزيوت النباتية، إضافة إلى الدهون الحيوانية؛ حيث تقلل جميعها من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حركة الطائرة.
ورغم تعدد أنواع الوقود المستدام المستخدم بالطائرات، فإن محاولات شركات الطيران ما زالت مستمرة للوصول إلى نوع متوافر بكميات تتوافق مع المتطلبات المستقبلية.