زراعة الجلود.. أحدث تقنيات صناعة الأزياء والمنتجات المستدامة


إسراء محمد
الاثنين 23 أكتوبر 2023 | 05:34 مساءً
زراعة الجلود في المعمل
زراعة الجلود في المعمل

على مدى عقود طويلة، تعرَّضت عملية إنتاج الجلود لانتقادات لاذعة بسبب الأضرار البيئية التي تنتج عنها؛ الأمر الذي دفع الباحثين والعلماء إلى زراعة الجلود المستدامة في المعامل.

وتُواجِه العملية التقليدية لإنتاج الجلود عدة انتقادات؛ بدءاً من انتهاك حقوق الحيوانات والزواحف التي تُسلَخ جلودها، وصولاً إلى مساهمة تلك الصناعة في تزايد المخلفات وتلوث المسطحات المائية وغيرها.

ولجأ العلماء إلى تغييرات فارقة في الصناعة تبدأ من عملية الدباغة، وهي عملية معالجة جلود الحيوانات حتى يمكن استخدامها في صناعة الأزياء؛ فعلى سبيل المثال يجري استبدال العفص الطبيعي – وهو مواد تترسب في الأنسجة النباتية – مكانَ ملح الكروم؛ لتقليل الوقت اللازم للدباغة من عدة أشهر إلى أيام قليلة.

أضرار بيئية

كشفت دراسة نقلها موقع "Earth" أن الدباغة تستهلك كميات كبيرة من المياه، كما أنها تساهم بنسبة تتراوح بين 70 و90% في التلوث عن طريق استهلاك الطاقة، واستنزاف الموارد غير الحيوية، وتكوين الأكسدة الضوئية الكيميائية (POCP)، وتسمم المياه العذبة.

وتساهم الجلود المزروعة في المعامل في تقليل هدر الموارد الطبيعية التي تحدث خلال مراحل التصنيع، علاوةً على الحفاظ على الكائنات الحية من الصيد الجائر وخطر الانقراض.

كما تحتوي النفايات السائلة الناتجة عن مصانع الدباغة، على خليط معقد من المواد الكيميائية العضوية وغير العضوية الضارة، مثل ملح الكروم، والأحماض، والسوائل الدهنية، وقد تضر النفايات السائلة التي يجري التخلص منها بأسلوب غير صحيح بالصحة العامة للسكان والكائنات الحية.

زراعة الجلود

تبدأ عملية استزراع الجلود في المختبر بجمع خلايا الجلد من حيوان حي، ونقلها إلى مفاعل بيولوجي متخصص، لتبدأ عمليات استنساخ الخلايا. وتستغرق هذه العملية أسبوعين، وهو أقل من الوقت اللازم لتصنيع الجلود التقليدية، الذي يمكن أن يستغرق سنوات إذا ما وضعنا في الاعتبار الوقت اللازم لتربية الحيوانات.

ونجحت إحدى شركات العاصمة البريطانية لندن في إنتاج جلود دون الحاجة إلى الحيوانات؛ وذلك باستخدام الكائنات الحية الدقيقة، كالبكتيريا الأرضية والبحرية، أو سلالات الفطريات لإنتاج مواد مصنعة بيولوجياً لها قوام الجلد، وفق موقع "Earth".

ويجري تغذية هذه الكائنات الحية الدقيقة بمجموعة متنوعة من المواد مثل البروتين النباتي، والبروتين الناتج من نفايات الأسماك، والمنتجات الثانوية الزراعية، كما يجري الاستعانة بالهواء والغازات الدفيئة.

ونظراً إلى أن مكونات المواد المصنعة بيولوجياً أقل تعقيداً من الجلود الخام، فإن هذا يساعد على تبسيط عملية الدباغة لتقليل استخدام المواد والتأثير البيئي.

وحظيت هذه المواد المصنعة حيوياً باهتمام كبير من مختلف الصناعات، بما في ذلك الأحذية والسيارات والعلامات التجارية الفاخرة، لدرجة أن بعضها يتعاون مع علامات تجارية لتصنيع منتجات جديدة مثل الأحذية الرياضية المصنوعة من فطر "الميسيليوم".

سلطنة عمان

تشهد سلطنة عمان رواجاً في صناعة الجلود؛ حيث من المتوقع وصول سوق المنتجات الجلدية إلى 720.8 مليار دولار بحلول عام 2030، مع معدل نمو سنوي يبلغ 6.2%.

وتنطلق العديد من المبادرات التي تسعى إلى تصنيع الجلود بطريقة أكثر استدامة؛ إذ دعا الخبير الاقتصادي يوسف بن حمد البلوشي، حكومة بلاده إلى تشجيع الممارسات المستدامة من خلال مبادرات بيئية لإنتاج الجلود، مثل استخدام طرق للدباغة الصديقة للبيئة وتقليل النفايات؛ وذلك لتحسين الأثر البيئي لهذه الصناعة، وتعزيز سمعة سلطنة عمان باعتبارها وجهةً مستدامةً لإنتاج الجلود.

وأكد البلوشي، في مقال نُشر بصحيفة Oman Observer، أنه يمكن لهذه المبادرات أن تساعد أيضاً في ترسيخ صناعة الجلود في سلطنة عمان من خلال تحسين جودة المنتجات، والترويج لها في الأسواق الدولية، وتعزيز القوى العاملة الماهرة والممارسات المستدامة.

كما حث الشركات على الاستثمار في البنية التحتية التي تدعم صناعة الجلود، مثل إطلاق المسالخ الحديثة المجهزة بأحدث التقنيات لتقليل النفايات الملوثة للطبيعة.

المملكة المغربية

ويُعتبَر المغرب من الدول التي تحتل فيه صناعة المقاعد الجلدية التقليدية حيزاً كبيراً من الثقافة الشعبية؛ إذ عادةً ما يتم الحصول على الجلود المستخدمة في الوسائد من جلود الأغنام أو الماعز التي تتم تربيتها من أجل الحصول على لحومها أيضاً.

ويجري الاستفادة من الجلود في صناعة المقاعد؛ ما يعني إمكانية إعادة تدويرها مرة أخرى، ومن ثم يُعَد استخدام الجلود المهملة مواد خاماً، ممارسة مستدامة تساعد على تقليل النفايات والأضرار البيئية.

ولتحقيق الاستدامة في الصباغة، تُصبَغ الوسائد الجلدية المغربية باستخدام الأصباغ الطبيعية المكونة من مواد نباتية وتخلو من المواد الكيميائية الضارة، مثل الحناء والزعفران.

كما تصنع تلك المقاعد يدوياً باستخدام التقنيات التقليدية المتوارثة، وهذا يعني أن عملية الإنتاج ليست آلية، ولا تتطلب كميات كبيرة من الطاقة أو الموارد، وفق موقع إحدى الشركات المتخصصة في المنتجات اليدوية.