لطالما استوحى الشعراء والأدباء قصصاً وتأملاتٍ وخواطرَ من أوراق الخريف الملونة والمتساقطة على جنبات الطرق، لكن هذا المنظر الملهم بات معرضاً للاختفاء على وقع التغيرات المناخية.
ولون أوراق الخريف هو ظاهرة نباتية تظهر على الأوراق الخضراء الطبيعية للعديد من الأشجار والشجيرات المتساقطة التي تتغذى عليها، خلال أسابيع قليلة في فصل الخريف.
ألوان الخريف
الأكثر قراءة
وعن سر ألوان ورق الشجر، قال بيل كيتون أستاذ علم الغابات بجامعة فيرمونت الأمريكية، إن الأشجار تشعر بفرق التباين بين درجات الحرارة أثناء النهار والليل وقِصَر طول النهار؛ لذا تمتص أكبر قدر من الطاقة المخزنة في الأوراق مع بداية فصل الخريف للحصول على السكريات والكربوهيدرات التي كانت تنتجها الأشجار طوال فصل الصيف، وتنتقل بالتبعية إلى الجذور والفروع.
وأثناء امتصاص الأشجار للطاقة من الأوراق تتحلل مادة الكلوروفيل، التي تلعب دوراً في اخضرار الأوراق، وهي أساس عملية التمثيل الضوئي، ثم تظهر مواد كيميائية أخرى موجودة في ثمار الموز والبرتقال، وهذا ما يفسر تحوُّل أوراق الشجر إلى اللونين الأصفر والبرتقالي.
وأوضح كيتون أنه حتى تتمكن الأشجار من امتصاص أكبر قدر من الطاقة المخزنة بالأوراق، تحاول التمسك بها لأطول فترة ممكنة، وخلال هذه العملية تتفاعل السكريات وبروتينات معينة في عصارة الخلية في وجود ضوء جيد، وتتشكَّل مادة باسم "الأنثوسيانين"، وهي المسؤولة عن ظهور اللونين البنفسجي والأحمر في الأوراق.
متورط خفي
ويحذر أستاذ علم الغابات من تأثير تغير المناخ على سقوط أوراق الشجر في الخريف، وقال إن هناك أبحاثاً تشير إلى التأخر الذي طرأ على بداية سقوط الورق على مدى القرن الماضي والذي وصلت مدته إلى شهر كامل، كما أن المناخ المتطرف قادر على تخفيف كثافة أوراق الشجر المتساقطة. ويحدث ذلك في الغالب بعد فترات جفاف شديدة أو فصل صيف شديد الحرارة مع هطول أمطار غزيرة وأتربة رطبة ومشبعة مثلما حدث الفترة الماضية.
ووفقاً لرأيه، تخلق الظواهر المناخية المتطرفة ضغوطاً على الأشجار تؤدي إلى تداخل إنتاج بعض المواد الكيميائية التي تمنح أوراق الشجر ألواناً مختلفة.
النخر والموت
وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على السياحة في الخريف بفضل الأشجار الملونة، لكن تأخر ظهور الألوان أو عدم ظهورها، قد يؤثر سلباً على السياحة التي تصل عائداتها إلى ما يزيد عن 30 مليار دولار، وفق موقع The Street.
ورصدت دراسة جديدة نشرتها دورية Nature ما يحدث لأوراق الأشجار الاستوائية أثناء تعرضها لآثار التغير المناخي، خاصةً درجات الحرارة الشديدة؛ إذ كشف الباحثون تعرض الأوراق للنخر والموت وتوقف عملية البناء الضوئي أحياناً.
ويقدر ارتفاع متوسط درجات الحرارة في بعض المناطق الاستوائية بمقدار 0.5 درجة مئوية كل 10 سنوات. وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات الطفيفة في درجات حرارة الكوكب تأثيرها ملحوظ في النباتات؛ حيث تنخفض عملية "النتح"، وهي خروج الماء على شكل بخار من أجزاء النبات المعرضة للهواء، وخصوصاً الأوراق.
كما وجدت الدراسة أن نحو 0.01 بالمئة من جميع الأوراق في الغابات الاستوائية مُعرضة بالفعل لدرجات الحرارة التي تمنعها من أداء وظائفها الطبيعية، إضافة إلى اضطراب وظيفة التمثيل الغذائي التي تحدث عند وصول ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 3.9 درجة مئوية مع متغير قدره 0.5 درجة مئوية من الاحترار الصافي.