استدامة تحت الماء.. الغواصون درع حامية للحياة البحرية من تغير المناخ


فيروز ياسر
الخميس 19 أكتوبر 2023 | 06:57 مساءً

الغوص تحت الماء عالم خفي يزخر بالألوان والكائنات البحرية، ومكان يتوقف فيه الزمان أثناء السير وسط عجائب الأعماق.

ورغم اعتبار الغوص نشاطاً ترفيهياً يجذب ملايين الأشخاص حول العالم، فإن رياضة الغوص التي تلعب دوراً في التوعية البيئية تواجه تحديات عديدة بفعل التغيرات المناخية.

ويؤدي تغير المناخ إلى زيادة هبوب العواصف؛ ما يهدد حياة الغواصين بمواجهة مخاطر في جميع أنحاء العالم؛ لذا بات من الضروري الاطلاع على أحوال الطقس، ووضع خطة لتطبيقها عند وقوع الكوارث أثناء الرحلات البحرية.

سلوكيات متطرفة

ويتسبَّب ارتفاع درجات الحرارة في ابيضاض الشعاب المرجانية التي تعد جزءاً مهماً من النظم البيئية للمحيطات حول العالم؛ ما يؤدي في النهاية إلى نفوقها. وهذا يعني للغواصين ضَعف النظم البيئية التي يتعيَّن استكشافها، وتراجع الأماكن التي يمكن الغوص فيها، بحسب توقعات مجلة X-Ray Mag.

في المقابل، يتسبب الغوص العشوائي وغير المسؤول في تدمير الحياة تحت الماء، بما يتبعه من تحركات مفرطة، وإحداث ضوضاء، وتدمير موائل الكائنات البحرية؛ ما يؤدي إلى إصابتها بالحركة المفرطة نتيجةَ التوتر، وتعطيل سلوكياتها الطبيعية.

تعزيز بيئي

وبمجرد دخول الغواصين إلى عالم تحت الماء، يصبح المواطنون (الهواة غير المختصين) جزءاً من نظام بيئي دقيق، ومن خلال مراقبة الحياة البحرية يستطيعون جمع البيانات عن توزيع الأنواع، وأعدادها، والصحة العامة للنظم البحرية لدعم الأبحاث العلمية.

كما أن تعلم تقنيات الغوص السليمة، كالحفاظ على الطفو المحايد، وتجنب الاحتكاك بالشعاب المرجانية، أو الكائنات الحية الحساسة الأخرى؛ يقلل من الأثر البيئي لرياضة الغوص.

وتوفر الحدائق الإسفنجية والشعاب المرجانية، المأوى والغذاء والأراضيَ لتكاثر عدد كبير من الحيوانات، واتباع الغواصين ممارسات مستدامة، مثل الانضمام إلى مشاريع بيئية، كزرع أجزاء من المرجان، أو مراقبة صحة المستعمرات البحرية؛ ما يساهم في الحفاظ عليها من آثار التغيرات المناخية.

ووفق أحد مراكز التدريب الأسترالية، يساهم استكشاف البيئات المختلفة تحت الماء في تعزيز التنوع البيولوجي البحري، وفَهم النظم البيئية، وإلهام الآخرين لدعم الحياة البحرية؛ ما يزيد من تدابير الحماية للموائل البحرية، ويشجع على تمويل الأبحاث.

ولدى الغواصين القدرة على تبني عادات صديقة للبيئة، وتعزيز الوعي البيئي من خلال الدعوة إلى تقليل النفايات البلاستيكية، والترويج لأساليب الحفاظ على صحة الشعاب المرجانية، إضافة إلى نشر الوعي بين السياح وزوار الأماكن المعروفة بالغوص؛ ما يساهم في تعافي محيطات الأرض، وتعزيز الممارسات المستدامة.

مبادرات عربية

وتعاونت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بالأردن مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسة Reef-World، لإطلاق مبادرة الزعانف الخضراء "Green Fins" في يونيو الماضي، بهدف تمكين مراكز الغوص من تبني ممارسات صديقة للبيئة، وتثقيف السياح حول الحياة البحرية.

ومع إطلاق هذا البرنامج، أعلنت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، عن بدء تدريب المقيمين في مدينة العقبة، وتزويد محترفي الغوص المحليين بالمهارات والمعرفة اللازمة لتقييم وتوجيه مُشغِّلي الغوص نحو ممارسات صديقة للبيئة؛ ما يزيد من تعزيز التزام المنطقة بالحفاظ على البيئة البحرية.

حوَّلت مبادرة الزعانف الخضراء، المملكة الأردنية إلى واجهة عالمية رائدة ملتزمة بتحقيق التوازن بين السياحة والحفاظ على البيئة، كما حصلت 15 دولة أخرى على نتائج إيجابية بعد تطبيق برنامج الزعانف الخضراء داخلها، وفق ما ذكره موقع Jordan times.

ومع أن رياضة الغوص تواجه بعض التحديات التي تجعل مستقبلها مجهولاً إذا استمرت التغيرات المناخية؛ فإن الغواصين لا يزال لديهم القدرة على ترك بصمة إيجابية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على التنوع البيولوجي تحت أعماق المياه.