بصوبات ذكية وزراعات مائية.. السعودية والإمارات وقطر تسعى لتحقيق الأمن الغذائي


فيروز ياسر
الاحد 08 أكتوبر 2023 | 08:09 مساءً

بفعل ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه وانتشار الجفاف، تواجه الزراعة التقليدية بدول الخليج جملة من التحديات المناخية التي تؤثر على إنتاج وجودة المحاصيل.

ورغم مساعي إدخال التكنولوجيا في عالم الزراعة لإنقاذ المحاصيل من تداعيات تغير المناخ، لا تزال الصوب الزراعية بالإمارات والسعودية وقطر طوقاً للنجاة من خطر انعدام الأمن الغذائي.

وتختلف الصوب الزراعية في أشكالها وأنواعها حسب الغرض المراد من إنشائها، منها ما يستخدم لإنتاج الشتلات، ومنها ما يستخدم لإنتاج بعض المحاصيل، علاوة على استخدامها فى أغراض البحث العلمي وتطوير تكنولوجيات الإنتاج مثل الزراعات المائية وغيرها.

وترتبط ثلاثية الموارد بالغذاء والماء ارتباطاً وثيقاً بالإنتاج الزراعي؛ إذ تتجاوز كميات الطاقة اللازمة للصوبات الزراعية في السعودية بصمة الصوبات الموجودة في دول أخرى، مع الوضع في الاعتبار أن جميع المياه العذبة اللازمة للزراعة يجري إنتاجها عبر تحلية المياه، بحسب موقع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

الصوبات الذكية بالسعودية

وعملت شركة مزارع البحر الأحمر – وهي شركة سعودية عاملة في مجال التكنولوجيا الزراعية – على مواجهة هذه التحديات عبر استخدام تقنيات الزراعة باستخدام المياه المالحة.

وطورت الشركة في عام 2022 صوبة ذكية تستخدم المياه المالحة والطاقة الشمسية للحد من البصمة الكربونية لنمو المحاصيل في البيوت الزجاجية؛ حيث أنتج مارك تيستر الأستاذ بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، منتجات عضوية خالية من مبيدات الآفات، وتتحمل مستويات أعلى من المياه المالحة.

وبدوره صمم رايان ليفرز عالم الأبحاث بالجامعة ذاتها، طريقة لاستخدام المياه المالحة في أنظمة التبريد لتقليل الحاجة إلى عمليات التحلية، كما أن الأستاذة المساعدة دريا باران طورت زجاجاً للصوبات يحجب المزيد من الحرارة لكي تعمل أنظمة التبريد والمراوح بوقت تشغيل أقل، واستخدام أقل للطاقة.

وتدعم التقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة الصوبات الزراعية، والحفاظ على أنظمة عملها، لتحسين توفير الطاقة ونمو النباتات، إضافة إلى الاستعانة بالألواح الشمسية.

ولاحظ القائمون على تجربة التقنية أنها وفرت ما يقرب من 300 لتر من المياه العذبة لكل كيلوجرام من المنتجات المزروعة. وبفضل الألواح الشمسية والزجاج الذي يحجب الحرارة، تشهد العديد من البيوت الزجاجية انخفاضاً كبيراً في متطلبات الطاقة الناتجة عن التبريد.

وفي إطار تطبيق الأبحاث العلمية، قدمت جامعة الملك عبد الله، تمويلات بلغت قيمتها 4 ملايين دولار، لتجهيز صوبة البحث والتطوير بمساحة 2000 متر مربع داخل الحرم الجامعي.

وقال رايان ليفرز، عبر الموقع الرسمي للجامعة، إن مهمة الشركة هي تطوير مستقبل تقتصر فيه الطاقة المستخدمة في الصوب السعودية على الطاقة المستدامة، وتتراجع كميات المياه التي تتطلبها بفارق 95٪.

واستخدمت الشركة التقنيات في البداية لزراعة الطماطم وبيعها في السعودية، لكنها تخطط لبيع أنظمة زراعة كاملة جاهزة للمشترين في جميع أنحاء العالم.

الزراعات المائية بالإمارات

ويسود المناخ الصحراوي في 75٪ من المساحة الإجمالية لدولة الإمارات، كما تحتل المرتبة الثانية في مؤشر الإجهاد المائي بعد الكويت مباشرةً؛ ما يعني أن البلد الخليجي يحتاج إلى أكثر من 16 ضعفاً من موارد المياه العذبة المتجددة لتلبية الاحتياجات.

ودعمت وزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات، الزراعات المائية التي تتيح استخدام المياه الغنية بالمغذيات اللازمة لنمو النباتات بكميات قليلة من التربة أو بدونها.

وتهدف تلك الزراعات إلى توفير ما بين 70 و90٪ من المياه، ونحو 99٪ من مساحة الأرض المطلوبة للزراعة، وفق مركز المستقبل للأبحاث والتطوير.

من الأشكال البديلة الأخرى للزراعة التقليدية الزراعة باستخدام المياه المالحة؛ حيث زرع المركز الدولي للزراعة الملحية "إكبا"عدداً من المحاصيل مثل نبات الساليكورنيا، والفاصوليا البحرية، والفاصولياء البيضاء، ونبات الكينوا في التربة التي تسربت داخلها المياه المالحة، رغم ضعف شعبية هذه المحاصيل بدول الخليج، لكن تصديرها حقق استفادة كبيرة للبلاد.

في فبراير 2023، شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي افتتاح أكبر مزرعة عمودية داخلية مركزة البحث العلمي والتطوير في العالم.

والمزرعة العمودية تهدف إلى تطوير الزراعة البيئية المستدامة مع الخضوع للرقابة، ومواجهة تحديات سلاسل توريد المنتجات الزراعية على مستوى العالم.

كما طورت هيئة أبوظبي تطبيقاً إلكترونياً لتدريب المزارعين على أفضل الممارسات، وتزويد المستخدمين بأحدث المعلومات التقنية عن الزراعة غير التجارية، لتحسين جودة الإنتاج والمنتجات.

الابتكار الزراعي بقطر

وتمثل ندرة المياه ضغطاً كبيراً في دولة قطر؛ ولذلك حاولت إحدى الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا الزراعية تحويل الأمر إلى فرصة تجارية؛ إذ طورت تقنية تنتج مياه الشرب من الرطوبة في الهواء بما يصل إلى 5 آلاف لتر يوميا.

والعام الماضي، أبرمت الشركة اتفاقية مع مؤسسة استثمارية، لتوفير تقنيات مبتكرة للصناعة الزراعية في قطر؛ ما يتيح استخدام حلول الري العالية الجودة مع تقليل هدر المياه.

وكان للمزارع العمودية نصيب كبير من المشروعات التجارية؛ إذ استخدمت إحدى الشركات التكنولوجيا لبناء مزارع ذات كفاءة عالية باستخدام المياه في مواقع غير متوقعة حول العالم.

وهذا قبل أن توقع شراكة العام الماضي مع مؤسسة قطرية، لزراعة إمدادات على مدار العام من الخضر الورقية والفراولة والزهور الصالحة للأكل باستخدام تقنيات مستدامة.

وتجري عملية الزراعة من خلال الطاقة الشمسية والمياه المعاد تدويرها. وأوضح ماكس تشيزوف المؤسس المشارك ورئيس تطوير الأعمال في الشركة لموقع "Invest Qatar - Financial Times" أنه يتم استخدام مياه أقل بنسبة 90٪ ومساحات أقل من الأراضي بنسبة 99٪، إضافة إلى عدم استخدام المبيدات.