باختلاف طرق تكاثرها.. التغيرات المناخية تقتحم عالم الحشرات


إسراء محمد
السبت 07 أكتوبر 2023 | 07:10 مساءً

اقتحم تأثير التغيرات المناخية عالم الحشرات، لينذر بتغيير طرق تكاثرها وسلوكها، لا سيما بعد زيادة موسم النمو، وتسريع عملية التمثيل الغذائي للحشرات، على وقع ارتفاع درجات الحرارة.

ويقول مايكل روب عالم الحشرات والأستاذ الفخري في جامعة ميريلاند الأمريكية، إن التغير المناخي قد يعزز من تكاثر الحشرات بأنواعها المحلية والغازية، مشيراً إلى حدوث الأمر كذلك مع العديد من الكائنات الحية الأخرى التي تسارع معدل تكاثرها؛ حيث باتت تعيش لفترات أطول، وفق موقع "WTOP".

وأشار روب إلى التغير الذي طرأ على الفصول بالتزامن مع الاحتباس الحراري؛ إذ يبدأ الربيع في وقت مبكر للغاية، كما يتأخر قدوم الشتاء؛ ما يمنح أنواعاً مختلفة من الحشرات المزيد من الوقت للتكاثر؛ ما يؤدي إلى زيادة أعدادها.

على سبيل المثال، تتكاثر حشرتا العث الإسفنجي والخنفساء اليابانية مرة واحدة سنوياً، في الوقت الذي تتكاثر فيه الآفات الأخرى مثل البعوض وعث العنكبوت عدة مرات.

وأوضح روب أن زيادة موسم النمو يمنح الفرصة للحشرات التي تنتمي إلى فصيلة "المن"، و"المفصليات" لتتكاثر، خاصةً مع ارتفاع درجات الحرارة؛ ما يهدد بانتشار الحشرات في المنازل.

تهديد المحاصيل

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة كذلك إلى تسريع عملية التمثيل الغذائي للحشرات، ومع حرق المزيد من الطاقة، تحتاج إلى المزيد من الطعام؛ ما يسبب ارتفاع معدلات خسائر المحاصيل التي تهاجمها الحشرات، خاصة مع تطورها بشكل أسرع وتراجع معدلات نفوقها.

كما تشهد القارة الإفريقية غزوات محلية للآفات تدمر محاصيل مثل الذرة والأرز والقمح، ومن المتوقع أن تتفاقم مستقبلاً؛ إذ يتوقع الخبراء أن ترتفع خسائر المحاصيل الإفريقية المرتبطة بالآفات بنسبة تتراوح بين 10 و25٪ لكل درجة حرارة مئوية في السنوات المقبلة، بحسب موقع Science.

وتؤثر تغيرات أنماط هطول الأمطار كذلك على أعداد تلك الكائنات؛ فالإجهاد الناتج عن ارتفاع معدلات الجفاف يزيد من عدد الآفات والحشرات التي تأكل المحاصيل، في وقت يعتقد فيه معظم الخبراء أن النباتات التي تتعرض لضغط الجفاف، تنخفض لديها آليات الدفاع الكيميائي، فتصبح أكثر عرضةً للإصابة.

النمل الأبيض

ويعد النمل الأبيض من أشهر الحشرات وأكثرها انتشاراً في المنازل؛ إذ يعيش على المواد النباتية المتحللة، ويصل عدد أنواعه إلى نحو 3 آلاف نوع حول العالم، أشهرها الذي يتغذى على الأخشاب ويحصل منها على السليلوز والعناصر الغذائية اللازمة له.

وكشفت دراسة حديثة أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من نشاط النمل في عمليات تحليل الخشب بمعدل 7 مرات مقابل كل 10 درجات زيادة في درجات الحرارة، وفق دراسة نشرها موقع ResearchGate.

وينتشر النمل الأبيض سريعاً بفعل ارتفاع درجات الحرارة، ويؤدي كذلك إلى تفاقم الاحتباس الحراري؛ لأن النمل الأبيض يطلق غاز الميثان، كما يطلق الكربون خلال استهلاك الأخشاب الميتة التي تحتوي عليه.

وللتأكد من تأثير الظروف المناخية الدافئة على النمل الأبيض، قام أكثر من 100 باحث بوضع كتل من الخشب في 133 موقعاً في ست قارات مختلفة باستثناء القارة القطبية الجنوبية، لكي يستهلك البكتيريا والفطريات واالخشب الميت، ثم جرى قياس السرعة التي تؤكل بها الكتل الخشبية في أجواء مختلفة.

وتوصل الباحثون إلى أن المنطقة التي تظل درجة الحرارة فيها 30 درجة مئوية، يأكل النمل الأبيض الخشب فيها بمعدل أسرع سبع مرات من الأماكن التي تبلغ درجة الحرارة فيها 20 درجة مئوية، كما لاحظوا أن هذا النوع كان قادراً على البقاء في ظروف دافئة وجافة، على عكس الميكروبات التي تحتاج إلى الماء للنمو.

كما توقع الباحثون أن 12 من أصل 13 نوعاً من النمل الأبيض الأكثر غزواً في العالم، يمكن أن تزيد أعدادها بشكل كبير بحلول عام 2050. ويرجع ذلك إلى تغير درجات الحرارة الحالية لكوكب الأرض.

يقتل النمل الأبيض الأشجار الحية، ويسبب أضراراً اقتصادية جسيمة للمحاصيل المختلفة، مثل مزارع المانجو والكاكاو وجوز الهند.

كما تشكل أعداده الكبيرة تهديداً للبنية التحتية؛ لأنه قادر على حفر الأنفاق بحثاً عن طعامه، وسط توقعات بتزايد حجم أحد أكثر أنواع النمل الأبيض تدميراً في العالم، وهو "ماستوتيرميس داروينينسيس" بنسبة تصل إلى 85٪.