مخلفات الذهب الأبيض.. ثروة هائلة تبحث عن استدامة


سلمى عرفة
السبت 07 أكتوبر 2023 | 08:39 صباحاً

ومن الذهب الأبيض، صُنعت ملحمة امتدت فصولها نحو سبعة آلاف عام، ونُسجت صناعة تاريخ العالم منذ ثلاثة قرون، وكتبت فيه الأشعار والقصص والروايات، ليصبح أشهر زراعة عرفتها البشرية.

ورغم أن القطن – زراعةً وصناعةً – هي الأكثر نفوذاً على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، فإن مخلفاته من البذور والحطب ونفايات الملابس بعد الإنتاج باتت تهدد البيئة وتعرقل الاستدامة.

ووفق إحصائيات أممية، تمثل النساء الغالبية العظمى من مزارعي القطن حول العالم؛ إذ يتجاوز عددهن 32 مليون مزارعة، كما يبلغ عدد الأسر المستفيدة من قطاع القطن 100 مليون أسرة موزعين على عشرات البلدان.

في عام 2021، وصل حجم الإمدادات العالمية من القطن إلى ما يقرب من 250 مليون حزمة، وتخطى حجم السوق العالمية 38 مليار دولار، وسط توقعات بأن يزيد عن 46 مليار دولار في 2027.

وتحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للقطن، في 7 أكتوبر من كل عام، انطلاقاً من الإقناع بقدرة القطن المستدام على تغيير سبل العيش والبيئة.

وترصد "جرين بالعربي" محاولات تحويل إنتاج القطن إلى عملية أكثر ملاءمةً للمعايير البيئية من خلال الاستفادة من مخلفاته.

مخلفات القطن

وتنقسم مخلفات القطن إلى البذور، ثم الحطب الذي يتبقى بعد عمليات الحصاد، علاوة على نفايات الملابس التي يدخل في إنتاجها.

وفي دراسة للجنة الاستشارية الدولية للقطن، أوضحت الدكتورة أمل صابر المدير الأسبق لمعهد بحوث القطن بمصر، كيفية تحويل بذور القطن إلى مصدر لإنتاج الزيوت وعلف الماشية.

وعملت أمل صابر لسنوات طويلة على مشروعات الاستفادة من المخلفات الزراعية، وأشارت كذلك إلى المنتجات التي يمكن إنتاجها من حطب القطن مثل السماد العضوي، والأخشاب، ومشتقات مادة السليلوز.

ويمثل التعامل مع حطب القطن قضية شديدة الخطورة؛ حيث يؤدي إحراقه إلى إطلاق غازات سامة تلوث البيئة، وهو ما يجري في بعض المناطق التي يستخدمه سكانها في عمليات طهي الطعام.

هناك تجارب عالمية كذلك في محاولات الاستفادة من مخلفات القطن؛ ففي عام 2022، أعلن أحد المصانع الأسترالية نجاحه في استخدام مخلفات بذور القطن في تصنيع علف للمواشي، وزيت يمكن استخدامه في طهي الطعام، لكن الجزء الأبرز في الأمر هو القيام بذلك دون إنتاج المزيد من النفايات، وفق موقع ABC.

إعادة تدوير

وتتسبب عمليات تصنيع الملابس القطنية في نفايات يقدر حجمها بـ11 مليون طن متري سنوياً حول العالم، علاوة على الكميات الكبيرة من الملابس التي تصل في النهاية إلى مكبات النفايات؛ ولذلك من الضروري إعادة التدوير وتقليل البصمة الكربونية.

في دراسة نشرتها دورية "The International Journal of Life Cycle Assessment"، كشف الباحثون أن استخدام 1000 كيلوغرام من القطن المعاد تدويره يساهم في توفير 0.5 هكتار من الأراضي، ويحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بفارق يتخطى 6 آلاف كيلوغرام، وما يقرب من 3 آلاف من مياه الري.

ويعد أحد التحديات التي تواجه عمليات إعادة تدوير القطن هو محاولات فصله عن الخامات الأخرى التي يخلط بها مثل البوليستر، الذي يحتاج مئات السنين ليتحلل، وتقدر بصمته الكربونية بما يعادل 6.4 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون، أي قيادة سيارة لمسافة تتخطى 32 كيلومتراً، بحسب موقع CO2 Everything.

لكن هذا التحدي استطاع تجاوزه باحثو جامعة كوبنهاجن بالدنمارك؛ حيث ابتكروا طريقة يمكن من خلالها فصل مكونات القطن عن البوليستر من خلال طريقة جديدة عبر غمر تلك الأقمشة في مذيب "إيثلين جلايكول"، وملح كربونات الأمونيوم الذي يستخدم في عملية تخمير المخبوزات، ثم تسخين الخليط. وكانت النتيجة ظهور خيوط القطن منفصلة، وفق دورية ACS Sustainable Chemical Engineering