بمخاطر حقيقية، تواجه منظومة التعليم مصيراً غامضاً، جراء الآثار السلبية للتغيرات المناخية والظواهر الجوية المتطرفة.
ومؤخراً، شهدت ليبيا والمغرب زلزالاً وإعصاراً أثَّرا بشكل كبير على المنشآت التعليمية بالتزامن مع بدء العام الدراسي.
تضرر المغرب
وفي منطقة جبال الأطلس بالمملكة المغربية، ألحق الزلزال الذي اجتاح المنطقة أضراراً بـ6 منشآت تابعة لمؤسسة Education For All، وهي مؤسسة معنية بتعليم الفتيات.
وهذه المنشآت لم تكن مباني تقليدية، بل كانت نُزُلاً مخصصة لسكن الفتيات القادمات من مناطق ريفية تعاني من نقص المدارس.
بدورها، قالت سونيا عمر الرئيسة التنفيذية للمؤسسة "Education For All"، إن كافة المباني المخصصة لإقامة الطالبات باتت غير صالحة للسكن. ولم تحدد المؤسسة بعدُ الموعد الذي يمكن الانتهاء من تجديدها.
وأضافت سونيا في حديث إلى موقع NPR أن المؤسسة ساهمت في تعليم العديد من الفتيات اللواتي يعشن في مناطق معزولة، من خلال بناء أماكن إقامة لهن بالقرب من المدارس المحلية، وتقديم وجبات مجانية، وأجهزة حاسب آلي، لتُمكِّن المؤسسة العديد من الفتيات من الالتحاق بالجامعات، والحصول على درجات الماجستير والدكتوراه.
ورغم الجهود المغربية التي استمرت على مدى سنوات طويلة لتعزيز تعليم الإناث، فإن نسبة الفتيات الملتحقات بالمدارس ممن تتراوح أعمارهن بين 15 و17 عاماً في الريف، تقتصر على نحو 40% فحسب، وفق تقرير المندوبية السامية المغربية للتخطيط في 2021.
وبحسب الإحصائيات التي أعلنتها وزارة التعليم المغربية، ألحق الزلزال أضراراً بما يزيد عن 500 مدرسة، منها مدارس داخلية، في الوقت الذي قدرت فيه منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عدد الأطفال المتضررين من الزلزال بما لا يقل عن ١٠٠ ألف طفل.
معاناة ليبيا
أما إعصار دانيال الذي اجتاح الأراضي الليبية وقتل آلاف الأشخاص، فوقع بعد أيام قليلة من بدء العام الدراسي، ليحول عدداً من المنشآت التعليمية إلى أماكن لإيواء النازحين من مدينة درنة (شرقاً) التي تعد أكثر المدن الليبية تضرراً.
ومن جانبه، لفت رئيس جمعية التربويين الليبيين عبد الفتاح الفاضلي، إلى الآثار النفسية السلبية التي ستلحق بالطلاب الذين فقدوا عائلاتهم بالكامل، واحتمال إصابتهم بحالة الفراغ النفسي والعاطفي.
وقال الفاضلي، في تصريح لـ"جرين بالعربي": "نحاول التغلب على صعوبة اندماج الطلاب في العملية التعليمية مجدداً، من خلال تطبيق مفهوم التعليم الاستدراكي الذي يعمل على ربط ما جرى دراسته سابقاً بالدروس الجديدة؛ من أجل إعادة تنشيط الذاكرة، وهو ما جرى تطبيقه بالفعل من قبل".
وأضاف: "سيكون هناك تأثير لموجة الطقس المتطرف على الأنشطة المدرسية الخارجية مثل حصص التربية الرياضية، ولكن يمكن تعويض الأمر مؤقتاً من خلال الصالات المغطاة".
وبدأت ليبيا تطبق مشروع التعليم الاستدراكي بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" بهدف سد الفجوات التعليمية التي عانى منها الطلاب بسبب إغلاق المدارس في فترات سابقة، ومنها جائحة كورونا.
وفي المناطق التي اعتادت مواجهة الأعاصير، رصد الباحثون الآثار الطويلة المدى التي يتعرض لها الطلاب؛ إذ كشفت دراسة أمريكية أوردها موقع Science Direct أن الطلاب الذين يعيشون في المناطق الأكثر تضرراً من الأعاصير، أو التي لم تَعُد مدارسهم للعمل مجدداً بعد وقوع الإعصار، يواجهون خطراً أكبر لتراجع مستواهم الدراسي، وقد يصل الأمر إلى الانقطاع عن التعليم.