المنحدرون من أصل إفريقي.. معاناة تاريخية زادها التغير المناخي ألماً


سلمى عرفة
الاربعاء 30 اغسطس 2023 | 05:13 مساءً

بإرث ثقيل من الحقبة الاستعمارية، يعيش المنحدرون من أصل إفريقي معاناة مُركَّبة، من جراء عدة عوامل؛ يأتي أحدثها تغير المناخ.

ويعاني البشر على الأرض آثار انبعاثات الاحتباس الحراري الناتجة عن الأنشطة البشرية، لكن المفارقة أن الفئات الأقل إسهاماً هي الأكثر تضرراً.

وتُحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للمنحدرين من أصل إفريقي في 31 أغسطس من كل عام، لتسليط الضوء على المعاناة التي يواجهها الأفارقة على مختلف الأصعدة، لا سيما في أزمة تغير المناخ.

ندرة المياهتفاوت غير عادل

وتضم القارة السمراء 54 دولة تساهم بأقل من 4% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة، في الوقت الذي تساهم فيه مجموعة الثماني التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وكندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، بنحو 62% من الانبعاثات الكربونية، وفق البنك الدولي.

على الجانب الآخر، فإن القارة السمراء هي الأكثر مساهمةً في امتصاص ثاني أكسيد الكربون في العالم؛ بسبب حوض منطقة الكونغو، الذي يضم مساحات واسعة من الغابات الشجرية.

والتفاوت بين حجم الانبعاثات جعل القارة السمراء تتصدر قائمة المناطق التي تدفع ثمناً غالياً لأزمة لم تتسبَّب فيها؛ وذلك دون أن تملك إمكانات مواجهتها أيضاً.

على سبيل المثال، عندما اجتاحت الفيضانات ألمانيا في عام 2021، تمكنت الحكومة من تخصيص 30 مليار يورو من أجل إعادة إعمار المدن والبنية التحتية التي دمرتها الفيضانات، وهو أمر قد لا تتمكن دول أخرى من القيام به، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.

ويجتمع ضعف إجراءات التكيف مع اعتماد الاقتصاد في الدول الإفريقية على أنشطة ترتبط بشدة بحالة المناخ، مثل قطاع الأغذية الزراعية الذي يعتمد عليه 940 مليون إفريقي، وفق تقديرات منظمة الأغذية والزراعة "فاو".

تاريخ مؤلم واجهه الأفارقةوكشفت دراسة حديثة أجراها علماء مبادرة "World Weather Attribution" أن الجفاف المستمر الذي تعانيه منطقة القرن الإفريقي، ما كان ليحدث لولا التغيرات المناخية التي زادت احتماليته بفارق يزيد عن 100 مرة.

وعلى مدى 50 عاماً، وقعت ثلث الوفيات التي شهدها العالم من جراء موجات الطقس المتطرف على أراضي القارة السمراء؛ ففي عام 2010 وحده، أدت الفيضانات التي اجتاحت الصومال إلى مصرع ما يزيد عن 20 ألف شخص.

واعتبر برنامج الأغذية العالمي أن جنوب السودان ومدغشقر والصومال والسودان وتشاد، تأتي في صدارة الدول الأكثر تضرراً من التغير المناخي بالعالم.

معاناة مركبة

ومن المتوقع أن يعاني ما يقرب من 230 مليون إفريقي بحلول عام 2025 من ندرة المياه، كما سيعيش ما يصل إلى 460 مليون إفريقي في مناطق تعاني من الإجهاد المائي، وبحلول عام 2050، سيجبر التغير المناخي 86 مليون إفريقي على النزوح داخل بلادهم، وفق تقديرات البنك الدولي.

بدوره أشار كيسويندسيدا جيجما أحد العلماء في مركز المناخ التابع للهلال والصليب الأحمر، في تصريح لموقع "Carbon Brief"، إلى محدودية الاهتمام بقضية الحرارة المتطرفة من الجانب البحثي، لا سيما فيما يخص إدارة المخاطر في منطقة الساحل وغرب إفريقيا.

التغير المناخي والنزوح

 خارج القارة السمراء

وبين أشخاص تنحدر أصولهم من ضحايا العبودية الذين اقتيدوا رغماً عنهم خارج أراضيهم، أو مهاجرين غادروا بلادهم أملاً في حياة أفضل؛ غالباً ما يعيش المنحدرون من أصل إفريقي في مناطق تعاني من نسب أعلى من التلوث، وبنية تحتية أقل جودةً، كما تتراجع إمكاناتهم أمام موجات الطقس المتطرف.

في عام 2005، عندما ضرب إعصار كاترينا الولايات المتحدة الأمريكية، كانت المناطق التي يسكنها السود هي الأكثر تضرراً، وبعد ذلك بـ12 عاماً وقع الأمر نفسه في مدينة هيوستن عندما ضربها إعصار هارفي.

كما أن المعاناة من تراجع الدخل، غالباً ما تقلل فرص ذوي البشرة السوداء في النجاة، سواء بالتحرك إلى مكان آخر، أو إعادة إعمار ما دمرته الكارثة التي حلَّت بهم.

في 2021، بلغت نسبة السود الذين يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة 19.5%، لتحتل المركز الثاني في الفئات الأكثر معاناةً بعد السكان الأصليين، وفقاً لإحصائيات Statista.

تاريخ مؤلم واجهه الأفارقةوعادةً ما يسكن ذوو الأصول الإفريقية في مناطق يكسوها عدد أقل من الأشجار والمساحات الخضراء. ووفق دراسة أجراها مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني مع المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في الولايات المتحدة، ترتفع درجة حرارة الأحياء ذات الغالبية السوداء بفارق 0.28 مقارنةً بمتوسط المدينة.

فيما كشفت دراسة أخرى أجراها فريق من الباحثين البريطانيين والأمريكيين، أن المناطق التي تضم النسب الأعلى من ذوي الأصول الإفريقية في الولايات المتحدة، تواجه خطراً أكبر من اجتياح الفيضانات بفارق الضعف، مقارنةً بالمناطق التي تحتل المراكز العشرين الأخيرة في نسبة السود، وفق دورية Nature Climate Change.