الطحالب الضارة.. عندما يصبح اللون الأخضر عدواً للبيئة


فيروز ياسر
الاربعاء 15 مارس 2023 | 07:48 مساءً
الطحالب السامة عندما تغزو الشواطئ تفسد البيئة البحرية - مشاع إبداعي
الطحالب السامة عندما تغزو الشواطئ تفسد البيئة البحرية - مشاع إبداعي

إن كنت ممن شاهدوا موجات البحر أو البحيرات باللون الأخضر الغامق، فاحذر من السباحة أو حتى لمس المياه في هذه الأثناء، فربما تكون تلك ظاهرة الطحالب الضارة التي تعد إحدى تبعات التغيرات المناخية.

مستويات التلوث الكبيرة التي أثرت بدورها على التغيرات المناخية وصحة الإنسان، لها يد فيما يحدث داخل النظام البيئي البحري، فهل سمعت من قبل عن تكاثر الطحالب الضارة؟

إنها ليست ظاهرة عادية تمر مرور الكرام بل تهدد حياة الكائنات البحرية والإنسان وحتى الحيوان، فما سبب تكرار ظهورها خلال الفترة الأخيرة ؟

سر تكاثر الطحالب الضارة بالبحيرات

هذه الظاهرة تحدث عندما تنمو أنواع معينة من الطحالب بسرعة كبيرة بسبب المغذيات المتوافرة في الماء كالنيتروجين والفسفور الصناعي المنجرفين من حقول المزارعين بعد الأمطار فتصبح الطحالب سامة.

على الرغم من وجود هذه البكتيريا بشكل طبيعي في المياه العذبة، لكنها قد تصبح خطرة عندما تستفحل مستعمراتها بسرعة وتطغى على النظام البيئي.

ازدهار الطحالب السامة بأعداد كبيرة جرس إنذار للتغيرات المناخية، حيث يرتبط نموها الهائل بارتفاع درجات الحرارة وزيادة التلوث، وذلك حسبما ذكر موقع "climate central".

تصيب الطحالب البشر بردود الفعل التحسسية، واضطراب الجهاز الهضمي، وتهيج العين، إلى جانب ضيق التنفس، وأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا

تأثير خطير للطحالب على البشر

تكمن خطورة الطحالب السامة في تكاثرها بالقرب من الأنهار ومناطق "الدلتا المائية"، فالاتصال المباشر مع البكتيريا الزرقاء عند السباحة أو صيد الأسماك، أو وصولها إلى مياه الشرب ودخولها لجسم الإنسان من خلال تناول الأسماك والمحار جميعها يسبب أمراضا حادة.

تصيب الطحالب البشر بردود الفعل التحسسية، واضطراب الجهاز الهضمي، وتهُيج العين، إلى جانب ضيق التنفس، وأعراض تشبه أعراض عدوى الإنفلونزا، كما يمكن أن تشمل الآثار الصحية طويلة المدى الناتجة عن تناول السموم الزرقاء تلف الكبد.

نشاط مفاجئ للطحالب بدول غير ساحلية

التقارير التي أعدتها منظمة البحيرات العظمى بالولايات المتحدة وكندا كشفت عن تفشي الطحالب في الدولتين خلال الثمانينيات وبعدد أكبر خلال التسعينيات، لكن بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت تقارير عن تكاثر الطحالب الضارة تظهر فجأة في دول غير ساحلية لم يكن من المحتمل إصابتها.

في عام 2021 أصدرت المنظمة ما يقرب من 1700 تحذير متعلق بالصحة العامة في الولايات المتحدة وحدها بسبب تكاثر الطحالب السامة واعتبارها مشكلة بيئية خطيرة، وذلك حسبما ذكر موقع "بي بي سي" البريطاني.

الطحالب الضارة ليست مشكلة أمريكية فقط بل تهديد للأمن المائي العالمي، حيث قال باحث في مركز علم البيئة والمياه، إن زيادة درجات الحرارة والأمطار الشديدة بعد جفاف طويل يضخان المزيد من مياه الصرف الصحي والأسمدة في المياه الدافئة مما يؤثر على الكائنات البحرية الأخرى التي تعتبر أمناً غذائياً للعديد من الدول.

أدى انتشار الطحالب الضارة إلى انجراف حوالي 500 طن من سرطان البحر الصخري على الساحل الغربي من خليج "إيلاندز" في جنوب إفريقيا خلال فبراير العام الماضي، مما تسبب في خسارتها.

كارثة بيئية بالمملكة المتحدة

أكبر بحيرة في انجلترا وهي "ويندرمير" تحولت مياهها إلى اللون الأخضر المائل للزرقة بعدما ارتفع متوسط درجة الحرارة السنوية لها بمقدار 1.7 درجة مئوية في الخمسين سنة الماضية، حيث شهدت في أغسطس 2022 ذروة تكاثر الطحالب.

ومثّلت هذه الطحالب تهديدا خطيرا للأشخاص الذين سبحوا في هذه البحيرة، حيث تلقت السلطات بلاغاً عن واقعة لفتاة عانت من القيء والإسهال والطفح الجلدي بعد السباحة في الماء والتعرض للطحالب.

ووجد تقرير لـ"بي بي سي" أن شركات المياه السبع الرئيسية في إنجلترا وويلز تُلقي بمياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار والبحر أكثر من 3000 مرة بين عامي 2017 و2021، مما أدى إلى تراكم الفسفور في رواسب البحيرات وتكاثر الطحالب الضارة.

تبديد الأكسجين

تكاثر الطحالب الضارة يُنتج سموما تقتل الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، حتى وإن لم تكن سامة فإنها تضر بالحياة المائية عن طريق حجب أشعة الشمس وانسداد خياشيم الأسماك، بالإضافة إلى إنشاء ما يُسمى بـ"المناطق الميتة" التي يقل بها الأكسجين أو ينعدم، ما يقلص فرص الحياة بها.

معالجة المياه من الطحالب الضارة لوصولها إلى البشر بسلاسة دون مشكلات لها تكلفة عالية، وخلال الوقائع التي تضرر فيها مستخدمو المياه، أُجبرت شركات المياه على إعفائهم من دفع الفواتير

علاقة الطحالب الضارة بتدهور الاقتصاد

تكبدت المزارع السمكية الأمريكية خسائر هائلة بعد نفوق الأسماك على نطاق واسع نتيجة لانتشار نمو الطحالب السامة، كما قدرت دراسة أجريت في عام 2011 ونشرها موقع جمعية "lgsonic"، المتخصصة في سلامة المسطحات البيئية ولديها فروع بالولايات المتحدة والبرازيل وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، الخسائر الاقتصادية لصناعة الأسماك بـ 900 مليون دولار فقط في الولايات المتحدة فقط.

معالجة المياه من الطحالب الضارة لوصولها إلى البشر بسلاسة دون مشكلات لها تكلفة عالية، وخلال الوقائع التي تضرر فيها مستخدمو المياه، أُجبرت شركات المياه على إعفائهم من دفع الفواتير؛ مما يمثل خسارة مباشرة قدرها 4 ملايين دولار أمريكي، وذلك حسبما ذكر الموقع.

إدارة مخاطر الطحالب

التغيرات المناخية تجعل مواجهة الطحالب الضارة أكثر تعقيدا، ولكن يمكن تخفيف المخاطر من خلال تقليل انبعاثات الكربون بجهود عالمية، فهذا بدوره يخفض نسبة الاحترار ويحد من الأمطار على المدى الطويل.

بالنسبة لخطوة قد تؤتي ثمارها أسرع، فهي تتطلب تقليل تلوث المغذيات داخل البحيرات أثناء هطول الأمطار، ويمكن ذلك من خلال استخدام مبيدات الطحالب لتخفيف المخاطر على صحة الإنسان والبيئة.