سلوكيات بيئية شديدة السوء والضرر، يفعلها الكبار ويقع في أضرارها الصغار؛ فأطفالنا لم يسلموا من أفعالنا المؤلمة للمناخ؛ فماذا ستفعل لو علمنا أنه بسبب التغيرات المناخية سيشعر الأطفال، ومن بينهم الرضع، بالأرق؟
واقع مؤلم كشفته دراسة جديدة بعد أن حذرت من فقدان الأطفال القدرة على النوم، ومعاناتهم من أحلام سيئة بشأن تغير المناخ؛ فقد شملت الدراسة الاستقصائية المشار إليها 2000 طفل تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عاماً.
عند سؤال هؤلاء الأطفال عن مستقبلهم، قال ما يقرب من ثلاثة من كل خمسة أطفال (58%) إنهم قلقون بشأن تأثير تغير المناخ على حياتهم؛ حيث اعترف الكثيرون بأن هذه المخاوف غالباً ما تظهر بطرق غير عادية، وفقاً لبي بي سي نيوزراوند.
20% أيضاً من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع قالوا إن القلق من تغير المناخ أثَّر على عادات نومهم وتناولهم الطعام، أو منحهم حلماً سيئاً أخذوا وقتاً حتى يتمكنوا من النوم.
أين المشكلة؟
السبب الرئيسي الذي يقف خلف تغير المناخ هو الأنشطة البشرية، مثل قيادة السيارات، وتوليد الكهرباء، وقطع الغابات وليس التغيرات الطبيعية. هذه الأنشطة البشرية تطلق غازات في الغلاف الجوي تسمى غازات الاحتباس الحراري، وهي الغازات التي تعمل ببطء على تسخين الكوكب؛ ما يؤدي إلى تغير المناخ.
تغير المناخ بدوره يؤثر علينا جميعاً؛ فمع ارتفاع درجة حرارة الأرض، تزداد قسوة الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها، على غرار العواصف الشديدة، والأمطار الغزيرة التي تسبب فيضانات، كما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة القياسية إلى حدوث موجات الجفاف وحرائق الغابات.
عندما تنخفض درجة حرارة الجسم الأساسية مع حلول المساء يساعد هذا الأمر على النوم لكن يمكن للتغيرات الشديدة في درجة الحرارة إما أن تؤدي إلى تجزئة النوم وإما إلى تقليله
غالباً ما يقلق الأطفال بشأن أشياء مختلفة كثيراً عما يفعله آباؤهم، لعل أحد أكثرها خطورةً هو تغير المناخ؛ إذ يمكن للأطفال والشباب الذين يعانون من هذا الأثر إدراك أنه ليس لديهم مستقبل أو أن الإنسانية محكوم عليها بالفناء.
قلة النوم تؤدي بدورها إلى ضعف المناعة، ومن ثم تؤدي إلى بيئة مليئة بأمراض جديدة ومختلفة؛ فهؤلاء الأطفال الصغار والرضع مُعرَّضون بشكل خاص للموت وللأمراض المرتبطة بالحرارة؛ لأن أجسامهم أقل قدرةً على التكيف مع الحرارة.
الأكثر قراءة
دورة النوم
عندما تنخفض درجة حرارة الجسم الأساسية مع حلول المساء يساعد هذا الأمر على النوم، لكن يمكن للتغيرات الشديدة في درجة الحرارة إما أن تؤدي إلى تجزئة النوم وإما إلى تقليله؛ فدرجة حرارة الغرفة المثالية للنوم هي (نحو 68 درجة فهرنهايت) وفقاً للأكاديمية الأمريكية لطب النوم.
تغير المناخ هو أكبر تهديد صحي يواجه البشرية؛ فآثار المناخ تضر بالصحة بالفعل من خلال تلوث الهواء والأمراض والظواهر الجوية القاسية والتهجير القسري والضغوط على الصحة العقلية، وزيادة الجوع وسوء التغذية في الأماكن التي لا يستطيع الناس فيها النمو أو العثور على غذاء كافٍ، وكل هذه المعطيات تخلق صغاراً بلا نوم وجهازاً عصبياً مشتتاً.
من بين الكوارث التي تحاصر الأطفال أيضاً، ربط درجات الحرارة المرتفعة بالولادة المبكرة، التي يمكن أن يكون لها آثار صحية مدى الحياة، وزيادة دخول الأطفال الصغار إلى المستشفيات.
ويمكن أن يؤثر تغير المناخ سلباً على العيوب الخلقية، ويؤدي إلى تفاقمها، كما يمكن أن تكون هذه المضاعفات قاتلة، وغالباً ما تقوض صحة المرأة أيضاً. وخلال العقود الأخيرة، كان تغير المناخ وآثاره الصحية تحدياً كبيراً للصحة العامة.
محرومون من "السلطان"
يوصف النوم دائماً بأنه "سلطان"، لكن الكوارث الطبيعية تحرم الأطفال من هذا السلطان، فيتعرض ما يقرب من 160 مليون طفل لموجات جفاف شديدة وطويلة الأمد.
والأطفال أقل قدرة على النجاة من الأحداث المناخية القاسية، وهم أكثر عرضةً للمواد الكيميائية السامة وتغيرات درجات الحرارة والأمراض. وتُعَد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر مناطق العالم ضعفاً عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ.
90٪ من الأمراض الناتجة عن أزمة المناخ يحتمل أن تصيب الأطفال دون سن الخامسة بحلول عام 2050 ويتوقع معاناة 24 مليون طفل آخر من نقص التغذية
ويؤدي فقدان النوم الناجم عن الإجهاد إلى بدء حلقة مفرغة. ووفقاً لبحث من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، يمكن أن تؤدي ليلة واحدة فقط من قلة النوم بسبب الإجهاد إلى زيادة بنسبة 30٪ من التوتر.
ويعاني الأطفال أيضاً من آثار على الصحة العقلية من العواصف الشديدة والحرائق والأحداث المتطرفة الأخرى التي من المتوقع أن تزداد مع تغير المناخ، علاوة على تعطيل دورة التعليم في المدارس لنحو 38 مليون طفل كل عام بسبب أزمة المناخ.
90٪ من الأمراض الناتجة عن أزمة المناخ من المحتمل أن تصيب الأطفال دون سن الخامسة بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن يعاني 24 مليون طفل آخر من نقص التغذية نتيجةً لأزمة المناخ.