تطرف المناخ يهدد الغناء.. هل يودع البشر الطرب في المستقبل؟


محمد رمضان
الخميس 22 يونية 2023 | 01:21 مساءً
تتحرك الأصوات بشكل أبطأ في الهواء البارد وأسرع في الدافئ
تتحرك الأصوات بشكل أبطأ في الهواء البارد وأسرع في الدافئ

لسنوات طويلة ظل الافتراض السائد في علم اللغة أن الأنظمة الصوتية محصنة ضد التأثيرات البيئية، لكن دراسات حديثة شككت في هذه القناعة، وقدمت أدلة على وجود علاقة متبادلة بين جوانب علم الأصوات "الصوتيات" والعوامل المناخية والجغرافية مثل درجة الحرارة أو الغطاء النباتي أو التضاريس.

استنادًا إلى دراسة استقصائية عمرها ثمان سنوات تتعلق ببيانات علم الحنجرة، نشرتها مكتبة الطب الوطنية بالولايات المتحدة، تبين أن أنظمة الصوت البشرية تتأثر بالمتغيرات البيئية، وبشكل أكثر عمقاً فإن اضطرابات النطق مرتبطة بالهواء المحيط الجاف.

وتعتمد العديد من لغات العالم في الأساس على نغمة صوتية، إذ تستخدم طبقة الصوت في أوقات كثيرة لمقارنة المعنى المُعجمي، وتشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من نصف لغات العالم نغمية ، وبالطبع تتطلب جميع اللغات المنطوقة تعديل التردد الأساسي لغرض ما، ويتزايد هذا الأمر مع اللغات ذات النغمات المعقدة وترتبط بالبيئات شديدة الجفاف، مثل صحراء "أتاكاما" في تشيلي والصحراء العربية والأسترالية.

تشويه الصوت

مجموعة "كاما" لتصنيع الأجهزة المسموعة والمرئية، قدمت دليلاً على ارتباط الصوت بالطقس فمع اقتراب الربيع والصيف، تتزايد الأيام الدافئة وتلعب درجات الحرارة ومستويات الرطوبة في الهواء دوراً في كيفية انتقال الأصوات من حيث اتجاهها وسرعتها.

ببساطة تتحرك الأصوات بشكل أبطأ في الهواء البارد وأسرع في الهواء الدافئ، وعلى سبيل المثال عندما تكون درجة الحرارة الخارجية 45 درجة مئوية، ينتقل الصوت بسرعة حوالي 358 متراً في الثانية، بينما عند 21 درجة مئوية، ينخفض ذلك إلى حوالي 343.6 مترًا في الثانية، ومع -1 درجة مئوية، سينتقل الصوت فقط حوالي 330.4 مترًا في الثانية، هذا الأمر يتعلق بالأصوات المرتفعة كآلات التنبيه وتمتد إلى الموسيقى والغناء.

تتحرك الأصوات بشكل أبطأ في الهواء البارد وأسرع في الدافئ، وعلى سبيل المثال عندما تكون درجة الحرارة الخارجية 45 درجة مئوية، ينتقل الصوت بسرعة حوالي 358 مترًا في الثانية، وفي 21 درجة ينخفض إلى 343.6 مترًا في الثانية

كما تقف الرياح خلف انحناء الموجات الصوتية، أكثر من تسريعها أو إبطائها، أو إضعافها أو تضخيمها، فتأثير الريح على الصوت يرتبط بتشويهه بشكل مباشر، وفي المناطق التي تهب فيها الرياح والعواصف بشدة يمكن أن تكون الأصوات الصادرة باهتة أو حتى غير واضحة تمامًا.

ما علاقة المطربين؟

الصوت هو أعز ما يملك مطربو العالم وفي القلب منهم الوطن العربي، والغناء والموسيقى من أبرز المعالم في المنطقة المتأثرة بالأساس بالتغيرات المناخية ومعها فإن حفلاتهم في المناطق المفتوحة على سبيل المثال ستتأثر مستقبلاً وسيزداد مجهودهم في الحفاظ على نفس مستواهم الغنائي بمرور السنوات.

من هنا تزايد الاهتمام بالصحة الصوتية للقطاعات التي ترتبط بالغناء والموسيقى، خاصة خلال فصل الصيف والفصول الأكثر دفئاً كشرب الكثير من السوائل، وخاصة الماء، للحفاظ على تليين الحبال الصوتية، مع أهمية تجنب الكحوليات والكافيين لأنها قد تؤدي إلى الجفاف.

غالبًا ما يعني الطقس الحار التعرق ومزيد من الوقت بالخارج لذلك يحتاج كل مغني البقاء رطبًا، فالحبال الصوتية مصنوعة من نفس المواد اللينة والرطبة الموجودة داخل الخد، وعندما لا يحصل على كمية كافية من الماء، تصبح أكثر هشاشة وعرضة للتلف

ففي الصيف حيث موسم العشب الأخضر والشمس الحارقة وحفلات المسبح والشواء تصبح جميعها الوقت المفضل في العام للحفلات الغنائية لكن تتزايد النصائح بضرورة الاحتراس من المخاطر الخاصة التي يجلبها الطقس الأكثر دفئاً، بينما الستاء يتزايد فيه انعدام الرطوبة والإنفلونزا وهما ليسا ممتعين.

وغالبًا ما يعني الطقس الحار التعرق ومزيد من الوقت بالخارج، لذلك يحتاج كل مغني البقاء رطبًا، فالحبال الصوتية مصنوعة من نفس المواد اللينة والرطبة الموجودة داخل الخد، وعندما لا يحصل على كمية كافية من الماء، تصبح أكثر هشاشة وعرضة للتلف.

وفي المناطق الأكثر عرضة لحرائق الغابات يصبح الدخان هو العدو الأول للمطربين أو المغنيين لكونه يسبب السعال والصفير وتراكم المخاط، ومن هنا تتزايد فرص تهديد المطربين بفقدان أصواتهم مع الاحتباس الحراري، حيث يؤدي الطقس الأكثر دفئاً إلى مشاكل في الجهاز التنفسي أو ما يعرف بـ«الشلل الحنجري».

ويزيد امتصاص الصوت مع زيادة درجة الحرارة للأصوات ذات التردد المنخفض، مثل تلك التي تنتجها الأصوات البشرية، ونظراً للتغيرات في درجة الحرارة من المتوقع أن تتواصل التغييرات في امتصاص الصوت صغيرة، كما أن هطول الأمطار الذي ازداد أيضاً بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة في بعض أجزاء العالم، يمكن أن يؤثر على انتشار الصوت وبالتالي على توقيت الغناء.