يأتي تناول القهوة صباحاً ضمن العادات الروتينية لدى الكثيرين، لزيادة التركيز واليقظة وتحفيز الجهاز العصبي، إذ يعد البن بين أكثر المشروبات شعبية لدى البشر الذين يستهلكون ملياري كوب يومياً.
مؤخراً بدأ يظهر منافساً جديداً للقهوة وهو مشروب الماتشا، ذلك المسحوق الأخضر القادم من اليابان، والذي حقق شهرة سريعة خاصة وسط الشباب والمهتمين بالحياة الصحية؛ فما هو الأثر البيئي لمسحوق الماتشا وهل هو أكثر استدامة من حبوب القهوة؟
تاريخ الماتشا وفوائدها الصحية
الماتشا هو نوع من الشاي الأخضر، لكنه يختلف من حيث طريقة النمو والمعالجة والتركيز عن الأنواع التقليدية، وتعود جذوره الى احتفالات الشاي باليابان منذ حوالي ألف عام.
الماتشا تمنح الإنسان الطاقة دون الإفراط في الكافيين ومحتوى السكر، لأنها تحتوي على كمية أقل من الكافيين مقارنة بالقهوة، ولكن الكافيين في الماتشا يمتص ببطء، مما يجعل الطاقة تدوم لفترة أطول دون الشعور بالتوتر والقلق أو الإحساس بالحموضة واضطرابات المعدة، وتسارع ضربات القلب، وكلها آثار جانبية ترتبط بالقهوة.
وباعتبار الماتشا نوع من الشاي الأخضر فهي تتمتع أيضاً بمزايا تتعلق بتقوية المناعة، ومضادات الأكسدة وتخليص الجسم من السموم وإنقاص الوزن والشعور بالهدوء؛ لذلك تعتبر الماتشا جزء من نمط غذائي صحي
الأثر البيئي والاستدامة
تعد القهوة من بين السلع الأكثر تداولاً في العالم لكنها من المحاصيل الأكثر تضرراً بالتغير المناخي؛ وتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) انخفاض متوسط الإنتاج العالمي بسبب الاحتباس الحراري بحلول عام 2050
ومع السعي لزيادة الإنتاج والتوسع في زراعة البن سوف يزيد خطر إزالة الغابات، واستنزاف التربة، وتلوث المياه، وفقدان التنوع البيولوجي.
ومع استمرار التغير المناخي سوف يواجه مزارعو البن تحديات أكبر في مكافحة الآفات والأمراض، مما قد يزيد من استخدام المبيدات وارتفاع تكاليف حماية محاصيل البن مع انخفاض الجودة.
بالإضافة إلى أن إنتاج القهوة يتطلب كميات كبيرة من المياه والأسمدة، مما يزيد من تلوث المجاري المائية.
وعلاوة على ذلك، فإن مراحل معالجة القهوة، مثل التحميص والطحن، تستهلك الكثير من الطاقة وينتج عنها بعض النفايات؛ وحتى تحضير القهوة يعتمد على الاجهزة والمرشحات والأكواب البلاستيكية والكبسولات المستخدمة.
وبينما تشكل القهوة تحديات بيئية كبيرة؛ فإن الماتشا تملك بصمة كربونية أقل، لأن إنتاجها يستخدم كمية مياه منخفضة، ويولد انبعاثات كربونية أقل بنسبة كبيرة مقارنة مع القهوة.
ومن ناحية أخرى، يتميز شاي الماتشا بموسم حصاد أقصر وإنتاج كميات معتدلة، كما يتم قطف أوراق الشاي يدويًا بدلاً من استخدام الآلات، مما يعني انخفاض استهلاك الموارد الطبيعية أثناء الزراعة، وتقليل استهلاك الكهرباء بشكل كبير في موسم الحصاد
ويعتبر الماتشا محصولًا مستدامًا إلى حد كبير؛ لأنه لا يسبب الكثير من الأضرار للتربة أو المسطحات المائية او التنوع البيولوجي أو الهواء عند زراعته؛ وأثناء عملية الإنتاج يتم استخدم الورقة بأكملها فلا ينتج عنها أي نفايات.
يمكن القول أن الماتشا لا يمثل إضافة مختلفة وغنية بمضادات الأكسدة إلى روتينك اليومي فحسب، بل إنه أكثر صداقة للبيئة من فنجان القهوة المعتاد، ولن تحتاج سوى ملعقة صغيرة من مسحوق الماتشا وأقل من 250 مل من الماء الساخن لتحضير مشروب برغوة مثالية غنية باللون الأخضر المستدام
