عجائب التغير المناخي.. التلوث "مفيد" أحيانا واحترار أوروبا أسوأ من إفريقيا


فيروز ياسر
الخميس 16 مارس 2023 | 04:04 مساءً
تلوث الهواء بالهند يحميها من الاحترار - مشاع إبداعي
تلوث الهواء بالهند يحميها من الاحترار - مشاع إبداعي

يبدو أن أزمة التغير المناخي ما زال في جعبتها الكثير للبشر، فالتقلبات البيئة لا تتوقف عند مجرد الاحترار واختلاف طبيعة الفصول، بل إن هناك المزيد من العجائب المناخية والبيئية التي تتكشف مع استمرار تفاقم الأزمة.

هل يخطر في بالك أن الملوثات التي يحاربها العالم للحد من الاحتباس الحراري والسيطرة على متوسط ارتفاع درجة حرارة الكوكب ربما لها دور في تقليل وتيرة الاحترار؟.. خلال السطور القادمة ستقرأ معلومات مدهشة توصل إليها الباحثون في المناخ والعلماء.

تلوث الهواء يحمي الهند!

رغم أن الهند من الدول المكتظة بالسكان إلا أن ارتفاع درجات الحرارة فيها بطيئا وهذا يرجع إلى تلوث الهواء ووجود منتج ثانوي من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فهل تصدق ذلك ؟

أوضح زيك هاوسفاذر، عالم مناخ ومدير قسم "المناخ والطاقة" في "معهد بريكثرو" في كاليفورنيا، في تصريح لصحفية "واشنطن بوست" أن الهباء الجوي أو الجزيئات الدقيقة العالقة في الهواء لها تأثير تبريد بشكل عام؛ لأنها تحجب أشعة الشمس ويمكن أن تحفز تكوين السحب، كما أن الملوثات مثل "ثاني أكسيد الكبريت" التي تنطلق عند احتراق الوقود المحتوي على الكبريت مثل الفحم أو الزيت أو الديزل فعالة بشكل خاص في تبريد المناطق المحلية، وهذا عكس قدرة ثاني أكسيد الكربون الذي لا ينتشر بعيدا على حد قوله.

الهند تعاني من أسوأ ضباب دخاني في العالم، وصنفت شركة "IQAir" السويسرية المتخصصة في جودة الهواء، نيودلهي بأنها العاصمة الأكثر تلوثًا في عام 2021.

وصل الضباب إلى مستويات عالية خلال الشهور الماضية، وهذا لا يعني أن الدولة لا تعاني من الحرارة الشديدة، فالرطوبة الاستوائية وظروف الطقس بالهند تساهم في الإحساس بالحرارة.

شهدت الهند زيادة في درجات الحرارة تقل عن نصف درجة مئوية مقارنة بمتوسط درجات الحرارة بين عاميّ 1951-1980 ، أي أقل من نصف المتوسط العالمي.

أوروبا من بين القارات الأسرع في وتيرة ارتفاع درجات الحرارة، حيث تسببت حرارة الصيف الشديدة في مقتل الآلاف خلال السنوات الأخيرة

الحر في القطب الشمالي "أسوأ" من إفريقيا

الوتيرة السريعة لارتفاع درجات الحرارة تُنذر بالخطر، فالجليد البحري بالقطب الشمالي يختفي بسرعة؛ مما يقلل من المنطقة الجليدية التي يمكن أن تعكس ضوء الشمس مرة أخرى إلى الفضاء بدلا من امتصاصها، كما أن الاحترار أسرع 4 مرات من أي مكان آخر على كوكب الأرض.

قد تعتقد أن إفريقيا أكثر قارة تواجه الاحترار السريع، لكن المنظمة العالمية للأرصاد القوية أشارت إلى أن أوروبا من القارات الأسرع في وتيرة ارتفاع درجات الحرارة، حيث تسببت حرارة الصيف الشديدة في مقتل الآلاف خلال السنوات الأخيرة.

الغريب في الاحتباس الحراري العالمي أن أجزاء من كوكب الأرض ترتفع حرارتها أبطأ من غيرها، ويرجع ذلك أساسًا إلى عوامل من صنع الإنسان كتلوث الهواء وثقب الأوزون وذوبان الجليد.

علاقة غريبة بين ثقب الأوزون وإبطاء الاحترار

تؤدي طبقة الأوزون المستنفدة إلى إبطاء الاحترار في القطب الجنوبي، لكن الغريب أن الجزء الغربي للقارة الجنوبية من أسرع الأماكن ارتفاعًا في درجة حرارة الأرض، أما الجزء الشرقي كان أبطأ في ارتفاع درجات الحرارة، وبناء على ذلك يعتقد العلماء أن أحد الأسباب هو "ثقب" الأوزون ، حيث إن الترقق في طبقة الغلاف الجوي يعمل كدرع لأشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة.

روبرت رودي، كبير العلماء في بيركلي إيرث، وهي مؤسسة لتحليل بيانات درجة حرارة الأرض، قال إن ثقب الأوزون يغير دوران الرياح عالية المستوى الموجهة للطقس بطريقة تجعل من الصعب على الهواء القطبي البارد الهروب، بل إن أجزاء من شرق القارة القطبية الجنوبية أصبح أكثر برودة بشكل طفيف.

التضاريس الجبلية واحترار القطب الجنوبي

التضاريس الجبلية بالقارة القطبية الجنوبية لها دور في بطء ارتفاع درجة الحرارة مقارنة بالقطب الشمالي، حيث قال زيك هاوسفاذر، رئيس أبحاث المناخ في شركة Stripe المالية الأمريكية، إنه عندما يزيد متوسط ارتفاع القارة عن 2100 متر فوق مستوى سطح البحر فهذا يعني المزيد من تغطية الثلج والجليد مما يرفع من القدرة على عكس الكثير من أشعة الشمس ومنع القارة من امتصاص أكبر قدر من الإشعاع الشمسي الذي يرفع درجات الحرارة.

وجدت إحدى الدراسات التي نشرها موقع " phys" أنه إذا كانت القارة القطبية الجنوبية " أنتاركتيكا" مسطحة مثل القطب الشمالي، فسوف ترتفع درجة حرارتها بسرعة أكبر، كما تشير النماذج المناخية إلى أنه بحلول نهاية هذا القرن، ستكون القارة القطبية الجنوبية قد ارتفعت درجة حرارتها بدرجة أقل مقارنة بالقطب الشمالي.