سر "الجرافين".. ابتكار ورق حائط صديق للبيئة لتدفئة المنازل


سلمى عرفة
السبت 23 نوفمبر 2024 | 12:13 مساءً

مع قدوم فصل الشتاء يعود الحديث مجدداً عن وسائل التدفئة التي تتطلب كميات كبيرة من الطاقة التي يستهلكها العالم سنوياً للتغلب على برودة الطقس، لكنها تضيف أطناناً من انبعاثات غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، فتتفاقم المخاطر التي تهدد الكوكب.

وفقاً لإحصائيات الوكالة الدولية للطاقة "IEA"، فإن نحو 50% من الطاقة التي احتاجتها مباني العالم في عام 2022 استُهلكت في التدفئة أو تسخين المياه.

بديل صديق للبيئة

إحدى التجارب المثيرة التي يجريها العلماء للعثور على وسيلة تدفئة أكثر استدامة تشهدها حالياً المملكة المتحدة، ويأمل القائمون عليها أن تساهم في الاستغناء عن الطرق التقليدية، لا سيما عند الحصول على الكهرباء اللازمة لتشغيلها من مصادر طاقة نظيفة مثل الطاقة الشمسية.

وتساهم تدفئة المنازل بنحو 20% من حجم انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب بها المملكة المتحدة سنوياً، وفقاً لإحصائيات حكومية بريطانية.

وتطبق مدينة جلاسكو في إسكتلندا التجربة على مجموعة من المنازل القديمة التي بُنيت قبل عام 1919 والتي لا تتمتع بعزل جيد، بالاستعانة بورق حائط يحول الطاقة الكهربائية إلى حرارة تنبعث في أرجاء المنزل.

وتشتهر إسكتلندا -التي تتميز ببرودة طقسها- بقدم أعداد كبيرة من المباني وصعوبة عزل جدرانها، كما أن ما يزيد عن 80% من منازلها تعتمد على الطاقة غير النظيفة، حسبما نقل موقع "Interesting Engineering".

السر في الجرافين

وتدور فكرة المشروع الذي بدأ العمل عليه في إسكتلندا حول الاعتماد على أوراق حائط تحتوي على جرافين موصل للكهرباء.

في حديثه لـ"جرين بالعربي"، يشير الدكتور أحمد طه المحاضر في كلية "جيمس وات" للهندسة التابعة لجامعة جلاسكو في إسكتلندا، إلى أن الفكرة تعتمد على طباعة الجرافين على ورق الحائط، ليُكوّن طبقة رفيعة للغاية يبلغ سمكها ملليمتر، ثم إضافة شرائح النحاس على كل حافة من حواف اللوح، وعند توصيل اللوح بالكهرباء، يشع الجرافين الأشعة تحت الحمراء -أحد أشكال الضوء المنخفض الطاقة- والتي تعمل على تدفئة المكان.

المشروع تموّله مبادرة "Scotland Beyond Net Zero" التي تجمع خبراء المناخ والاستدامة من جامعات إسكتلندا المختلفة، كما يشارك فيه جامعتي جلاسكو، وستراثكلايد، وجمعية إسكان غرب إسكتلندا غير الربحية، ومجلس مدينة جلاسكو.

ويُشبه "طه" الإحساس بالحرارة التي تنطلق بفعل تلك التقنية بإحساس الخروج من الظل إلى منطقة مشمسة ومشرقة.

أما عن الاعتقاد بأن الاعتماد على تلك الألواح يساهم في تحسين جودة الهواء، فيشير الباحث إلى أنه لا يزال قيد البحث، لكن الفرضية المبدئية تعتمد على عدة أمور من بينها: أن الأشعة تحت الحمراء المنبعثة لن تساهم في تسخين الهواء، بل تسخين المقتنيات الموجودة في محيط المستخدمين، علاوة على مساهمتها في التخلص من الرطوبة والعفن.

يأمل "طه" أن تكون الفكرة مصدراً للإلهام، والمساهمة في الأفكار المستقبلية لتبني تلك التكنولوجيا في المنطقة العربية، ومختلف مناطق العالم، لكنه أكد أنها لن تكون حلاً قابلاً للتطبيق دون الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن الكهرباء المعتمدة على الطاقة التقليدية لا تخدم أهداف خفض الانبعاثات الكربونية، كما تفوق تكلفتها تلك المعتمدة على الغاز.

مزايا متعددة

وفقاً لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تشمل مزايا تلك الفكرة سهولة تركيب الألواح التي يمكنها تدفئة المكان خلال 3 دقائق فقط عند تشغيلها، ويمكن تركيبها في غرف دون أخرى، كما أنه لا يصدر عنها أي أبخرة ضارة تؤثر على جودة الهواء.

خطة مشابهة تشهدها مدينة نوتنغهام في إنجلترا، بالاستعانة بتلك الطريقة لتدفئة المباني التي يحتاج عزل جدرانها وتركيب مضخات حرارية بها إلى تكلفة ضخمة.

وفي تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية، يقول الدكتور مايك سيبرت، المحاضر في جامعة نوتنجهام، والمتخصص في البناء منخفض الكربون، إن كافة النتائج التي توصلوا إليها حتى الآن بشأن تلك الفكرة إيجابية، سواء المتعلقة بالصحة أو الأثر المناخي أو التكلفة، مضيفاً: "من الصعب العثور على أي جانب سلبي".