جزر وأراض صناعية رطبة في مهمة لإنقاذ النظم البحرية والتنوع البيولوجي


مروة بدوي
الاربعاء 30 أكتوبر 2024 | 05:27 مساءً

محاولات تلو الأخرى يختبر بها الإنسان قدرته على إصلاح ما أفسده عبر آلاف السنين، حيث تعتبر الأنشطة البشرية المسئول الأول عن تغير المناخ وتبعاته، ومن بين تلك المحاولات البشرية للحفاظ على الكوكب هي محاكاة النظم الايكولوجية الطبيعية والاستفادة من مزاياها لإنقاذ الحياة البرية والبحرية، وأبرزها توفير بيئة الأراضي الرطبة العائمة من صنع الإنسان.

الأراضي الرطبة الطبيعية 

أنظمة بيئية تعتمد على المياه التي تتحكم في كل مناحي الحياة النباتية والحيوانية المحيطة بها، وتشمل المياه العذبة مثل الأنهار والأنظمة البحرية والساحلية ومستودعات المياه الجوفية والمستنقعات والأراضي العشبية الرطبة والواحات ودلتا الأنهار ومسطحات المد والجزر وأشجار المانغروف والشعاب المرجانية.

تبلغ مساحة الأراضي الرطبة 6% فقط من مساحة الأرض والتي قد تعتقد أنها نسبة صغيرة من حكم الكوكب؛ لكنها تمثل المأوى لحوالي 40% من جميع أنواع النباتات والحيوانات بالعالم، وبالتالي فهي تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على التنوع البيولوجي وفي استمرار الأنظمة الايكولوجية الصحية والاستدامة البيئية.

جزر عائمة صناعية

أراض رطبة من صنع الإنسان مصممة لإضافة المزيد من موائل الأراضي الرطبة إلى المسطحات المائية لدعم النظام البيئي، وهي تشبه الجزيرة العائمة التي يجري تصميمها من عدة وحدات مثبتة مع بعضها البعض بمفاصل من الفولاذ المقاوم للصدأ، مع تزويدها بعوامات للتعامل مع ظروف المياه المتغيرة، حيث سيسمح لها التصميم بالارتفاع والانخفاض بما يتماشى مع مستويات المياه، وسيتم ربط الهيكل بجدار النهر.

يبلغ طول هيكل هذا النظام البيئي العائم نحو 16.5 متراً وعرضه 2.3 متر، حيث يتم زراعة النباتات المائية الأصلية لإنشاء موطن مزدهر للحياة البرية والثدييات الصغيرة، والمساعدة في تحسين جودة المياه وتوفير الظل تحت الماء للحيوانات.

ويجذب هذا الملاذ المُلقحات والحشرات المختلفة، ويساعد في دعم الكائنات الحية بما في ذلك الطيور، ويمكن أن تصبح جذور هذه النباتات مأوى ومكانًا لتغذية الأسماك.

وقال جوناثان دنت، من مؤسسة سانت نيكس غير الربحية، والتي تشارك في تنفيذ مشروع إطلاق أول نظام بيئي عائم في نهر "أوز" البريطاني، خلال حديثه إلى موقع "بي بي سي"، إن  النظم البيئية العائمة تعتبر بمثابة منشط للحياة، وتساعد في استعادة الوظيفة البيئية للأنهار، كما أنها تسمح للمجتمع المحلي بتجربة والاستمتاع بالحياة البرية داخل المدن الحضرية.

وأشار إلى أن هذه الجزر العائمة مصنوعة من مواد معاد تدويرها وغير سامة، وانهم يعملون على صيانتها بانتظام لضمان بقائها خالية من القمامة والتلوث للحفاظ على ضفة النهر.

فوائد نظام التهوية بالجزر العائمة 

تحدثت رئيسة فريق الحفاظ على البيئة في المتحف الوطني للأحياء البحرية "National Aquarium"، شارمين داهلينبورج، عبر الموقع الرسمي للمتحف حول مجال تصميم الأراضي الرطبة العائمة وتطوير نموذج يناسب المسطحات المائية العذبة وأهمية نظام التهوية الموجود في الجزر العائمة.

أوضحت شارمين داهلينبورج، أن تكاثر الطحالب البحرية ونموها السريع نتيجة للأنشطة البشرية الضارة، يؤدي إلى فترات طويلة من انخفاض الأكسجين، لأنه عندما تموت الطحالب يتم استهلاك الأكسجين أثناء تحللها، ومن المؤسف أن الحيوانات المائية تكافح من أجل البقاء في ظل هذه  الظروف الصعبة.

لذلك يوفر نظام التهوية الموجود في الأراضي الرطبة العائمة  بيئة صغيرة مفيدة للحياة البرية، حيث  تتراكم المئات أو الآلاف من الأسماك حول أجهزة التهوية حيث تكون درجات الحرارة أكثر برودة واستقرارًا وتكون مستويات الأكسجين المذاب بالماء أعلى بفضل نظام التهوية، مما يحقق الاستقرار للحيوانات في حال ساءت  جودة المياه بسبب انخفاض مستويات الأكسجين.

نماذج جزر عائمة صناعية

نهر تشارلز ريفر، في شمال شرق الولايات المتحدة، واحد من أنظف الأنهار الحضرية الامريكية، لكنه يتعرض لزيادة تلوث المغذيات بسبب هطول الأمطار الغزيرة، والتي أصبحت شائعة بشكل متزايد كأحد تداعيات تغير المناخ.

يمثل النهر سطحا لمياه المطر يلتقط الملوثات التي لا يمكن امتصاصها أو تصفيتها بشكل كاف، ويتم نقل هذه الملوثات مباشرة إلى داخل النهر فتغذي زهر البكتيريا الزرقاء التي انتشرت وبات من الصعب السيطرة عليها.

كان من المعتاد ان يتم التحكم في أزهار البكتيريا الزرقاء بواسطة العوالق الحيوانية، التي تتغذى على الطحالب الخضراء، لكن تعرض العوالق الحيوانية لضغوط شديدة من الأسماك المفترسة.

الصغيرة، وعدم وجود أماكن لجوء امنه تختفي فيها، يعطل السلسلة الغذائية  لأنه بدون العوالق الحيوانية تزدهر الطحالب الخضراء بشكل متزايد ويتوسع مدى انتشار البكتيريا الزرقاء

وقد تم إنشاء الأراضي الرطبة العائمة داخل النهر من اجل دعم النظام البيئي ومجموعة متنوعة من الأنواع بما في ذلك المحار والطيور والأسماك، وقد ساهمت بالفعل الأراضي الرطبة العائمة والنباتات المحلية التي تنمو عليها في استعادة صحة نهر تشارلز ريفر بطريقتين: 

1- جذور النباتات المحلية التي تمتد وتتغلغل اسفل الأراضي الرطبة العائمة تعمل على امتصاص تلوث المغذيات من الماء وتزيلها مما يقلل من التلوث الناتج عن الأمطار

2 - جذور هذه النباتات توفر موئلا للعوالق الحيوانية لتعيش وتتكاثر مما يسيطر على أعداد الطحالب الخضراء والبكتيريا الزرقاء.

أما في إنجلترا، فقد تم مؤخرا إطلاق أول "جزيرة عائمة" على نهر أوز سادس أنهار المملكة المتحدة طولا، الذي يتخلل مقاطعة يوركشاير في شمال شرق البلاد بهدف إنشاء موطن مزدهر للحياة البرية والمساعدة في تحسين جودة المياه.

كل مميزات هذه النظم البيئية العائمة، والتي تساعد الأنهار على مكافحة تداعيات التغير المناخي واضرار الأنشطة البشرية والحفاظ على التنوع البيولوجي، يجعلها تجربة ومحاولة بشرية مهمة لإنقاذ الكوكب الأزرق، واستغلالا لفوائدها يمكن تحويل هذه الجزر العائمة إلى أداة فعالة لمساعدة  الأنهار العربية على توفير الموائل للعوالق والأعشاب المائية والأسماك حتى  تتعافى من أضرار التلوث الذي يتسبب في حدوث خلل بيئي في أنظمة المياه العذبة وموت الكائنات الحية